شيغيرو إيشيبا.. عراب «الناتو الآسيوي» يحكم اليابان

اختار الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم باليابان شيغيرو إيشيبا زعيما جديدا، ما يمهّد الطريق لتولي مؤيد فكرة تشكيل "ناتو آسيوي" الحكم.

وتمكن إيشيبا، وزير الدفاع السابق، من التغلب على وزيرة الأمن الاقتصادي ساناي تاكايتشي في جولة الإعادة، ليقود رابع أكبر اقتصاد في العالم، خلفا لرئيس الوزراء المنتهية ولايته فوميو كيشيدا، في وقت يشهد تصاعد حدة التوترات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

• الورقة الأمريكية- الفرنسية لوقف الحرب في لبنان «تحرقها نيران غزة»

وحسم إيشيبا، 67 عاما، يوم الجمعة زعامة الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، في محاولته الخامسة.

ومن شبه المؤكد أن يصبح الفائز في انتخابات قيادة الحزب الحاكم رئيسا للوزراء، نظرا لسيطرة الحزب على مجلس النواب في البرلمان، وفق رويترز.

تحديات جمة

وبذلك، يخلف فوميو كيشيدا الذي أعلن الشهر الماضي اعتزامه التنحي وسط انخفاض قياسي في معدلات شعبيته.

وسيتعين على وزير الدفاع السابق أن يتعامل مع التقلبات الدولية الواضحة، حيث تتم إعادة تشكيل منطقة آسيا والمحيط الهادئ بسبب صعود الصين، واحتمالية فوز دونالد ترامب الذي شكك في قيمة الحلفاء الأمنيين مثل اليابان، برئاسة الولايات المتحدة.

ورغم إيمانه المطلق بأهمية التحالف الأمني الياباني مع الولايات المتحدة، يرى إيشيبا أن طوكيو بحاجة إلى لعب دور أكبر في التحالف، وأن يكون لها رأي أكبر في كيفية نشر القوات الأمريكية في اليابان.

كما دعا إيشيبا إلى مزيد من الحوار والدبلوماسية مع الصين، بدلاً من تشويه سمعة بكين. كما انتقد عبارة كيشيدا المتكررة التي استخدمها لحشد البلدان ذات التفكير المماثل ضد الصين بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا: "قد تكون أوكرانيا اليوم شرق آسيا غدًا".

"ناتو آسيوي"

إيشيبا من أشد المؤيدين للديمقراطية التايوانية، وقد اقترح إنشاء "حلف شمال الأطلسي الآسيوي" لمواجهة التهديدات الأمنية من الصين وكوريا الشمالية.

ويقول المحللون إن إيشيبا أظهر خبرته في قضايا السياسة الخارجية والدفاع، ولكن فكرة إنشاء نسخة آسيوية من حلف شمال الأطلسي أثارت شكوك العديد من المراقبين في واشنطن.

وقال شيوكو جوتو، مدير برنامج المحيطين الهندي والهادئ في مركز ويلسون في واشنطن: "لقد طرح أفكارًا - قد يقول البعض إنها جريئة، وقد يقول البعض الآخر إنها مثيرة للاهتمام - حول الترتيبات الأمنية اليابانية"، مضيفا "كانت فكرته حول الدفاع الجماعي في المنطقة جديرة بالملاحظة بشكل خاص. لكن سبل تحقيق ذلك هو سؤال آخر".

خلال الأسابيع الأخيرة، ظهر إيشيبا واحدا من ثلاثة متصدرين في سباق مزدحم لرئاسة الوزراء، مع وجود تسعة مرشحين في المنافسة.

وعُقدت الانتخابات المثيرة من جولتين. في الجولة الأولى، أدلى أعضاء الحزب البالغ عددهم 368 عضوًا في الهيئة التشريعية الوطنية و368 عضوًا عاديًا بأصواتهم. وحصد إيشيبا 215 صوتا في جولة الإعادة مقابل 194 صوتا لتاكايتشي.

وبعد فوزه بالتصويت، يتولى إيشيبا رئاسة الوزراء، بعد تراجع الثقة بحزبه والقيادة اليابانية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بسبب سلسلة من فضائح الفساد التي عصفت بولاية كيشيدا.

وفي معرض حديثه عن التحديات، قال إيشيبا إن الحزب الليبرالي الديمقراطي "يحتاج إلى تقديم تفسير مناسب للشعب" لقراراته، "ويجب أن يقبل الناس هذا التفسير".

ويُعرف السياسي المخضرم بأنه شوكة داخل الحزب لانتقاده كبار رجال الدولة، وكان الخيار الأول بين أنصار الحزب الليبرالي الديمقراطي الذين يريدون رؤية زعيم جديد "يطهر دنس السياسة القذرة"، وفقًا لاستطلاعات الرأي.

كما سيواجه إيشيبا مشهدًا اقتصاديًا صعبًا بعد جهود كيشيدا الفاترة لإنعاش الاقتصاد: ضعف الين، والتضخم، وتزايد الدين الوطني، وركود الأجور.

المسيرة السياسية

وكان إيشيبا، نجل وزير سابق في مجلس الوزراء، قد دخل السياسة بعد وفاة والده، وهو صريح بشأن مسيحيته، وهو أمر نادر بين الساسة اليابانيين، الذين يميلون إلى إبقاء آرائهم الدينية سرية.

لعقود من الزمان، كان إيشيبا معروفًا بتبنيه آراء متعارضة داخل الحزب الديمقراطي الليبرالي، وأبرزها، كناقد لرئيس الوزراء السابق شينزو آبي، أطول رئيس وزراء في اليابان ورجل دولة كبير في الحزب الديمقراطي الليبرالي.

وعندما تورّط العشرات من نواب الحزب الليبرالي الديمقراطي في فضيحة تمويل سياسي، اقترح إيشيبا استقالة كيشيدا لتحمله المسؤولية، وهو ما أثار ردود فعل عنيفة من زملائه. وفي نهاية المطاف استقال كيشيدا بسبب انخفاض الدعم الشعبي لقيادته في أعقاب تلك الفضائح.

وتظهر استطلاعات الرأي أن رئيس الوزراء الجديد يحظى بشعبية بين الجمهور بسبب استعداده لانتقاد حزبه وكبار قادته، ولكنه مكروه إلى حد كبير بين زملائه لنفس السبب.

وهو من مواليد توتوري، المحافظة الأقل اكتظاظا بالسكان في اليابان، وكان لفترة طويلة من دعاة إحياء المناطق الريفية. كما يتعهد بتحفيز النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص اقتصادية خارج العاصمة المكتظة طوكيو.