خبراء عرب يرسمون لـ"العين الإخبارية" ملامح التفاؤل بالانفتاح على سوريا
أكثر من 10 سنوات مرت على اندلاع الاحتجاجات السورية في منتصف مارس/آذار 2011، وصفها خبراء عرب بأنها سنوات عجاف وضعت سوريا على طريق التعافي في نهاية عام 2021.
ونجحت القيادة السورية في إدارة الحرب الداخلية ومواجهة التدخلات الخارجية، والحفاظ على جزء كبير من مساحة البلاد بعد سنوات من القتال، وسط صراعات عدة، استقطبت قوى عالمية وحصدت أرواح مئات الآلاف وشردت ملايين السوريين.
بوادر حقيقة ودعوات متصاعدة للانفتاح على سوريا وإعادة هذا البلد لمحيطه العربي، أبرزها المبادرات الإماراتية الرامية لإنقاذ سوريا.
- وزير الخارجية الإماراتي: حريصون على أمن واستقرار ووحدة سوريا
- سفير سوريا بالإمارات: زيارة عبد الله بن زايد فاتحة خير لاستعادة الحضن العربي
وكان الشيخ عبد الله بن زايد، قد أطلق مبادرة في شهر مارس/ آذار الماضي، تدعو إلى ضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية.
تلك المبادرة لم تكن الوحيدة، بل أجرى، أمس الثلاثاء، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، زيارة لسوريا هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ أكثر من 10 أعوام.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، عقب لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، حرص الإمارات على أمن واستقرار ووحدة سوريا.
من جانبه، أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أهمية العلاقات الأخوية الوثيقة التي تربط بين البلدين الشقيقين، مشيدا بالمواقف الموضوعية التي تتخذها دولة الإمارات.
هذا الحراك العربي تجدد بالتقارب مع الجارة الجنوبية لسوريا الأردن مطلع أكتوبر/تشرين أول عبر اتصال هاتفي بين الرئيس والعاهل الأردني، وتعزر بزيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أمس لدمشق.
وهما حدثان لم تشهدهما العلاقات العربية مع سوريا لمدة 10 سنوات.
وأحدث مؤشر الانفتاح العربي صدى قويا على الساحة الدولية التي شهدت نهجا تدريجيا للتطبيع مع سوريا والاقتراب من فك الحصار والعزلة عن السوريين.
وليس أدل من قرار المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) بإعادة التعاون مع سوريا ودمجها في نظامها لتبادل المعلومات، بعد تعليق دام 9 سنوات.
بالإضافة إلى أحاديث الجانب الروسي عن محادثات مع الولايات المتحدة حول تخفيف العقوبات الأمريكية ضد دمشق.
ثلاثة خبراء عرب طرحوا، في أحاديث منفصلة مع "العين الإخبارية"، رؤيتهم لمستقبل الانفتاح على سوريا، أحدهم يرى أن وجود البلاد خارج نطاق الجامعة العربية يعقد حل الصراع الدائر في الوقت الراهن، والثاني توقع لدمشق عودة قريبة للجامعة العربية.
أما الثالث فقد اتفق معهما في أن الوضع الحالي يشهد حالة من الحراك الدبلوماسي الخليجي لعودة سوريا للبيت العربي، معددا فوائد الانفتاح أبرزها قطع الطريق على التدخلات الإيرانية والتركية في سوريا.
توقيت ذكي
يقول المحلل السياسي السعودي الفهد ديباجي، إن الدعوات العربية بشأن ضرورة عودة سوريا والانفتاح عليها لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية خطوة إيجابية لقت اهتماما بارزا في وقت تعاني فيه المنطقة من وضع مضطرب، وسط استمرار التدخلات الإيرانية والتركية.
ويضيف الديباجي أن "أي مبادرة لعودة سوريا إلى محيطها العربي تأتي في توقيت ذكي لقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية التي أضرّت بالملف السوري بشكل فادح، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وتابع:"يعد من الأهمية بمكان المضي قدما في تبني هذه المبادرة والبناء عليها، لعودة سوريا إلى الحضن العربي وستكون لها جدوى اقتصادية وأمنية وسياسية للمنطقة".
ويلفت إلى أن الدور الذي لعبته السعودية والإمارات في الدعوة لعودة سوريا للبيت العربي يكمل الدعوات العربية الأخرى في ظل ما يشهده العالم من صراعات، ويسهم في نجاحها و سيسهم حتمًا في تعافي سوريا.
وفسّر الديباجي رؤيته بأن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة، أي مصلحة سوريا وشعبها ومصلحة المنطقة معا.
وشدد على أن "وجود سوريا خارج نطاق الجامعة العربية أمر غير طبيعي ويعقد ويؤخر حل الصراع الدائر في الوقت الراهن".
وتابع:"أي خطوة جديدة إلى مسار تسوية الأزمة يُعد أمرًا مثاليا لتعقد الأوضاع في الشرق الأوسط، والتهديدات التي تواجه الأمن العربي، وبالتالي مهم لم شمل العرب بما يمكنهم من مواجهة تلك التحديات من أرضية عربية – عربية، وأن تكون للدول العربية الأولوية في معالجة الأزمة الراهنة، وأن يساهموا في دفع أطراف الأزمة سواءً كانت الحكومة السورية أو المعارضة للحوار والتفاوض حول سبل الخروج من الأزمة".
ويرى المحلل السياسي المخضرم أن الدور العربي السعودي والإماراتي بشكل خاص هو الذي يمكن التعويل عليه بشكل واضح في إعادة إعمار سوريا بعد سنوات عجاف لا يمكن تجاهلها لعلها تُحدث استفاقة حقيقية لسوريا جديدة فاعلة في محيطها العربي في كل المجالات .
عودة قريبة
عبدالخالق عبدالله المحلل السياسي الإماراتي طرح قدرا من التفاؤل بسوريا الجديدة، قائلا، إن :"عودة سوريا للبيت العربي أقرب ما نتصور، لاسيما هناك جهد إماراتي وخليجي وعربي لتمهيد الطريق لعودة سوريا للجامعة العربية وللمحيط العربي".
وأضاف "عبدالله" لـ"العين الإخبارية"، قائلا: "الإمارات تمهد الطريق لكل ذلك، فكانت المبادِرة لهذا السعي وهي الآن بجانب السعودية والأردن ومصر والعديد من الدول العربية تبذل كل الجهد لإنهاء هذه المقاطعة بعد أن كانت هي ربما من أكثر الدول مقاطعة للنظام السوري".
وراسما صورة عن سوريا الجديدة، قال إن :" الأوضاع مختلفة تماما عما كانت عليه قبل عشر سنوات وأعتقد أن النظام السوري والرئيس السوري جاء ليبقى".
وأضاف: "هناك اليوم إقرار وإجماع أن الوقت قد حان لتمهيد هذه العودة في ظل معارضة ربما من بعض الدول ولكن من يدفع بهذا القرار لديه اليوم إجماع أكثر من السابق".
وتابع المحلل السياسي الإماراتي، أن: "سوريا اليوم 2021 مختلفة تماما عن سوريا قبل عشر سنوات، لأن الشعب السوري اليوم عانى ما عاناه وينظر لوطنه ومحيطه العربي لمساعدته في عودة بلاده لحضنها العربي"
ويعتبر المحلل السياسي المخضرم عودة سوريا بمثابة عودة لأكثر من ٢٠ مليون سوري لن يجدوا إلا المحيط العربي ودول الخليج العربي في المقدمة لإعادة الحياة لوضعها الطبيعي رغم كل التحفظات على النظام السوري خلال الفترة الماضية.
إرادة دولية
بخصوص المتغيرات الدولية من الأزمة السورية، يقول عبدالخالق عبدالله، إنه :"لم تعد فقط إرادة عربية بل ربما كان هناك إرادة دولية من دول كثيرة أخذت تتصالح مع الوضع السوري مثل أمريكا وأوروبا".
ويؤكد أن" العودة لن تكون فقط عربية وإنما الانفتاح السوري سيكون عربيا وأيضا دوليا وأوروبيا بكل تأكيد وأمريكا في الطريق".
وفي وصفه للأوضاع الحالية وما تتطلبه، يوضح المحلل السياسي الإماراتي، أن المشهد السوري "معقد جدا ومحزن وبائس.. هناك دمار ما بعده دمار على المستوى الإنساني والبنية التحتية والاقتصاد السوري ودمار مدن سورية تاريخية عزيزة على كل عربي".
وشدد على أن "استمرار هذا الوضع مؤسف ومزعج للاستقرار في الشرق الأوسط بأسره"، مشيراً إلى أنه" لا يوجد هناك طرف أكثر حرصا على استعادة سوريا لعافيتها من الدول العربية بل وأكثر الدول قدرة على مساعدة سوريا على الصعيد التنموي والإنساني وتقديم المساعدات هي دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والإمارات".
حراك وفوائد
واتفق فهد الشليمي، مدير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية بالكويت، مع سابقيه من الخبراء في أهمية عودة سوريا للصف العربي.
ويعدد الشليمي وهو محلل سياسي كويتي لـ"العين الإخبارية" فوائد الانفتاح العربي على سوريا.
وأوضح أن فوائد ذلك تكمن في "تقوية الأمن العربي والدفاعي، إعادة الاستقرار للمنطقة، تخفيف العبء الاقتصادي على دول الخليج، وقطع الطريق على تدخلات دول إقليمية في سوريا مثل تركيا وإيران".
وسلط الخبير الكويتي الضوء على زيارة رئيس الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لدمشق، قائلا، إن:" الزيارة متميزة خصوصا أنها لوزير الخارجية الإماراتي وبالتالي تعطي زخما بأنه هناك تحرك خليجي وليس فقط تحرك إماراتي لتشكيل رأي مع الأشقاء في مصر والمغرب لعودة سوريا للجسم العربي.
وتابع: "هناك حراك دبلوماسي إيجابي على الأرض، وسيكون هناك تقارب وجهات نظر.. وسيطلب من الرئيس بشار الأسد تقديم بعض المقترحات الإيجابية لكي تكون مقبولة لكل الدول لعودة بلاده للمجموعة العربية".
ووصف الشليمي هذه الزيارة بأنها تأتي في إطار توحيد الجهد العربي.. حيث يتم نقل مقترحات ودراستها ونقلها لمجلس التعاون الخليجي ثم الجامعة العربية بهدف البحث عن إشارات إيجابية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا، لحين الالتزام الكامل من قبل الحكومة السورية بتعهداتها ضمن "المبادرة العربية" التي طُرحت آنذاك لحل الأزمة والاضطرابات الداخلية.
غير أن المرحلة الحالية في سوريا على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية تجاوزت الظروف الأخيرة في العام 2011، ما دفع العديد من الدول إلى تبني عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4xMzkg جزيرة ام اند امز