عالم ما بعد COP28.. التعهدات المناخية فتحت باباً واسعاً للتمويل المستدام
فتح مؤتمر الأطراف COP28 الطريق أمام التمويل المناخي المستدام من خلال مجموعة كبيرة من التعهدات والإعلانات التاريخية.
الوعود المناخية الطموحة التي أطلقها مؤتمر الأطراف COP28 خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي بدبي بمضاعفة الطاقات المتجددة لثلاث مرات بحلول 2030، فتحت حدوداً غير مسبوقة للتمويل المستدام وسط تحديات وعقبات التمويل كالمعتاد مع التزام أوروبا بتعزيز شروط الإفصاحات المناخية بداية من العام الجاري.
- إفلاس «تشونغتشي» أكبر بنوك الظل بالصين.. وفاة مؤسسه أهم الأسباب
- الخسائر تلاحق شركات الشحن في البحر الأحمر.. التجارة حائرة حول أفريقيا
وقد كشفت وكالة بلومبرغ المتخصصة في متابعة تطورات أسواق الطاقة الجديدة عن أن نسبة ما يسمى معدل الخدمات المصرفية لإمدادات الطاقة أي مقياس/عدد تمويل مشاريع الطاقة المتجددة نسبة إلى عدد مشاريع الفحم والنفط والغاز، ESBR ، أصبحت 0.73 إلى 1 في نهاية عام 2022، أقل قليلا من نسبة 0.75 إلى 1 في عام 2021.
أداء البنوك عموماً الممولة على هذا المقياس بعيد كل البعد عن نسبة 4 إلى 1 التي تشير تقديرات وكالة بلومبرغ إلى أنها ضرورية بحلول عام 2030 لتجنب ارتفاع درجة حرارة الأرض بما يزيد عن 1.5 درجة مئوية.
في حين حققت البنوك في كندا والولايات المتحدة والمكسيك نسبة ESBR عند 0.5 إلى 1، في حين حققت البنوك الأوروبية نسبة أفضل بكثير تبلغ 2.8 إلى 1.
وعلى مستوي صناديق إدارة الأصول المالية، الوضع التمويلي سيء أيضا. وبحسب تحليل أجري على 13 ألف صندوق أسهم بواسطة Influence Map، تقلصت نسبة المديرين الذين يمارسون الإدارة الفعالة للمناخ من 33% عام 2021 إلى 18% في عام 2022.
صناديق الاستثمار البيئية
من ضمن تحديات تحقيق التمويل المستدام، أن الصناديق التي التزمت بالتصنيف البيئي، التي تضع في الاعتبار العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة لاستثماراتها في أوروبا زادت من اهتمامها بمشاريع النفط والغاز.
وذكرت وكالة بلومبرغ أن الصناديق التي تعزز الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة بشكل عام على النحو المحدد في لائحة الإفصاح عن التمويل المستدام للاتحاد الأوروبي خصصت نحو 2.3% من أرصدتها في أصول الوقود الأحفوري في الربع الثالث من عام 2023، ارتفاعًا من 1.4% في أوائل عام 2021.
صناديق التقاعد
بالنسبة لصناديق التقاعد، فهي لاعب رئيسي في الصناعة المالية، وجدت العديد من الدراسات في عام 2023 أن مديري معاشات التقاعد يقللون من أهمية المخاطر المناخية الكارثية المحتملة التي تهدد محافظهم الاستثمارية، ما يعرض مدفوعات التقاعد المستقبلية للخطر للمنتفعين من خدماتهم الاستثمارية.
ضغوط تشريعية أمريكية
نتيجة لموقف الحزب الجمهوري بالولايات المتحدة الأمريكية المعادي لقوانين حماية البيئة ونشر مشاريع الطاقات المتجددة، وضع ممثلوه تشريعات في العديد من الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، كحواجز أمام مديري صناديق الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة الرشيدة، وعلى الرغم من أن العديد من مشاريع القوانين المناهضة للحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة هُزمت بسبب مخاوف من خسائر محتملة في عوائد استثمار معاشات التقاعد. سيستمر الشد والجذب بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بخصوص قضايا التمويل المستدام، خصوصاً مع قيام اللجنة القضائية بمجلس النواب، ذي الأغلبية الجمهورية، تحقيقًا في الحوكمة البيئية والاجتماعية في مجالات الاستثمار و التمويل.
الإفصاح المناخي على الطريقة الأوروبية
وضع الاتحاد الأوروبي توجيهات إعداد تقارير استدامة الشركات (CSRD) - التي وصفتها جهات تصنيف المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بأنها "لحظة فاصلة" لاستدامة الشركات بالقطاعات المختلفة، وذلك لتعزيز مجالات الإفصاح المناخي، اعتبارًا من الأول من يناير/كانون الثاني الجاري يعد الالتزام بقواعد CSRD كإطار شامل يؤثر على 50 ألف شركة داخل الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك 10 آلاف شركة خارج الاتحاد الأوروبي ولها عمليات أوروبية، أي ما يعادل 75% من إجمالي إيرادات الشركات الأوروبية.
وتتطلب توجيهات CSRD من الشركات الكشف عن معلومات حول التأثيرات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) من منظور مدى المخاطر على الشركات العاملة. وسيكون مطلوباً الإفصاح عن النطاق الكامل لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، خصوصاً على مستوى سلاسل الإمداد.
فرنسا أخذت خطوة أوسع من خلال فرض غرامات قدرها 75 ألف يورو لعدم الامتثال لتوجيهات CSRD الأوروبية، مع تهديد إضافي بالسجن لمدة خمس سنوات.
ما بعد COP28
أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز العالمي للطاقة النظيفة الربع الأخير من عام 2023 بارتفاع بنسبة 7.3% في حين أنهى العام بانخفاض بنسبة 20.1% بشكل عام.
وفي المقابل، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز للنفط العالمي (الذي يقيس أداء 120 شركة نفط وغاز كبرى) بنسبة 2.4% في الربع الأخير، وعلى مدار العام ارتفع بنسبة 4.9%.
عززت نقاشات جلسات قمة المناخ بالإمارات التشجيع المتزايد للبنوك ومديري الأصول وشركات الصناديق ومعاشات التقاعد للتوجه للاستثمار المستدام في عام 2024.
وعندما تدخل قواعد الإفصاح المناخي أو الحوكمة البيئية والاجتماعية حيز التنفيذ الكامل في السنوات المقبلة بزخم الإعلان التاريخي لـCOP28 ببداية الخروج من عصر الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة بشكل عادل ومنصف ومنظم، فإن تحقيق قواعد التمويل المستدام ستتيح بيانات حيوية للجمهور حول التأثيرات الاجتماعية والبيئية لآلاف الشركات العاملة في جميع أنحاء العالم. مما يؤدي إلى إنشاء قاعدة بيانات موحدة وشاملة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لأول مرة لوكالات التصنيف ومديري الأصول والمستثمرين لتحقيق التمويل المستدام.