قبل ظهور واتساب وماسنجر.. متى كانت أول رسالة نصية عبر الهاتف في العالم؟
مثل العديد من الابتكارات التقنية الجديدة ظهرت خدمة الرسائل النصية القصيرة أو ما تعرف باسم اس ام اس (SMS) بواسطة آباء كثيرين.
وتمكنت خدمة الرسائل النصية القصيرة من تحقيق انتشار واسع عقب تطبيق الخدمة تجاريا حول العالم، خاصة مع انخفاض قيمة تلك الخدمة مقارنة بخدمة إجراء المكالمات الصوتية عبر الهاتف المحمول في بداية انتشار الهاتف المحمول.
وذلك قبل عصر الواتساب وماسنجر فيسبوك وباقي تطبيقات المراسلة الفورية المنتشرة حاليا.
وما يزال المؤرخون في جدل حول من جاء أولا بالفكرة الرائدة لاستخدام القدرات غير المستغلة في شبكات الهاتف المحمول في إرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة.
إلا أن الخبراء يتفقون على أن أول مشروع قابل للتطبيق كان في عام 1985 وصاحبه مدير البريد الألماني فريدهيلم هيلبراند.
تحديد طول الرسالة
وفي بداية الأمر تم السخرية من رائد الاتصالات الخلوية الألماني هيلبراند، خاصة بسبب تحديده طول الرسالة النصية بـ160 علامة (حروف أو علامات ترقيم) لضمان كفاءة الإرسال.
وكان المهندس الكهربائي على يقين من أن 160 علامة أكثر من كافية لنقل رسائل مثيرة للاهتمام، مجادلا في ذلك بأن الفاكسات والبطاقات البريدية لا تستخدم عادة علامات أكثر من ذلك.
لكن ظهور هذا الأمر فعليا بدأ عندما تمكن مطور البرمجيات البريطاني نيل بابوورث بعد ذلك من إرسال أول رسالة نصية قصيرة في العالم بتكليف من شركة الاتصالات "فودافون".
لقد جرب تقنية الإرسال الجديدة منذ 30 عاما (بالتحديد في 3 ديسمبر/كانون الأول 1992) وأرسل 14 حرفا من الكلمة المشهور "عيد ميلاد مجيد Merry Christmas" من جهاز الكمبيوتر الخاص به إلى الهاتف المحمول لمدير "فودافون" ريتشارد جارفيس، في ذلك الوقت لم تكن هناك هواتف محمولة تُتيح إمكانية كتابة رسائل نصية.
الخدمة التجارية
وبدأت الخدمة الجديدة تجاريا بعد 15 شهرا في معرض الكمبيوتر الدولي "سيبيت" في مدينة هانوفر الألمانية عام 1994، من منظور اليوم كانت تكلفة الإرسال مرتفعة للغاية، في البداية كانت تبلغ تكلفة الرسائل القصيرة 39 قرشا للواحدة، ولكن مع إدخال عملة اليورو، أصبحت 19 سنتا كسعر قياسي للرسالة النصية القصيرة، بعد ذلك جذبت شركات الاتصالات المزيد من العملاء عبر خصومات وعروض تصل إلى خمسة أو ستة سنتات للرسالة الواحدة.
بقرة حلوب
تطورت "خدمة الرسائل القصيرة" لتصبح بقرة حلوب مربحة لقطاع الاتصالات. في عام 1998 تم تجاوز عتبة مليار رسالة نصية مرسلة في ألمانيا لأول مرة. بعد ذلك أخذ الأمر في التزايد بسرعة، وتم الوصول إلى الرقم القياسي في عام 2012 مع ما يقرب من 60 مليار رسالة نصية.
بالنسبة لشركة "دويشه تيلكوم" الألمانية للاتصالات وصلت الرسائل النصية القصيرة إلى ذروتها على الإطلاق في 2011/12، حيث تم إجمالا إرسال 137.4 مليون رسالة نصية في ليلة رأس السنة واليوم الأول من السنة الجديدة.
جلبت طفرة الرسائل القصيرة أرباحا بالمليارات إلى خزائن شركات خدمات الاتصالات، لكنها غيرت أيضا الطريقة التي يتواصل بها الشباب على وجه الخصوص مع بعضهم البعض.
طريقة صعبة للكتابة
وكانت كتابة النصوص على الهواتف المحمولة معقدة مقارنة بالهواتف الذكية اليوم: لم تكن هناك لوحة مفاتيح بأحرف، فقط الأرقام من 0 إلى 9 بالإضافة إلى علامتي * و #. كل رقم له عدة أحرف مخصصة له، على سبيل المثال: إذا أردت كتابة الحرف (f)، فعليك الضغط على المفتاح 3 ثلاث مرات على التوالي.
دفعت هذه الظروف إلى استخدام مصطلحات مختصرة لا يزال البعض يستخدمها اليوم على تطبيقات مراسلة مثل "واتساب" وغيرها، فعلى سبيل المثال ترمز حروف "hdg" بالألمانية إلى عبارة "Hab Dich gern" (أنا معجب بك) و"GN8" إلى "Gute Nacht" (ليلة سعيدة).
حاليا لا يستخدم سوى عدد قليل من الأشخاص الرسائل النصية القصيرة في اتصالاتهم الخاصة أو المهنية.
وانخفض عدد الرسائل النصية المرسلة في ألمانيا بشكل مستمر سنويا منذ ذروته في عام 2012 (59.8 مليار) ووصل إلى مستوى منخفض بلغ 7 مليارات رسالة في عام 2020. ومع ذلك سجلت الوكالة الاتحادية الألمانية للشبكات عام 2021 لأول مرة منذ التراجع المتواصل زيادة طفيفة إلى 7.8 مليار رسالة.
آمال استعادة الأمجاد
من هذا التطور الأخير يستمد القطاع الأمل، حيث تقول تانيا ريشتر، رئيسة قسم التكنولوجيا في شركة "فودافون ألمانيا": "كانت الرسائل النصية القصيرة ابتكارا منذ 30 عاما، لكنها لم تصبح بعد تاريخا بالنسبة للتكنولوجيا: ستظل معنا لسنوات عديدة قادمة".
لكن الزيادة الطفيفة في الرسائل النصية القصيرة العام الماضي ترجع في الواقع غالبا إلى استخدامها كثيرا في إطار تطبيقات تخص الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، حيث يُجرى عبرها إرسال أرقام المعاملات إلى الهاتف المحمول.
وبالإضافة إلى استخدام تلك الرسائل في الخدمات المصرفية ما تزال العديد من شركات شبكات الاتصال تستخدمها لتوصيل المعلومات أو الدعاية لعملائها.
وبشكل عام ما تزال العديد من الشركات تلجأ لخدمة الرسائل النصية القصيرة في عمليات الدعاية والإعلانات.