الإمارات والأردن.. تنسيق متواصل لدعم أمن واستقرار المنطقة
مباحثات إماراتية أردنية لتعزيز التعاون وبحث حلول سياسية لأزمات المنطقة، بما يسهم في خدمة القضايا العربية ودعم الأمن والاستقرار.
المباحثات جاءت خلال زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إلى العاصمة الأردنية عمان، الأربعاء، والتي التقى خلالها كلا من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين.
توقيت مهم
هذه الزيارة تأتي في توقيت مهم، كونها تأتي غداة زيارته إلى دمشق في زيارة لسوريا، هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ أكثر من 10 أعوام، تستهدف دعم عودة دمشق إلى حاضنتها العربية.
كما تأتي في وقت تجني فيه الإمارات والمنطقة ثمار السلام، الذي انطلق بتوقيع الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل في 15 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، في ظل التزام إماراتي أبدي بدعم القضية الفلسطينية.
تحركات تعكس جهود دبلوماسية إماراتية نوعية لحلحلة أزمات المنطقة، عبر مبادرات استثنائية، مع بحث دعم وتطوير تلك التحركات عبر مباحثات عربية مكثفة مع الدول الصديقة والشقيقة ذات الثقل في المنطقة مثل الأردن.
وتعد الإمارات والأردن من الدول المؤيدة لعودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية المجمد منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
على صعيد القضية الفلسطينية، يقوم الأردن بدور محوري في حماية المقدسات الإسلامية في فلسطين والحفاظ على هويتها.
ومنذ خطوتها التي وصفها مراقبون ومسؤولون بالشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، ما فتئت دولة الإمارات تؤكد أن المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ضمن هذا الإطار يمكن فهم أهمية زيارة وزير الخارجية الإماراتي للأردن في هذا التوقيت.
ويحرص البلدان على تبادل الرؤى وتعزيز التعاون بينهما لخدمة القضايا العربية، ومواجهة التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، وذلك من منطلق الإيمان بأن الأمر لا يمكن التصدي له، إلا عبر جهد جماعي عربي مشترك.
دعم متبادل
وفي كل مناسبة تجمع قادة ومسؤولي البلدين، يستذكر الأردنيون الدعم الذي قدمته وما زالت دولة الإمارات لبلادهم حكومة وشعبا منذ تأسيسها عام 1971، فيما يعتز الإماراتيون بالدعم الأردني المتواصل لمواقف بلادهم في مختلف المحافل الدولية والتنسيق المشترك معها لأجل مصالح المنطقة.
وفي أحدث مواقف الدعم، أعلن الأردن دعمه لطلب استضافة دولة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP 28" في أبوظبي عام 2023.
وأكدت المملكة الأدرنية أنها "تثمن وتقدر هذا الدور العربي الكبير الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة ، والذي يصب في مصلحة العمل العربي المشترك تجاه القضايا البيئية عامة، والتغير المناخي خاصة".
على صعيد العلاقات الثنائية، المتتبع لمسيرة العلاقات الإماراتية - الأردنية في الآونة الأخيرة، وما تشهده من تقارب في الرؤى حول مجمل القضايا، وتنامي التعاون بينهما في مختلف المجالات، يلمس خصوصية هذه العلاقات، وكيف أنها تشكل أهم مرتكزات الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وينبع هذا الدور الثنائي في المنطقة من أن العلاقات بين الإمارات والأردن تستند إلى أسس صلبة من التضامن والتعاون الوثيق في مواجهة كل التحديات والمخاطر التي تنطوي على تهديد واضح لأمن واستقرار الدول العربية.
ويتجسد التنسيق والتعاون الثنائي على أرض الواقع، في مشاركة البلدين الفاعلة في العديد من المبادرات والجهود التي تستهدف تحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كما أن القمم والزيارات المتبادلة والمباحثات المتتالية بين قيادات البلدين رسخت العلاقات القوية التي تربط الإمارات والأردن، وعمقت توافق الرؤى بينهما حول مجمل قضايا المنطقة والعالم.
مباحثات مهمة
أحدث تلك الزيارات، جرت اليوم الأربعاء، حيث استقبل الملك عبدالله الثاني عاهل المملكة ، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في العاصمة الأردنية عمان.
جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وسبل تعزيزها على كافة المستويات وتطوير وتنمية أطر التعاون المشترك في مختلف المجالات.
كما تم بحث آخر التطورات في المنطقة، ومساعي التوصل إلى حلول سياسية للأزمات فيها.
وتم التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان على عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات والمملكة الأردنية وقيادتهما والحرص على تعزيزها وتطوير آفاق التعاون المشترك في المجالات كافة بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين ويعود بالخير على شعبيهما.
وخلال الزيارة ذاتها، التقى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ، نظيره الأردني أيمن الصفدي، حيث جرى بحث سبل تطوير وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين البلدين بالمجالات كافة في ظل ما يجمع البلدين من علاقات أخوية استراتيجية وتاريخية راسخة.
وأكد الوزيران حرصهما المشترك على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات ومنها الاستثمارية والاقتصادية والسياحية والثقافية والدفاعية.
وبحث الجانبان عددا من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وأكدا أهمية استمرار التعاون والتنسيق بشأنها ومواصلة جهود البلدين من أجل تجاوز التحديات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وخدمة القضايا العربية.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال اللقاء أن دولة الإمارات والمملكة الأردنية الهاشمية ترتبطان بعلاقات أخوية راسخة وعميقة، مشيرا إلى الحرص المستمر على تعزيز آفاق التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة..
وبين أنَّ دولة الإمارات تثمن الدور الرئيس للمملكة في تعزيز العمل العربي المشترك وتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة.
من جانبه، أكد الصفدي اعتزاز المملكة بالعلاقات المتميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مثمنا المواقف الأخوية الثابتة للدولة ووقوفها إلى جانب المملكة وتقديم دعمها المستمر لجهودها لتجاوز التحديات الاقتصادية ورعايتها المواطنين الأردنيين المقيمين بها.
كما أكّد الوزيران استمرار التنسيق إزاء القضايا الإقليمية وجهود تجاوز التحديات المشتركة، وحل الأزمات في المنطقة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين وخدمة القضايا والمصالح العربية.
قمم وزيارات
وتعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي هي الثانية لمسؤول إماراتي رفيع خلال 3 شهور، بعد الزيارة التي أجراها وفد إماراتي برئاسة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني 21 أغسطس/ آب الماضي، وأجرى خلالها مباحثات مع الملك عبدالله الثاني بشأن العلاقات الأخوية وسبل تعزيز التعاون المشترك بينهما خاصة في المجالات الاقتصادية وفرص تنويع المشاريع الاستثمارية بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين
كما أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية زيارة للأردن في 27 مايو/أيار الماضي، وأجرى خلالها مباحثات مع الملك عبدالله الثاني، بشأن العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وتعزيز التعاون الاستراتيجي والتنسيق المشترك بما يحقق مصالحهما المتبادلة.
جاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للأردن بعد نحو أسبوعين من تلقيه رسالة شفوية من الملك عبدالله الثاني، تتصل بالعلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تجمع البلدين وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات بما فيه مصالحهما المتبادلة.
وتلقى ولي عهد أبوظبي، الرسالة خلال استقباله بشر الخصاونة رئيس وزراء الأردن، في قصر الشاطئ في 10 مايو/أيار الماضي.
وكان عاهل الأردن قد أجرى زيارة لأبوظبي يناير الماضي كانت الثانية خلال 3 أشهر فقط؛ حين استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ بأبوظبي؛ وبحثا العلاقات الثنائية وتبادلا وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وحضر الملك عبدالله الثاني قبل ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قمة ثلاثية ضمت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة. في أبوظبي.
كما أجرى العاهل الأردني زيارة أيضا لأبوظبي خلال يوليو/تموز من العام الماضي وبحث خلالها مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل دعمها وتنميتها على المستويات كافة بما يحقق مصالحهما المتبادلة إضافة إلى عدد من القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.
القمم والزيارات المتبادلة والمباحثات المتتالية بين قيادات البلدين رسخت العلاقات القوية التي تربط الإمارات والأردن، وعمقت توافق الرؤى بينهما حول مجمل قضايا المنطقة والعالم.
نقلة نوعية
العلاقات القوية بين البلدين أرسى دعائمها الراحلان المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الحسين بن طلال، منذ سبعينات القرن الماضي.
ويواصل رعايتها وتنميتها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية تمثلت في حرص القيادة فيها على إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات من خلال تأسيس لجنة عليا مشتركة برئاسة وزيري الخارجية، ولجنة مشاورات سياسية، ولجان فنية، ولجنة الأخوة البرلمانية الأردنية- الإماراتية.
وعملت هذه اللجان على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأوسع في العلاقات الثنائية ولمواجهة التحديات في المنطقة بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين ويدعم مسيرة العمل العربي المشترك.
وفي أحدث خطوات التعاون بين البلدين، دشنت حكومتا البلدين 27 أكتوبر الماضي "مركز المسرّعات الحكومية" في العاصمة الأردنية عمان، المستلهم من نموذج المسرعات الحكومية الإماراتية، ضمن مبادرة هادفة لتوفير مختبر مفتوح لتطوير خدمات وآليات عمل حكومية مبتكرة تختصر الزمن والجهد وتبسّط العمليات وتسرّعها وتسهل رحلة المتعاملين، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الحكومتين الإماراتية والأردنية في التحديث الحكومي.
وأكد محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي أن دولة الإمارات حريصة على مشاركة تجاربها الناجحة في العمل الحكومي، ونقلها إلى الدول الشقيقة والصديقة لتطوير العمل الحكومي، في سعيها لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات لتحسين حياة الناس وبناء مستقبل أفضل للأجيال.
على صعيد التعاون العسكري،عقد في أبوظبي في 21 سبتمبر / إيلول الماضي اجتماعا بين مسؤولين عسكريين من البلدين لبحث العلاقات الأخوية الثنائية بين البلدين والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها والسعي إلى تحقيق المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة في مختلف المجالات، خاصة في المجال العسكري والدفاعي
أما على صعيد التعاون الاقتصادي، اختتمت اللجنة الاقتصادية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية، في 5 يونيو/ حزيران الماضي اجتماعات دورتها الثانية، والتي عقدت افتراضياً.
واتفق الجانبان خلال الاجتماعات على برنامج مشترك للعمل الاقتصادي يخلق مسارات تجارية واستثمارية جديدة تخدم جهود البلدين في دفع عجلة النمو الاقتصادي في مختلف المجالات.
واتفقت اللجنة على وضع آلية للتنسيق بين المؤسسات والفرق الفنية في البلدين وجدول زمني لمتابعة تنفيذ مخرجات اللجنة خلال العامين المقبلين بما يضمن تعزيز مخرجاتها لتصب في التنمية الاقتصادية للبلدين، والترتيب لعقد الدورة الثالثة من اللجنة في أبوظبي لمواصلة برامج الشراكة والتعاون خلال المراحل المقبلة.
لغة الأرقام
هذه العلاقات الأخوية القوية، انعكست على العلاقات الاقتصادية التي تترجمها الأرقام على أرض الواقع.
وسجلت التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين خلال عام 2020 ما يصل إلى 2.24 مليار دولار (8.2 مليار درهم).
وتعد دولة الإمارات ضمن أكبر خمسة شركاء تجاريين للأردن على صعيد تجارتها غير النفطية، فيما يُمثل الأردن أحد أهم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات عربياً، إذ يستحوذ على ما نسبته 7% من إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي للدولة مع الدول العربية بخلاف دول المجلس .
وعلى صعيد الاستثمارات، تُقدَّر قيمة الاستثمارات المتبادلة بين البلدين بنحو 20 مليار دولار (73.4 مليار درهم).