216 ألف وظيفة في ديسمبر 2023.. انتعاشة مفاجئة بسوق العمل الأمريكي
ارتفع معدّل نمو سوق العمل في الولايات المتحدة الأمريكية بصورة غير متوقعة في ديسمبر/كانون الأول 2023، وفقاً لبيانات حكومية.
يأتي ذلك في ختام عام جيد رغم تشاؤم الأمريكيين في اقتصاد بلادهم قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني.
وشهد أكبر اقتصاد في العالم 216 ألف وظيفة إضافية خلال الشهر الأخير من العام 2023، رغم توقعات بتسجيل تباطؤ بحسب بيانات وزارة العمل الأمريكية.
- عالم ما بعد COP28.. التعهدات المناخية فتحت باباً واسعاً للتمويل المستدام
- طفرة في القطاع غير النفطي بالإمارات.. توسع آخر مثير للإعجاب
واستقرّ معدل البطالة عند 3,7%، ليحافظ على مستوى تاريخي منخفض، ويخالف التوقعات بتسجيل ارتفاع طفيف.
وتأتي هذه البيانات القوية في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، بعد أن رفع الاحتياطي الفيدرالي سريعاً معدل الفائدة الأساسي وأبقاه عند مستوى مرتفع لتخفيف الطلب ووقف التضخم.
وتعزز البيانات من التفاؤل بأن الولايات المتحدة تحقق ما يسمى الهبوط الهادئ ("سوفت لاندينغ") الذي يتمثل في انخفاض التضخم من دون تسجيل خسارة مهمة على مستوى الوظائف أو أي تباطؤ كبير.
وتعقيباً على ذلك، قال الرئيس جو بايدن "يؤكد تقرير هذا الصباح أن عام 2023 كان سنة رائعة للعمال الأمريكيين".
وفيما واصل الاقتصاد استحداث فرص عمل بقوة مع انخفاض التضخم، أضاف بايدن: "أعلم أن بعض الأسعار ما زالت مرتفعة جداً بالنسبة إلى عدد كبير جداً من الأمريكيين، وأبذل كل ما في وسعي لخفض التكاليف اليومية".
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين لشبكة سي إن إن: "ما نراه الآن، أعتقد أنه يمكن وصفه بالهبوط الآمن. آمل أن يستمر هذا الأمر".
وعلى الرغم من أن الاقتصاد تحدى توقعات الركود في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أن العديد من الأمريكيين ما زالوا متشائمين.
الوضع الطبيعي ما قبل الجائحة
وقالت جوليا بولاك، كبيرة الاقتصاديين في شركة "زيب ريكروتر": "مع الأخذ في الاعتبار المراجعات التنازلية لأرقام الأشهر السابقة، بلغ متوسط زيادة التوظيف لمدة ثلاثة أشهر 165 ألفاً، وهو ما يتماشى تماماً مع متوسط عام 2019. وهذا يشير إلى أن سوق العمل قد عاد إلى وضعه الطبيعي قبل الجائحة".
وأشارت وزارة العمل إلى أنّ النمو في معدلات الأجور كان ثابتاً في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع تسجيل ارتفاع بنسبة 0,4% مقارنة بنوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وبالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، شهد متوسط الأجر في الساعة ارتفاعاً بـ4,1%، وهو أعلى بقليل ممّا سُجّل في نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلى الرغم من الضرر الذي طال في عام 2023 عدداً من القطاعات مثل التصنيع والإسكان بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، ساهم صمود سوق العمل في دعم الاستهلاك والاقتصاد العام.
ومن بين القطاعات التي واصل التوظيف فيها اتجاهه التصاعدي، القطاع العام والرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية والبناء. إلا أنّ قطاعي النقل والتخزين شهدا خسارة في الوظائف.
قطاع لا يزال قوياً
وسُجلت 173 ألف وظيفة جديدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بحسب التقرير، في وقت رأى الخبير الاقتصادي راين سويت من "أكسفورد إيكونوميكس"، في حديث إلى وكالة فرانس برس، أنّ "الاتجاه عموماً يشير إلى أنّ سوق العمل لا يزال قوياً جداً".
وتتم متابعة البيانات الصادرة من كثب، لأنّها قد تؤثر على رأي الاحتياطي الفيدرالي فيما يخص المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
وأشار سويت إلى أن "توقيت أول خفض لسعر الفائدة لا يزال غير واضح في الوقت الراهن".
ولن يركز الاحتياطي الفيدرالي على تقرير واحد، وفق المحللين.
من جهة ثانية، لفت كبير الاقتصاديين في شركة "إرنست آند يانغ" غريغوري داكو إلى أنّ المسؤولين السياسيين يسعون إلى تحقيق "سوق عمل متوازن"، وهذا يعني أن العرض والطلب في التوظيف متطابقان بشكل جيد وأن الضغوط الناجمة عن نمو الأجور ليست كبيرة.
وذكر أن عدداً من المؤشرات كساعات العمل أظهرت عودة نحو مستويات ما قبل الجائحة، في حين أن معدلات التوظيف والاستقالة كانت "الأدنى منذ عامي 2014 و2018 إذا استثنينا مرحلة الجائحة".
وقال لوكالة فرانس برس: "نشهد إعادة توازن وطلباً أضعف على اليد العاملة".
وتوقّع مستقبلاً انخفاضاً بسيطاً في التوظيف و"تسريحاً استراتيجيا للعمال، لكن من دون تسجيل معدلات انخفاض كبيرة في سوق العمل".
وقال "إنّ هذه النتائج يفترض أن تحافظ تالياً على وتيرة صحية لنمو الدخل والإنفاق الاستهلاكي".