يومًا بعد يوم تبرز الأهمية الاستراتيجية لمنطقتنا العربية، ولعل قمة جدة للأمن والتنمية خير دليل على ذلك.
فبمشاركة عربية واسعة إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية جاءت قمة جدة لتبرهن من جديد على أهمية المنطقة سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وهو ما ظهر بوضوح خلال مخرجات القمة والبيان الختامي الصادر عنها.
إذ عكست اللقاءات الثنائية للرئيس الأمريكي جو بايدن مع قادة العرب المشاركين، مصر والأردن والعراق، فضلا عن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إدراك واشنطن لقيمة دول المنطقة وثقلها السياسي، حيث عقد "بايدن" لقاءات مع رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، فضلا عن لقاء مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وقد خرجت بيانات مشتركة عن تلك الاجتماعات عكست توافقا عربيا أمريكيا في العديد من قضايا المنطقة والعالم.
كما أكد البيان الختامي لقمة جدة للأمن والتنمية حرص القادة على انعقاد اجتماعهم مجددًا في المستقبل، ودعمهم جهود تحقيق الاستقرار في السودان واستكمال وإنجاح المرحلة الانتقالية ومساندة الخرطوم في مواجهة التحديات، وكذلك دعمهم سيادة لبنان وأمنه واستقراره وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي.
ومن الناحية الاقتصادية، أظهرت اجتماعات جدة الدور البارز للمنطقة في استقرار الاقتصاد العالمي، والحد من تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية عليه، والسيطرة على ارتفاع أسعار النفط، إذ رحب القادة بقرار أعضاء "أوبك +" الأخير بزيادة الإنتاج لشهري يوليو وأغسطس، وعبروا عن تقديرهم لدور السعودية القيادي في تحقيق التوافق بين دول "أوبك +".
أمنيًّا، اتفق القادة على أهمية استقرار المنطقة، والحفاظ على سيادة دولها واستقلالها ومجابهة المرتزِقة، الذين يسعون إلى العبث بمقدرات شعوب المنطقة، داعين إيران إلى "التعاون الكامل لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل وللحفاظ على الأمن والاستقرار إقليميًا ودوليًا".
لقد أثبتت القمة أنه لا غنى عن دور بارز لدول المنطقة في القضايا العالمية كافة، أمنيا واقتصاديا، مرورا بالحفاظ على المنطقة خالية من الإرهاب والمليشيات المسلحة، ولعل تصريحات وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خير دليل على نضوج العمل العربى المشترك، وبزوغ الدور العربي دوليا حين قال: الدول العربية أصبحت تتعامل مع ملفاتها بنفسها، وتضع أجنداتها بنفسها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة