أزعور من أروقة صندوق النقد لأزقة لبنان.. زخم يضع "حزب الله" في الزاوية
يوما بعد يوم يكتسب طرح اسم وزير المالية اللبناني الأسبق جهاد أزعور كمرشح توافقي للرئاسة زخما في بلد يعاني استقطابا حادا.
وقبل يومين من جلسة جديدة للبرلمان اللبناني مخصصة لانتخاب رئيس للبلاد بعد فشل 11 جلسة سابقة، يسحب الزخم المتواصل الذي يحظى به أزعور البساط من تحت أقدام الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل اللذين طرحا سليمان فرنجية كمرشح عن تيارهما.
وطرح اسم جهاد أزعور، منذ عدة أشهر، بين عدة أسماء، من قبل زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كـ"مرشح توافقي" من خارج التيارات والاستقطابات.
فضمن مبادرته لـ"إخراج انتخاب رئيس للجمهورية من الدوران في حلقة مفرغة بالتوافق على مرشح لا يشكل تحدياً لأحد"، طرح جنبلاط يناير/كانون الثاني الماضي، على حزب الله والقوى السياسية، أسماء 3 مرشحين، وهم: قائد الجيش العماد جوزيف عون، والنائب السابق صلاح حنين، ووزير المال الأسبق جهاد أزعور. ولم يعلق الحزب وقتها على الأسماء لا سلباً ولا إيجاباً.
لكن ترشح أزعور اكتسب أهمية استثنائية خاصة حين تم تداوله باعتباره مرشحاً محتملاً يحظى بقبول الكتل المسيحية وبعض المستقلين والتغيريين، في مقابل مرشح حزب الله.
وقبل أيام، أعلنت أحزاب "القوات اللبنانية"، و"الكتائب"، وعدد من النواب المستقلين والتغيريين، إضافة إلى خصمهم السياسي "التيار الوطني الحرّ"، في مؤتمر صحفي، من منزل النائب ميشال معوض، التوافق حول دعم الوزير أزعور كـ"مرشح وسطي غير استفزازي" للرئاسة.
وفي وقت سابق (أمس الخميس)، حسم "اللقاء الديمقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط وفي حضور الزعيم الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، الموقف من السباق الرئاسي، فأعلن بوضوح دعم جهاد أزعور.
وبموقف المعارضة وتقاطعها مع التيار الوطني الحر حول دعم وزير المال الأسبق، بات لبنان قاب قوسين من انتخاب رئيس جديد "صنع في لبنان"، ينهي أزمة الفراغ الرئاسي الممتد منذ انتهاء فترة رئاسة ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويقطع الطريق أمام مرشح حزب الله وحلفائه زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
فمن هو جهاد أزعور؟
شغل جهاد أزعور (57 عاما) المولود في الضنية شمال لبنان، بين عامي 2005 و2008 منصب وزير المال في الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة، ويتقلد حاليا منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وهو المنصب الذي علّق عمله مؤقتاً به للتفرغ للاستحقاق الرئاسي.
وخلال فترة توليه وزارة المال نسق، بحسب صفحة صندوق النقد الدولي، "تنفيذ مبادرات مهمة للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبية والجمركية اللبنانية"، كما سبق أن شارك في إعداد مؤتمري باريس 1 و2.
وخلال الفترة السابقة على عمله وزيراً للمال، ثم الفترة اللاحقة لها، تولى أزعور مناصب عدة في القطاع الخاص، منها كما أورد "صندوق النقد" "عمله في شركة ماكينزي وبوز آند كومباني، حين كان نائبا للرئيس والمستشار التنفيذي الأول.
وقبل انضمامه إلى الصندوق في شهر مارس/آذار عام 2017، كان مديرا شريكا في شركة إنفنتيس بارتنرز للاستشارات والاستثمار.
وحاز أزعور القادم من عالم المال والأعمال دكتوراه في العلوم المالية الدولية، ودرجة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية، من معهد الدراسات السياسية في باريس، وله أبحاث تتّصل بالاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالمي في جامعة هارفارد.
ويمتلك أزعور، بحسب ما أشار البيان المشترك لقوى المعارضة، التي دعمته: "مواصفات شخصية ومهنية وسياسية، ويتمتع بفرصة جدّية للوصول إلى سدة الرئاسة، وبقدرة على مساعدة لبنان للخلاص من الأزمة التي نحن فيها"، إذ يعرف عنه تمكّنه من نسج شبكة علاقات واسعة عربياً ودولياً، إضافة إلى علاقته الوطيدة مع البطريركية المارونيّة.
كما أكد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، فؤاد السنيورة، في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، أن أزعور حين كان جزءا من حكومته، قام بدور هام في وزارة المالية، ولاحقا حصد مناصب عديدة مرموقة، ولديه خبرة كبيرة في الاقتصاد، يمكن أن يستخدمها لمصلحة لبنان.
وذهب السنيورة إلى أن "الدكتور أزعور لديه الكفاءة والتجربة وكل الصفات التي تؤهله ليكون رئيسا للجمهورية".
ومما يعزز مكانة أزعور، بنظر الأطراف الداعمة له من قوى المعارضة، أنه ينحدر من أسرة سياسية، لكونه ابن شقيقة السياسي الراحل النائب السابق جان عبيد، الذي بقي اسمه مطروحا لعقود كمرشح توافقي تربطه علاقة جيدة بمختلف الأطراف اللبنانية.
لكن طريق أزعور نحو قصر بعبدا ليس مفروشا بالورود، حيث لا يحظى حتى الآن بالإجماع المطلوب لانتخابه رئيسا للبلاد، في ظل رفض حزب الله وحركة أمل الشديد له، وإصرارهما على وضعه في خانة "مرشح التحدي".
ونقلت في هذا الصدد مصادر عن حزب الله، بأن انتخاب وزير المال السابق لمنصب رئاسة الجمهورية "لن يمر"، وفقا لما أعلنته وسائل إعلام محلية.
وقالت المصادر، إن "حزب الله ما زال على موقفه الداعم لمرشح تيار المردة سليمان فرنجية لآخر نفس وليست لديه الخطة باء".
وذهب النائب عن حزب الله حسن فضل الله، إلى القول، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية "لا تتعبوا أنفسكم وتهدروا الوقت، فلن يصل مرشح التحدي والمواجهة إلى بعبدا أيا يكن اسمه".
ولا يقف الأمر عند حد اعتراض حزب الله وحركة أمل على أزعور، بل إن هناك انقساما واضحا بين نواب قوى التغيير (13 نائبا) حول دعم أزعور، بعد رفض عدد من النواب التكتل للأخير.
وقضى اللبنانيون 7 أشهر دون رئيس، منذ مغادرة ميشال عون قصر بعبدا في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد انتهاء فترته الرئاسية.
وعقد مجلس النواب اللبناني منذ ذلك الحين 11 جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، إلا أنها لم تخرج سوى بورقة بيضاء، نتيجة غياب التوافق، وإصرار حزب الله على فرض مرشحه.