ما أعلنته دائرة المخابرات العامة الأردنية عن إحباط مخطط إرهابي مرتبط بعناصر من جماعة الإخوان، أو بأجنحة متشددة منبثقة عنها، لا يمكن اعتباره حدثًا عاديًا في سياق الأمن الوطني..
بل هو جرس إنذار مدوٍّ على تحوّل نوعي وخطير في طبيعة التهديدات التي واجهت الدولة الأردنية، ليس فقط من الخارج، بل من الداخل أيضاً.
في التفاصيل التي كشفتها الأجهزة الأمنية، يتضح أن المسألة لم تعد محصورة في خطاب سياسي متوتر أو تنظيمات تعيش على هامش الحياة السياسية، بل تجاوزت ذلك إلى "سلوك تخريبي" منظم يتضمن تصنيع متفجرات وصواريخ محلية الصنع باستخدام مكونات مستوردة ومحلية، ما يعني أن هناك مشروعًا ميدانيًا حقيقيًا كان يُخطط له في الخفاء، وهذا التطور الخطير يؤكد – بلا أدنى شك – أن بعض التيارات التي طالما ادّعت السلمية، أسقطت القناع، وبدأت تعلن عن وجهها وأدواتها.
هذا المخطط لم يكن ليتم دون وجود بنية تنظيمية، وتدريبات، وتنسيق لوجستي، وتمويل خارجي، وهذه مؤشرات على أن عناصر في الجماعة لم تعد تعمل كمجرد تنظيم سياسي دعوي، بل أصبحت تشكّل تهديدًا فعليًا للنظام العام والسلم الأهلي، ما يضعها ضمن نطاق قانون مكافحة الإرهاب، ويجعل من محكمة أمن الدولة الجهة المختصة بالنظر في مثل هذه الأفعال.
يقول مراقبون إن "خطورة المخطط لا تكمن فقط في أدواته، بل في دلالاته؛ فمحاولة تصنيع الصواريخ محليًا تعني وجود نية لإطالة أمد التهديد الأمني، وتعزيز قدرات ذاتية لمواجهة محتملة مع الدولة، وهذا يدفعنا لإعادة النظر في بيئات التطرف، وتمويله، وتجذره في بعض البنى المجتمعية التي لم تنجح خطابات الدولة، حتى الآن، في تحييدها بالكامل".
ويخشى مراقبون من أنه ليس من المستبعد أن تكون هناك خيوط إقليمية لهذا المخطط، سواء من خلال تهريب المكونات، أو عبر دعم لوجستي من تنظيمات حليفة، وهذا ما يفرض توسيع دائرة التنسيق الأمني مع الدول الصديقة، وتعزيز تبادل المعلومات، خاصة في ظل اتساع رقعة التجنيد الإلكتروني، واستخدام أدوات رقمية يصعب تتبعها بالوسائل التقليدية.
وبالطبع، الرد على هذه التهديدات لا يجب أن يكون أمنيًا فقط، بل لا بد من مكاشفة وطنية شاملة، تُعيد تعريف الأولويات، وتعزز وحدة الصف، وتُعرّي الخطابات التي تتستر بالدين أو الشعارات الحقوقية لتمرير أجندات مشبوهة، كما أن المطلوب أيضًا هو تفكيك البنى الفكرية التي تُنتج هذا النوع من العنف، وتجفيف منابعها سواء كانت في المساجد، أو في المدارس، أو على منصات التواصل الاجتماعي.
وكما قالت العديد من الدول التي أصدرت بيانات رسمية، وما أعلنه الأردنيون: "أمن الأردن ليس مجالًا للتفاوض أو التلاعب، وهو خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه، والمواجهة اليوم ليست مع أفراد، بل مع فكر ومشروع وأدوات، تحتاج إلى استنفار وطني شامل، وإلى مجتمع واعٍ، وعمل أمني يقظ كما عهدناه دائمًا".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة