كاتب أمريكي يبرئ فيلم "الجوكر" من عنف الواقع
كاتب أمريكي يدافع عن أفلام العنف، ويبرئها من مخاوف انتشار العنف في الحياة الواقعية.. وهذه أبرز مبرراته في الدفاع عن "الجوكر"
تحول فيلم "الجوكر" بين ليلة وضحاها إلى واحد من أكثر الأفلام مناقشة وإثارة للجدل، إذ انقسم الجمهور بشأنه إلى فريقين: الأول يحبه والثاني يرفض أن يدعمه، وعلى عكس ما تظن هذا الانقسام ليس بجديد على صناعة السينما في حلقة جديدة من حلقات اتهامها بنشر العنف في المجتمع.
أي متابع للسينما لا بد أنه سمع بالفعل عن "الجوكر"، وانقسام الرأي العام حوله بين منفر في ظل مخاوف أمنية من تقليد شخصية فوضوية ومريضة نفسيا، ومقدر للعمل الفني يرى أنه يستحق الاحترام بل والأوسكار أيضا.
فنيا، سبق "الجوكر" أفلام أخرى مثيرة للجدل مثل Taxi Driver (سائق التاكسي)، و The King of Comedy (ملك الكوميديا).
أما ثقافيا، فمن الصعب تجاهل صدى عناوين الصحف الأمريكية التي تشير إلى الخوف من ظهور أناس يسعون لتقليد الشخصيات الفوضوية مثل "الجوكر"، خاصة مع وجود سابقة حادثة كولورادو التي أسفرت عن مقتل عشرات بعد إطلاق نار عشوائي من مقلد لـ"الجوكر" في قاعة عرض سينمائية.
السؤال الأهم هنا، هل يمكن لفيلم في حد ذاته أن يشكل خطرا؟ يجيب الكاتب الأمريكي جيمس لكسفورد في مقال له بموقع "ريدرز دايجست" الأمريكي عن هذا السؤال.
يرى الكاتب أن التوتر الذي يحاط بأفلام بعينها قديم قدم صناعة السينما ذاتها، ففي عام 1895 تسبب فيلم أوجست ولويس لوميير "Arrival of a Train at La Ciotat - وصول القطار" في إثارة رعب المشاهدين الذين فروا هاربين من السينما بمجرد مشاهدتهم قطارا مسرعا قادما باتجاههم على الشاشة.
ورغم أن دقة هذه القصة لا تزال مثار جدل بين مؤرخي الأفلام، فإنها تظل مثالا جيدا لنوعية الخطر الذي ظن المشاهدون أن فيلم قد يسببه في بداية ظهور السينما.
ومع تطور السينما واهتمامها أكثر بالجانب التجاري في النصف الأول من القرن الـ20، اختلف نوع الجدل المثار حول الأفلام، إذ رأى البعض أن أفلام الروك أند رول: مثل "Blackboard Jungle - بلاك بورد جانجل" ستجعل من المراهقين أشخاصا غاضبين ومستهترين.
فيما رأى آخرون أنه لا بد من التحفظ في بعض الموضوعات التي تعرض على الشاشة مثل الهوية الجنسية والعلاقات العرقية، الأمر الذي ترتب عليه وصف أفلام كلاسيكية مثل "Rebel Without A Cause - ثائر بلا قضية" بأنها تتجاوز الحدود.
أوضح لوكسفورد أن هناك 3 محاور أساسية طالما اعتبرناها مصدر إثارة للجدل وهي: العنف، الجنس، والدين.
المخرج المثير للجدل ألفريد هيتشكوك واحد ممن استغلوا عنف أفلامهم للترويج لمشاهدته في الستينيات، بعدها بسنوات ظهرت أفلام العنف الجنسي المتمثلة في أفلام المخرج الإيطالي برناردو برتولوتشي مثل فيلم "Last Tango In Paris - التانجو الأخير في باريس" الذي أثار حالة غضب واسعة.
أما الأفلام التي تمس الدين فقد تم التظاهر ضدها أغلب الوقت، وهناك حادثة تاريخية شهيرة لصناع فيلم "Monty Python's Life of Brian - حياة براين" الذين اضطروا للظهور في التلفزيون الوطني البريطاني عام 1979 للدفاع عن فيلمهم.
بمرور الأعوام، استمر الهجوم الأخلاقي على أفلام بعينها، مثل حظر أفلام ستانلي كوبريك مثل A Clockwork Orange "برتقالة آلية"، وحملة صحيفة "ديلي ميل" المضادة لفيلم "Reservoir Dogs - كلاب المستودع"، وهي الحملة التي أدت إلى هبوط إيرادات الفيلم في الولايات المتحدة الأمريكية مقارنةً بإنجلترا.
منذ ذلك الوقت، كلما ارتبط فيلم بمأساة تنبثق فكرة أن الثقافة والفن قادران على التأثير على أمن العالم الخارجي، إذ اتُهم فيلم "تاكسي درايفر" بكونه مصدر إلهام حادثة محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان.
فيما أُدين فيلما "ذا ماتريكس" و"بالب فيكشن" بكونهما وراء مذبحة ثانوية كولومباين التي أسفرت عن مقتل 12 شخصا تقريبا، بعد طرح الفيلمين بـ13 عاما.
خَلُص لوكسفورد إلى أنه لا يمكن النظر إلى خسائر الأرواح اليومية وتجاهل احتمالية تأثير الأفلام بشكل سلبي على حياتنا الواقعية، ولكن الحكم بأن الأفلام هي أصل هذه المشكلة هو حكم سطحي، يفترض بمقتضاه أنه قبل ظهور الصورة المتحركة لم توجد أي جرائم قتل أو اغتيال سياسية.
وتكمن أهمية الفن في خلق مساحة للنقاش حول ما يدور في حياتنا، والسماح لنا للوصول إلى استنتاجات شخصية، في بعض الأحيان تكون هذه الاستنتاجات غير مسؤولة تُجمِل العنف والجريمة.
إلا أنها لا تعني أن الفن يصنع قتلة بقدر ما تعني أن بعض الأشخاص المضطربة تتوصل إلى استنتاجات مختلفة عما قصد صانع الفيلم.