جواهر القاسمي: يجب إدراج سبل مكافحة الأمراض غير المعدية في سياسات التنمية
الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي تؤكد أن منظمة الصحة العالمية تعرّف الأمراض غير المعدية بأنها الخطر الأكبر على مساعي التنمية.
أكدت قرينة حاكم الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الرئيسة المؤسسة لجمعية أصدقاء مرضى السرطان سفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان للإعلان العالمي للسرطان، أن الخطوة الأولى لمحاصرة الأمراض غير المعدية التي تهدد التنمية المستدامة هي إدراج سبل مكافحتها في سياسات التنمية؛ بحيث تؤسس هذه السبل لخطط وطنية وعالمية عامة تتشارك فيها المؤسسات الطبية والأكاديمية والاجتماعية.
جاء ذلك خلال كلمة ألقتها في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي للأمراض غير المعدية للأطفال واليافعين الذي تستضيفه إمارة الشارقة وتنظمه جمعية أصدقاء مرضى السرطان بالتعاون مع تحالف منظمات الأمراض غير المعدية للأطفال على مدار يومين في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، بمشاركة أكثر من 200 خبير ومختص في القطاع الصحي والوقائي للأمراض غير المعدية من كبار مسؤولي المنظمات والهيئات الدولية، إلى جانب مجموعة من الشباب واليافعين من جميع أنحاء العالم الذين يسردون قصصهم وتجاربهم مع الأمراض غير المعدية.
وأشارت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إلى أن منظمة الصحة العالمية تعرّف الأمراض غير المعدية بأنها الخطر الأكبر على مساعي التنمية واعتبرتها السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، داعية إلى خطة أساسها التوعية والوقاية وتعزيز القدرات الطبية، إلى جانب السعي المتواصل نحو تغيير نمط حياة الأفراد، مؤكدة أن الوقاية من هذا النوع من الأمراض تتعلق بخيار الفرد في تحديد نمط حياته.
ولفتت خلال كلمتها إلى أن معظم المجتمعات حول العالم تعاني اليوم من انتشار بعض الأنماط التي تؤدي إلى المزيد من الأمراض غير المعدية كالخمول البدني والتدخين بجميع أشكاله والبدانة والغذاء غير الصحي، وتساءلت عن الحل العلمي والممكن لتغيير أنماط حياة الأفراد، ومن أجل الإجابة عن هذا السؤال ينعقد هذا المؤتمر اليوم ويشارك فيه نخبة من الخبراء والمختصين وصناع القرار لوضع أسس عملية لمهمتنا الرئيسية في هذا اللقاء، وهي التوافق على إطار عمل يساعد في وضع خطط فعالة وقابلة للتنفيذ، تحد من انتشار هذه الأمراض وتعزز الوعي بسبل الوقاية منها.
وطرحت خمس قواعد يمكن أن تكون اللبنات الأساسية لأي خطة عمل هدفها الحد من تداعيات الأمراض غير المعدية على الأطفال، مشيرة إلى أن القاعدة الأولى التي قد ترسي ملامح هذا الإطار تبدأ من تفعيل دور العائلة، لافتة إلى أن تثقيف العائلات بأهمية غرس مسلكيات صحية لدى أبنائهم تسهم في تعزيز سياسات الوقاية العامة وتعريفهم بأنواع الأمراض التي تستنزف المجتمعات وتكلفها أهم ما تملك وهي حيوية مواردها البشرية.
وأضافت أن القاعدة الثانية من إطار العمل تتعلق بالمؤسسات الأكاديمية؛ حيث تعتبر مسؤولة بشكل مباشر عن تأسيس ثقافة الأطفال وتحديد أنماط حياتهم، مما يجعل من شراكتها في غاية الأهمية، لإنجاح أي خطة أو سياسة وطنية وعالمية لمكافحة مسببات الأمراض غير المعدية.
والقاعدة الثالثة هي المؤسسات الاجتماعية التي لها تأثير كبير في تشكيل ثقافة المجتمع وتوعيته بمخاطر الأمراض غير المعدية، من خلال إطلاق المبادرات وتصميم حملات التوعية ورعاية الفعاليات الوطنية، التي تحافظ على بقاء المجتمع، متنبهاً ومراقباً لسلوك أفراده الصحية.
وحول محور القاعدة الثالثة، قالت الشيخة جواهر القاسمي: "اهتمت إمارة الشارقة بإطلاق مبادرات وتأسيس عدد من المؤسسات التي تعني بالمصابين بالأمراض غير المعدية كجمعية أصدقاء مرضى السرطان وجمعية أصدقاء مرضى الكلى وجمعية أصدقاء السكري وأصدقاء مرضى التهاب المفاصل، وأن تلك جمعيات أُنشئت لتقديم الدعم اللازم للمرضى حرصاً منا على مساندتهم وتقديم العون لهم للتعامل الأمثل مع المرض وأعراضه".
وأضافت: "كما تم إنشاء إدارة التثقيف الصحي عام 2008 التي بدورها تقوم بتوعية أفراد المجتمع بجميع فئاته حول الصحة العامة ومخاطر الأمراض وسبل الوقاية منها؛ حيث شملت تلك الحملات أنشطة عديدة لتوعية العائلات والأطفال في مدارس الإمارة وتستمر في نشر الوعي عبر تنظيم مبادرات مجتمعية متنوعة بالشراكة مع أفراد المجتمع والمؤسسات الصحية الأخرى ومستشفيات الإمارة بهدف ترك أثر صحي إيجابي على المجتمع، وخلق بيئة توعوية لهم تمكن المريض وعائلته من التعايش مع كل مرض، والإلمام بالطرق العلاجية الصحيحة، وهذا ما تهدف إليه إدارة التثقيف الصحي والجمعيات الداعمة للصحة".
وأشارت إلى أن القاعدة الرابعة هي المؤسسات الرسمية التي يقع على عاتقها وضع الخطوط المفصلة لخطة عمل وطنية مستمرة ومرتبطة بمدة زمنية معينة إلى جانب مساهمتها في دعم ورعاية الأبحاث والدراسات العلمية، ووضع أسس لمراقبة ومتابعة تقدم الأمراض أو تراجعها، أما القاعدة الخامسة فبينت أنها تتمثل في التركيز على تطوير ثقافة ونظم الرعاية التلطيفية للأطفال المصابين، وتدريب كوادر متخصصة للتعاطي مع هذه الحالات ومد الأهالي بالمعلومات والإمكانيات اللازمة للتعامل مع أطفالهم المصابين وتمكينهم من تحمل أعباء المرض النفسية والمعنوية.
وأوضحت أن في الشارقة يؤمن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأن الإنسان هو أغلى ثروة تملكها البشرية وأن النشأة الصحية للأطفال تشكل بداية طريق الحفاظ على هذه الثروة، لذلك تدعم استراتيجيات الإمارة التوجه الوقائي والصحي لأنماط الحياة، من خلال مبادرات التحفيز التي تطلقها مؤسسات الشارقة وكثيرة هي المبادرات الصحية التي كانت الشارقة سباقة فيها على مستوى المنطقة، وكثيرة كانت إيجابية نتائجها على مجتمع الإمارات.
واختتمت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي كلمتها قائلة: "تستثمر الأمم في أبنائها فيردون الجميل من خلال العمل على حمايتها وازدهارها، ونحن اليوم نجتمع لتسخير مواردنا لنقدم من خلالها لأبنائنا طفولة جميلة وصحية وسعيدة تؤسس لمستقبل صحي في ثقافته ووعيه وعلاقاته مستقبل يحمل لنا ولهم كل ما نتمناه من خير".
وأكدت سوسن جعفر، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، أن استضافة الشارقة لمنتدى الأمراض غير المعدية للأطفال واليافعين، يعكس حرص الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، على صحة وسلامة الإنسان وحيوية المجتمع واستقراره.
وأضافت: "بعد أن كان للشارقة السبق في تنظيم المنتدى العالمي الأول لتحالف منظمات الأمراض غير المعدية في عام 2015 الذي حمل اسم (المناصرة والمسؤولية تجاه الأمراض غير المعدية)، الذي أعقبه تنظيم نسخته الثانية في عام 2017 تحت مسمى (تسريع وتيرة مكافحة الأمراض غير المعدية وإحداث فرق في 2018)، ها هي الإمارة الصديقة للأطفال واليافعين تبادر كعادتها دائماً، وتطلق أول منتدى عالمي يناقش الأمراض غير المعدية للأطفال".
وتابعت: "يصادف هذا العام مرور 20 عاماً على تأسيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان.. 20 عاماً من العمل على توعية المجتمع المحلي والإقليمي بكيفية الوقاية من أمراض السرطان، ومكافحتها عبر سلسلة من النشاطات الدورية والمبادرات التي تدعم هذا الهدف.. 20 عاماً عملنا خلالها على تقديم العلاج والدعم النفسي للمرضى وعائلاتهم، عززنا فيها شراكتنا مع مؤسسات دولة الإمارات، ليكون الوعي بسبل الوقاية جزءاً من الثقافة ثقافة الأفراد والمجتمع".
واستطردت: "انسجاماً مع الاستراتيجية الشاملة التي يستند إليها عملنا في جمعية أصدقاء مرضى السرطان، نضع الأمراض غير المعدية ومن ضمنها الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال واليافعين على قائمة اهتمامنا، وهو ما دفعنا قبل سنوات لإطلاق مبادرة (أنا)، التي تعمل على نشر التوعية بالمؤشرات السبعة المصاحبة لسرطانات الأطفال ومبادرة (عربة المرح) التي تعمل على بث الأمل في نفوسهم ونفوس أسرهم من خلال دعمهم معنوياً".
ولفتت الى أن اهتمام الجمعية بسرطانات الأطفال لم يتوقف بإطلاق مبادرة "أنا"؛ حيث نظمت الجمعية في يناير/كانون الثاني 2018 ملتقى تسهيل الوصول إلى الضروريات والأساسيات العلاجية العالمية لأورام الأطفال "بورتاج الشارقة" بمشاركة كبار مسؤولي المنظمات والهيئات الدولية والأطباء والخبراء الصحيين من مختلف دول العالم.
وأكدت أن تنظيم منتدى الأمراض غير المعدية للأطفال واليافعين الأول من نوعه عالمياً يعد استكمالاً لجهود الجمعية في مكافحة سرطان الأطفال، لافتة إلى أن الجمعية تسعى من خلاله إلى تحقيق جملة من الأهداف والغايات؛ حيث سيبحث في تأثير العوامل غير الطبية على إصابة الأطفال بالأمراض غير المعدية، وفي مقدمتها دور الأسرة في توفير بيئة صحية ووضع أجندة تهدف إلى تعزيز الاستجابة الوطنية للأمراض غير المعدية، التي تتمحور حول التغذية والنشاط البدني.
وقدمت الدكتورة ميشيل فارمر، رئيس تحالف الأمراض غير المعدية للأطفال، شكرها لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، لإتاحتها هذه الفرصة للتشارك معاً الرأي وتبادل وجهات النظر حول السبل الفعالة للتصدي للأمراض غير المعدية بين الشباب، لا سيما أن هذه الأمراض تودي بحياة الملايين من الناس حول العالم في كل عام، في الوقت الذي كان من الممكن فيه تجنب الإصابة بهذه الأمراض من خلال اتباع أنماط حياة صحية للاستمتاع بالحياة مع أسرهم.
وقالت: "الإحصائيات تشير إلى أن ما يزيد على 40 مليون شخص يموتون كل عام بسبب الأمراض غير المعدية، بينهم أكثر من 1.5 مليون من الأطفال والمراهقين والشباب، ما يستدعي منا جميعاً القيام بإجراءات شجاعة وجريئة للحد من هذه الوفيات، ونحن نجتمع هنا اليوم لنتبادل الأفكار حول سبل الوقاية من الأمراض غير المعدية وطرق التدخل المبكر لخفض عدد الوفيات الناجمة عنها، لا سيما أن هناك العديد من الحلول العملية التي يمكنها أن تسهم في تحسين نوعية الحياة للمصابين بهذه الأمراض وأسرهم".
وأكملت ميشيل فارمر: "ونحن نركز على الأمراض غير المعدية لا بد أن نأخذ بالاعتبار الظروف المعيشية وأنماط الحياة غير الصحية التي تؤدي إلى الإصابة بهذه الأمراض على صعيد الأسرة والمجتمع؛ حيث ينبغي لنا أن نسلط الضوء على كيفية تأثير هذه الظروف على حياتنا اليومية، وطرح الأسئلة حول أنماط حياتنا وممارساتنا اليومية سواء في مكان العمل أو البيئة المحيطة، بنا من أجل التعرف على الأسباب والظروف المرتبطة بأنماط المعيشة والممارسات الحياتية اليومية ومدى تأثيرها على الصحة بشكل واسع النطاق".
وشهدت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي أولى جلسات المنتدى التي جاءت تحت عنوان "الأمراض غير المعدية كقضية عائلية" شارك بها كل من الناجية اليافعة فيكتوريا واتسون، محلل سياسات صحية في المركز الأمريكي للصحة والمساواة بين الجنسين في العاصمة الأمريكية واشنطن، والناجي سيدني تشاهونيو، رئيس مجلس مؤسسة الأمل لمكافحة سرطان الأطفال في كينيا، ووندو بيكلي، معلم سابق، وأب لطفل إثيوبي توفي بالسرطان، والدكتورة زيبورا علي، طبيبة بمستشفى كينيا ومختصة رعاية صحية بمجلس الرعاية الصحية، وأدارتها الدكتورة ابتهال فاضل، الرئيس المؤسس للتحالف الإقليمي لمنظمات الأمراض غير المعدية في منطقة شرق المتوسط.
وناقشت الجلسة حزمة من الموضوعات من بينها اليافعين والأمراض غير المعدية وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية وتحديات العائلة والمجتمع ورأي الأسر بخصوص أثر الأمراض غير المعدية على أفراد العائلة ومقدمي الرعاية الصحية وحلول الأمراض المزمنة والمعقدة، كما بحثت في العوامل والتحديات التي تؤثر على العائلات التي تتعامل مع الأمراض غير المعدية وتقييم الحلول الخاصة بذلك.
وسبق الجلسة الافتتاحية للمنتدى عقد جلسة نقاشية حملت عنوان "البوابة الإلكترونية لمنظمة الصحة العالمية وأهدافها" شارك بها كل من جاك فيشر وسميرة حسن، وسلطت الجلسة الضوء على المميزات الرئيسية للبوابة الإلكترونية، وكيف يمكن استخدامها لدعم قادة المستقبل من اليافعين على مستوى محلي وعالمي.
وتحتوي "البوابة الإلكترونية لمنظمة الصحة العالمية" على معلومات مستفيضة عن الأمراض غير المعدية ومعلومات وإحصاءات حول هذه الأمراض في كل دولة، وتهدف إلى تشجيع جميع فئات المجتمع من أفراد ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني وأكاديميين لمشاركة المعلومات حول الأمراض غير المعدية وتبادل وجهات النظر حولها من خلال نقشات افتراضية توفرها البوابة.
ويسعى منتدى الأمراض غير المعدية للأطفال إلى العمل على إطلاق أجندة تهدف إلى تعزيز الاستجابة الوطنية للأمراض غير المعدية التي تتمحور حول التغذية والنشاط البدني، والحد من استهلاك التبغ والخروج بمقترح لاستراتيجية تبرز مدى أهمية الاهتمام بمكافحة الأمراض غير المعدية، لتشمل مسكنات الآلام والرعاية التلطيفية.
كما سيركز المنتدى على تقييم الدور الذي تقوم به حملات الدعم والمناصرة وتحديد الفرص أمام بروز قيادات شبابية ممن سبق لهم الإصابة بهذه الأمراض لمشاركة تجاربهم السابقة، وتمكينهم ليصبحوا قادة مؤثرين في جهود الدعم والمناصرة، للتصدي لهذه الأمراض، إضافة إلى إبراز أهمية الرعاية التلطيفية ومسكنات الآلام في التخفيف من معاناة المصابين بهذه الأمراض.
ويناقش المنتدى حملات التوعية بالأمراض غير المعدية المبنية على قصص شخصية، وتحليل مدى تأثير البيانات والإحصائيات على الخطط الوطنية لمكافحة سرطانات الطفولة، وبرامج الرعاية التلطيفية إضافة إلى تقييم دور وأهمية جميع أهداف التنمية المستدامة، باعتبارها مؤشرات دقيقة لقياس مدى تمتع المجتمعات بالصحة.