باستثناء المظلات.. اليابان الأولى عالميا في إعادة المفقودات لأصحابها
في 2018، أعادت شرطة طوكيو 545 ألف بطاقة هوية و130 ألف هاتف و240 ألف محفظة لأصحابها، معظمها في نفس اليوم الذي فُقدت فيه
على الرغم من أن سكان العاصمة اليابانية طوكيو أكثر من 14 مليون نسمة وتضيع فيها ملايين المقتنيات سنويا، فإن أكثر هذه المقتنيات يعود إلى أصحابها، باستثناء المظلات.
وفي عام 2018، أعادت شرطة طوكيو 545 ألف بطاقة هوية و130 ألف هاتف محمول و240 ألف محفظة لأصحابها. وفي أكثر الحالات، استرد الناس مقتنياتهم في نفس اليوم الذي فقدوها فيه.
وأجريت دراسة للمقارنة بين أعداد الهواتف والمحافظ التي يسلمها الناس للشرطة في نيويورك وطوكيو، وخلص الباحثون إلى أن 88% من الهواتف المفقودة سلمها المواطنون في طوكيو إلى الشرطة، في حين لم يسلم مواطنو نيويورك إلا 6%، وبالمثل سلمت طوكيو 80% من المحافظ للشرطة، مقارنة بـ10% فقط في نيويورك، بحسب "بي بي سي".
وأرجعت "هيئة الإذاعة البريطانية" سبب حرص إعادة المفقودات في اليابان، إلى وجود أقسام شرطة صغيرة منتشرة في أحياء المدن اليابانية، تسمى "كوبان"، فالقسم على مرمى حجر منك، حيث تضم طوكيو نحو 97 قسم شرطة صغيراً لكل 100 كيلومتر مربع مقارنة بـ11 قسما فقط لكل 100 كيلومتر مربع في لندن.
كما لفتت "بي بي سي" إلى اختلاف صورة ضباط الشرطة في أقسام اليابان تلك، عن أي مكان آخر، إذ اشتهر الضباط أنهم ودودون، فيوبخون المراهقين إذا أساؤوا التصرف ويساعدون العجائز في عبور الشارع، بل يمكن أن يهاتف الضباط العجائز في منطقتهم للاطمئنان عليهم، بحسب ماساهيرو تامورا، المحامي وأستاذ القانون بجامعة كيوتو سانجيو.
ويوضح ماساهيرو تامورا، أن المجتمع الياباني يحرص على تعليم الأطفال أهمية تسليم المقتنيات المفقودة أو المنسية للشرطة، حتى لو كانت هذه الممتلكات عملات معدنية. ويتعامل ضابط الشرطة مع العملة المعدنية التي يسلمها له الطفل بجدية، فيحرر البلاغ، ويحتفظ بها في عهدته، ثم يعيدها للطفل كمكافأة.
ولكن المظلات في اليابان تختلف عن سائر المفقودات. فمن بين 338 ألف مظلة مفقودة، أعيد 1% منها فقط إلى أصحابها، أما الغالبية العظمى فقد ادعى الأشخاص الذين عثروا عليها أنها ملك لهم.
يقول ساتوشي، أحد سكان طوكيو سابقا، إنه كان يحتال على قسم المفقودات للحصول على مظلة إذا هطلت الأمطار دون سابق إنذار. وكان ساتوشي يصف للحارس مظلة ذات مواصفات معتادة كتلك التي تباع في جميع المتاجر، ودائما كان يحصل على واحدة.
مارك ويست، أستاذ القانون بجامعة ميشيغان، والخبير بالقانون الياباني، يرى أن الناس في اليابان يعيدون المفقودات احتراما للقوانين والأعراف، وليس لأنهم أمناء بالفطرة، لافتاً إلى أن مفهوم "المشاع" لا يعرفه أحد في اليابان، إلا فيما يتعلق بالمظلات، التي يعتبرها الكثيرون متاحة للجميع ما لم يُحكم صاحبها ربطها.
ويؤكد ويست أن المظلات البلاستيكية منتشرة ورخيصة في طوكيو، إلى درجة أن الكثير من اليابانيين يعتبرونها متاحة لمن يريدها.
وترى كازوكو بيرنز، اختصاصية نفسية من معهد بوليتكنيك بجامعة نيويورك، أن اليابانيين يلتزمون بإعادة المفقودات إلى أصحابها لا بسبب الأمانة المترسخة، لكن بسبب انتشار أقسام الشرطة واحترامهم للتقاليد والأعراف التي تحث الناس على وضع الآخرين في المقدمة. لكن على أية حال، قد يجدر بك إذا مررت بقسم شرطة "كوبان" في اليابان أن تدخل لتلقي التحية على الضباط الذين يقومون بعملهم على أكمل وجه.