خلافة إمبراطور اليابان.. هل تغير الأميرة إيكو التقاليد؟
تتزايد المطالبات في اليابان بتعديل قانون الخلافة الإمبراطورية الذي يحصر العرش بالذكور فقط، مدفوعة بالشعبية الجارفة للأميرة إيكو، الابنة الوحيدة للإمبراطور ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو.
وخلال زيارة رسمية مؤخرا إلى محافظة ناغاساكي، تفوقت هتافات الجمهور الموجهة للأميرة البالغة من العمر 24 عامًا على تلك الموجهة لوالديها، في مؤشر واضح على مكانتها المميزة في قلوب اليابانيين، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتدبرس.
هذه الشعبية المتزايدة، إلى جانب الأزمة الديموغرافية التي تواجه العائلة الإمبراطورية المهددة بالانقراض، كانت سببا في عودة الجدل التاريخي حول أحقية المرأة في اعتلاء العرش، الذي يقتصر على الذكور فقط، ويضم وريثين محتملين فقط من الجيل الأصغر، هما الأمير هيساهيتو ووالده الأمير أكيشينو، مما يضع المؤسسة الإمبراطورية التي يعتقد أنها استمرت 1500 عام أمام تحد وجودي حقيقي.

وتجسد الأميرة إيكو، التي برزت كناشطة رسميًا في عام 2021، رمزًا للحداثة والذكاء والتواضع. وقد عززت زيارتها الرسمية إلى لاوس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كممثلة للإمبراطور، من صورتها العامة وقدراتها القيادية.
هذه الصفات، إلى جانب دماثتها في التعامل مع الجمهور وتفانيها في التعلم من دروس التاريخ كما يظهر في زياراتها إلى مواقع مثل ناغاساكي وأوكيناوا، غذت رغبة شعبية عارمة في رؤيتها ملكة مستقبلًا.
ورغم هذه المشاعر العامة، يقف سياسيون محافظون بحزم ضد أي تعديل دستوري، على رأسهم رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، استنادا إلى قانون العائلة الإمبراطورية لعام 1947، الذي رسخ قاعدة الخلافة الذكورية والتي سبق أن فرضت عام 1889، متجاهلين حقيقة أن التاريخ الياباني شهد 8 إمبراطورات حاكمات.
وفي المقابل، يرى المؤيدون للتغيير بأن التمسك بالنظام الحالي لا يعكس فقط نظرة مجتمعية متخلفة تجاه النوع الاجتماعي، بل ويُعرض استمرارية السلالة للخطر.
ولدعم حجتهم، يلجأ نشطاء إلى وسائل متنوعة، من نشر الكتب المصورة إلى الحملات على منصات التواصل الاجتماعي، بهدف زيادة الوعي العام وإحداث ضغط على المشرعين. وتلخص إحدى الناشطات القضية بقولها: "إذا لم تُمنح إيكو حق الخلافة، واستمر التمسك بالذكورية فقط، فإن العائلة الإمبراطورية ستنقرض."
في السياق ذاته، تبحث الحلول الرسمية المطروحة عن مخرج ضمن الإطار الذكوري التقليدي، مثل اقتراح تبني ذكور من الفروع الإمبراطورية المنقرضة أو السماح للأميرات بالاحتفاظ بألقابهن بعد الزواج من عامة الشعب لتخفيف العبء عن الأعضاء القلائل في العائلة.

لكن العديد من الخبراء يرون هذه الحلول غير كافية أو غير واقعية. ويحذر المؤرخون من أن هذه الأزمة هي مرآة لأزمة أوسع في اليابان، تتمثل في شيخوخة السكان والانخفاض الحاد في المواليد.
كما تواجه اليابان ضغوطًا دولية، حيث دعت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة إلى تغيير القانون لتحقيق المساواة بين الجنسين، وهو طلب رفضته الحكومة اليابانية باعتباره تدخلاً في شأن يمس "الهوية الوطنية الأساسية".
ويبقى مستقبل الخلافة الإمبراطورية معلقًا بين تيار التحديث والمطالبة بالمساواة، وبين قوى محافظة تتمسك بالتقاليد، في صراع يحدد ليس فقط مصير العرش، بل أيضًا صورة اليابان الحديثة في القرن الحادي والعشرين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز