هل يحظر الأردن حزب الإخوان؟.. خبراء يستعرضون الخطوات المحتملة

مع تحركات السلطات الأردنية الأخيرة لملاحقة نشاطات جماعة الإخوان المحظورة، تتجه الأنظار إلى الذراع السياسية للجماعة.
فهل سيطول الحظر حزب “جبهة العمل الإسلامي”؟.. سؤال طرحته “العين الإخبارية” على عدد من المحللين السياسيين والمراقبين الأردنيين.
ورغم السماح الرسمي بمواصلة نشاط “جبهة العمل الإسلامي” كحزب سياسي مرخص، يشير محللون إلى أن الحزب أمام مرحلة مراجعات داخلية لإعادة ضبط العلاقة مع جماعة الإخوان، فيما يتوقع آخرون خطوات أخرى بينها تجميد الحزب، في ظل ضغط قضائي وأمني متزايد.
وهو ما تطرق له الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي الأردني منذر الحوارات، في حديثه مع “العين الإخبارية”.
وقال الحوارات: “من غير المرجح أن تُقدم الدولة على هذه الخطوة إلا بعد صدور قرار قضائي”، موضحا أنه “إذا صدر هذا القرار، فسيبدأ تأثيره على بعض الأعضاء أولا”.
ومع ذلك، يرى الخبير الاستراتيجي الأردني أن “هناك ثمة مراجعات داخل الحزب لاتخاذ إجراءات تمنع انغماسه في المخالفات السابقة للجماعة”.
كما أشار إلى أن “الحزب يحاول أقلمة وضعه مع التطورات الأخيرة لتلافي أي قرارات قد تُتخذ ضده”، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يمكن اتخاذ أي قرار بحقه دون وجود أرضية قضائية.
ملاحقات أمنية ومالية
وأوقفت الأجهزة الأمنية الأردنية، قبل يومين، عدداً من الأشخاص الذين كانوا يجتمعون في منزل أحدهم بمدينة إربد، لمناقشة موضوعات تتعلق بجماعة الإخوان، في اجتماع تنظيمي مخالف للقانون.
وأعلن الأردن نهاية الشهر الماضي اتخاذ خطوات عملية تستهدف البنية المالية للجماعة، عبر ملاحقة المتسترين على أملاكها، ضمن خطة حكومية لتجفيف منابع تمويل الجماعة المحظورة.
وكانت جمعية جماعة الإخوان المرخّصة وفق قانون الجمعيات السياسية قد قررت في يوليو/تموز الماضي حلّ نفسها، وسط تصاعد حملة رسمية ضد التنظيم، بعد قرار الحكومة حظر الجماعة الأم في أبريل/نيسان الماضي.
وتعقيبا على ذلك، قال العميد المتقاعد والخبير الأمني عمر الرداد لـ"العين الإخبارية"، إن عقد مجموعة من الإخوان اجتماعاً تنظيمياً – لم تتضح أهدافه بعد – وما تلاه من توقيف العناصر المجتمعة تحت اسم جماعة الإخوان المحظورة، يشكّل محطة جديدة في ملاحقة وضبط مخالفات الجماعة للحظر القانوني المعلن في أبريل/نيسان.
وأشار إلى أن المحطة السابقة كانت الكشف عن جمع 30 مليون دينار أردني (42 مليون دولار) بطرق غير شرعية، بعيداً عن قانون جمع التبرعات، وهي أموال جُمعت من أردنيين بسطاء لصالح غزة، لكنها بقيت في خزينة التنظيم.
وكانت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" قد نشرت في وقت سابق تحقيقات للسلطات المختصة حول نشاط مالي غير قانوني تورّطت فيه الجماعة طوال الأعوام الماضية داخلياً وخارجياً، وتزايدت وتيرته في آخر 8 سنوات. وأظهرت التحقيقات جمع ما يزيد على 30 مليون دينار في السنوات الأخيرة، أُرسلت إلى دول عربية وإقليمية وخارجية، فيما استخدم جزء منها لتمويل حملات سياسية داخلية عام 2024، بالإضافة إلى دعم أنشطة وخلايا تم ضبطها وإحالتها للقضاء.
ورأى الرداد أن أهم رسائل ضبط الاجتماع التنظيمي هي تأكيد الرقابة الأمنية الدقيقة على الجماعة، وكشف تحركاتها المخالفة للقانون، متوقعاً الكشف عن "مفاجآت" للرأي العام حول أنشطتها والتحركات السياسية تجاهها.
حل حزب الإخوان
من جانبه، قال مدير وكالة "مؤاب" الإخبارية، محمد حسن الطراونة، إن الجماعة بحكم طبيعتها التنظيمية، تجمع بين العمل العلني والأنشطة السرية، وتعمل تحت مسميات مختلفة كالجمعيات الخيرية أو الفعاليات الاجتماعية لتوسيع نفوذها وتجنيد أعضاء جدد.
وأضاف أن الجماعة تروّج لخدمة المجتمع، بينما يرى منتقدوها أن هذه الأنشطة واجهة لعمل سياسي وأيديولوجي خفي، يوظّف القضايا الشعبية، مثل القضية الفلسطينية، كأداة تعبئة لتحقيق أهداف غير معلنة.
وأوضح الطراونة أن المشهد السياسي الأردني شهد تغيّرات ملحوظة بعد حظر جماعة الإخوان وحل جمعيتها، وحل المجالس البلدية والمحلية التي كان من أعضائها منتسبون للجماعة، وحظر نشاطاتها وفرض قيود على أموالها، إضافة إلى متابعة أي نشاط إعلامي يصدر عنها.
وتابع: "تزامن ذلك مع حملات ممنهجة استهدفت الأردن عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات التابعة للجماعة"، متوقعاً أن تتخذ السلطات قراراً بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة بعد تعديل قانون الانتخاب، خاصة بعد تراجع دوره السياسي والإعلامي مؤخراً. واعتبر أن حل البرلمان قد يتزامن مع تجميد نشاط حزب جبهة العمل الإسلامي (30 نائباً).
أما المحلل السياسي والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، هشام النجار، فقال إن قادة الإخوان حريصون على استمرار حضور التنظيم رغم الإجراءات ضده، مضيفاً أن نشاطه المستمر يؤكد وجود تمويل دائم له.
وأكد النجار ضرورة تحييد التنظيم وعزله تماماً عن المشهد، مشيداً بيقظة الأجهزة الأمنية الأردنية التي تدرك خطورة الجماعة وتهديدها للأمن القومي.
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي الأردني، مأمون المساد، أن إلقاء القبض على مجموعة تنتمي لجماعة الإخوان، بحسب ما أوردته الجهات الرسمية، يأتي في سياق الحرص على حفظ الأمن والاستقرار، وتطبيق القانون على كل من تسول له نفسه الإضرار بالنسيج الوطني أو تهديد السلم المجتمعي.
وأرجع المساد في حديث لـ«العين الإخبارية» أهمية عملية التوقيف إلى عدة أسباب:
- خرق للقانون: الاجتماع يشير إلى تحدٍ صريح للقرارات القانونية التي تعتبر الجماعة غير مرخصة، مما يستدعي تحركًا أمنيًا.
- عودة للنشاط السري: قد يعكس محاولة إحياء تنظيمات محظورة عبر أساليب غير معلنة، بعيدًا عن العمل المؤسسي.
- توقيت حساس: تأتي في وقت تواجه فيه الدولة تحديات إقليمية وأمنية، ما يضاعف من خطورة أي حراك تنظيمي خارج القانون.
وأوضح أن الحادث يؤكد أن الدولة تتابع بدقة أي تحركات خارجة عن الإطار القانوني، خصوصًا تلك التي تنطوي على أبعاد تنظيمية وسياسية محظورة. ومن المتوقع أن تكون هناك متابعة حثيثة لهذا الملف في المرحلة المقبلة، لحماية الاستقرار ومنع أي محاولات لزعزعة السلم الداخلي.
وتابع: "يعتمد قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين على معطيات قانونية وسياسية، وهو من صلاحيات الدولة ومؤسساتها القضائية والتنفيذية، بناءً على الأدلة المتوفرة حول أنشطة الجماعة وتوافقها أو تعارضها مع القانون والدستور".
وعن الإجراءات المتوقعة ضد التحركات المشبوهة للجماعة أكد أنها ستشمل:
1. التصعيد القانوني: تقديم الموقوفين للقضاء بتهم الانتماء لجماعة غير مرخصة، وقد يؤدي ذلك إلى أحكام قضائية رادعة.
2. فتح تحقيق أوسع: لفهم مدى امتداد التنظيم، وهو ما قد يطال شبكات دعم أو تمويل، أو شخصيات قيادية متورطة.
3. إجراءات تنظيمية: قد يعاد النظر في وضع الجمعيات والمنظمات المرتبطة بفكر الجماعة، حتى لو كانت تعمل تحت مظلات قانونية.
4. رسالة ردع: الحادث يمثل رسالة واضحة بأن أي محاولة لإعادة إنتاج تنظيمات محظورة ستُواجَه بالحزم.
وبشأن مصير الذراع السياسية للجماعة، أوضح المساد أن "حل الحزب أو المجلس ليس إجراءً تقنيًا فقط، بل سياسيا أيضًا، ويعتمد على التوازن بين الاستقرار الوطني، القانون، والمرحلة السياسية المقبلة. أي قرار بهذا المستوى ستحكمه حسابات دقيقة تتعلق بالأمن الوطني، الرأي العام، والتوازنات الإقليمية".