قمة جدة حول أوكرانيا.. جهود سعودية لتهيئة الظروف لمفاوضات مثمرة
اعتبرتها كييف صعبة، وطالبتها موسكو بمراعاة "الحقائق الإقليمية الجديدة"، على أنغام المخاوف الأوكرانية والآمال الروسية، لملمت قمة جدة، التي عقدت يوم السبت، أوراقها، دون بيان ختامي.
ووفقًا لـ"استراتيجية السعودية متعددة الأقطاب"، استضافت جدة، يوم السبت، محادثات حول الحرب في أوكرانيا، ضم ممثلين لنحو 40 دولة، في مدينة جدة الساحلية، واختتمت بعد ساعات عدة من انطلاقها.
وتقول مصادر لوكالة "فرانس برس"، إن قمة جدة، اختتمت كما كان متوقعا، دون إصدار أي بيان ختامي، مشيرة إلى أن بعض الوفود تعتزم المشاركة في اجتماعات ثنائية الأحد في جدة.
وتحدث مصدر أوروبي عن مساحة تفاهم حول النقاط الرئيسية، خصوصاً احترام "وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها"، على أن يكون هذا الأمر "في صلب أي اتفاق سلام".
فيما أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي، بأن "الجهود تتضافر لتهيئة الظروف لمفاوضات منتجة"، مضيفا: "هل اجتماع اليوم يخلق هذه الظروف؟ الواضح أنه لا. إنه جهد طويل الأمد".
وعن محادثات جدة، قال مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الاجتماعات في جدة ستركّز على صيغة للسلام التي تطالب بالعودة لحدود أوكرانيا السابقة، بما في ذلك أراضي القرم التي ضمتها روسيا منذ عام 2014.
إلا أن موسكو التي لا تشارك في اجتماعات جدة قالت إنّ أي مفاوضات يجب أن تأخذ في الحسبان "الحقائق الإقليمية الجديدة".
طريق السلام طويل
تأتي المحادثات في جدة في أعقاب اجتماعات أجريت في يونيو/حزيران الماضي في كوبنهاغن، ولم يصدر في ختامها بيان رسمي.
وبحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ترأس وفد واشنطن في جدة.
وفي كلمته المسائية السبت، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن 42 دولة تتمثل في جدة، مشيرًا إلى أن الوفد الأوكراني يدفع بصيغته للسلام المكونة من 10 نقاط والتي تدعو إلى الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
وفي حين لم تتوقع واشنطن حدوث انفراجة كبيرة أو بيانات مشتركة، قال دبلوماسيون لـ"فرانس برس"، إن الاجتماعات هدفت إلى إشراك مجموعة من الدول في نقاشات حول الطريق نحو السلام، لا سيما أعضاء كتلة "بريكس" مع روسيا التي تبنت موقفًا أكثر حيادا بشأن الحرب على عكس القوى الغربية.
من جهتها، شاركت الصين في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي. وأبدت بكين تصميمها على "مواصلة أداء دور بنّاء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية".
كما أرسلت الهند وجنوب إفريقيا مسؤولين إلى جدة، في حين قالت وسائل إعلام برازيلية إن تسيلسو أموريم المستشار الخاص للشؤون الدولية للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، شارك عبر الفيديو.
لكن البرازيل اعتبرت السبت أن "أي تفاوض فعلي يجب أن يشمل جميع الأطراف" بمن فيهم روسيا، مشيرة إلى أنه "رغم أن أوكرانيا هي الضحية الأكبر، إذا أردنا السلام فعلا، علينا أن نشرك موسكو في هذه العملية في شكل أو في آخر".
استراتيجية توازن كلاسيكية
وأبرزت اجتماعات جدة "استعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم"، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية مساء الجمعة.
ورأى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام عمر كريم أنّ الرياض تبنّت "استراتيجية توازن كلاسيكية" يمكن أن تخفّف من وطأة أي موقف روسي مناهض لاجتماعات جدة.
وتستند السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، إلى علاقاتها مع الجانبين الأوكراني والروسي، للسعي إلى أداء دور وسيط في الحرب التي مضى عليها الآن ما يقرب من عام ونصف العام. وفي مايو/أيار الماضي، استضافت المملكة فولوديمير زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية في جدة.
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد "مجموعة الأزمات الدولية "جوست هيلترمان إنّه "من خلال استضافتها للاجتماع (حول أوكرانيا)، تريد السعودية تعزيز محاولتها لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات".
وأضاف أن الرياض "تريد أن تكون في الخندق ذاته مع الهند أو البرازيل، لأن هذه القوى الوسيطة إن عملت كفريق فيمكن أن تأمل في أن يكون لها تأثير على المسرح العالمي كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة".
من جهته، رأى المحلل السعودي المقرب من الحكومة علي الشهابي أن "هذه المحادثات هي مثال رئيسي على نجاح استراتيجية السعودية المتعددة الأقطاب في الحفاظ على علاقات قوية مع أوكرانيا وروسيا والصين".
aXA6IDMuMTQ1LjguMiA= جزيرة ام اند امز