بعد إطلاق سراح عناصر إخوانية.. القضاء التونسي في مرمى الاتهام
وضع نشطاء تونسيون منظومة القضاء في موضع اتهام، بعد إطلاق سراح مجموعة من الإخوان المتهمين بعدة قضايا منها اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي.
وجاء هذا القرار بعد أن وجه الرئيس التونسي قيس سعيّد اتهامات لاذعة بالفساد وعدم الاستقلالية لبعض القُضاة المحسوبين على الإخوان الذين يعملون وفق أجندات خاصة، وصلت إلى حد إعلان رغبته في إعادة تشكيل منظومة العدالة برمتها.
هذه الاتهامات أثبتت صحتها، بحسب متابعين، بعد إطلاق سراح البرلمانيين المجمدين من جماعة الإخوان سيف الدين مخلوف، ونضال السعودي، إضافة إلى إطلاق سراح مصطفى خذر المستشار الخاص لراشد الغنوشي والمتورط بقضية اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي ورفع الإقامة الجبرية على الناشطين برابطات حماية الثورة (الذراع العنيفة للإخوان) بلحسن النقاش وهشام كنو.
إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص أثار انتقاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، معتبرين أنه يجب على الرئيس قيس سعيّد اتخاذ خطوات شجاعة وحاسمة نحو إصلاح منظومة القضاء وتحريرها من سيطرة حكم حركة النهضة طوال الـ10 سنوات الماضية.
وفي مختلف خطاباته بعد 25 يوليو/تموز، لم يتوان الرئيس التونسي في فضح أحكام لبعض القضاء الفاسدين والمأجورين، بحسب وصفه، إذ سبق وأن أكد أن الفساد ما زال مستشريا في جزء من القضاة، ولا يمكن تحقيق أي إصلاح، إلا بإصلاح جذري للقضاء حتى يستعيد عافيته.
وأضاف "لن نقبل أبدا بأن يتم المساس باستقلالية القضاء والقضاة، وسنسعى إلى أن تتوفّر في المحاكم آليات وظروف العمل المناسبة"، مؤكدا أن إعداد مرسوم يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء ليس تدخلا في الشأن القضائي ولكن سيتم ذلك بمشاركة القضاة أنفسهم.
صدمة
وهز المشهد السياسي التونسي صدمة للمتابعين بعد أن غادر مصطفى خذر مساء الإثنين سجن إيقافه، بعد تنفيذه العقوبة البدنية الصادرة في حقه والقاضية بسجنه مدة 8 أعوام وشهر واحد.
وكانت الدائرة الجنائية لدى محكمة الاستئناف بتونس، قضت بسجن مصطفى خذر مدة 8 أعوام وشهر واحد من أجل تهم تعلّقت بالاستيلاء على وثائق مودعة بالخزينة وحيازة وثائق تحتاج إلى إثبات المصدر وغيرها من التهم.
ووجب التذكير بأن مصطفى خذر منشورة في حقه قضية لدى المحكمة الابتدائية بأريانة بخصوص ما عرف بـ"الجهاز السري" لحركة النهضة.
كما قررت الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس مساء الإثنين، الإفراج عن النائبين المجمدين سيف الدين مخلوف ونضال السعودي بموجب انتهاء مدة الإيداع بالسجن الصادر في حقهما بخصوص القضية المتعلقة بحادثة اقتحام مطار تونس قرطاج الدولي من أجل تهريب إرهابية ممنوعة من السفر.
وقررت هيئة الدائرة تأخير مواصلة النظر في ملف القضية إلى شهر مارس/آذار القادم.
وفي هذا السياق، انتقدت البرلمانية التونسية السابقة فاطمة المسدي في تدوينة على "فيسبوك" خبر إطلاق سراح مصطفى خذر المسؤول عن الجهاز السري للإخوان.
بدوره قال وليد زروق النقابي الأمني التونسي في تدوينة على فيسبوك "حمد لله على السلامة مصطفى خذر لانتهاء مدة عقوبة سجنية من المفروض إرهابية".
واستدرك "وبقدرة قادر أصبحت جريمة حق عام رغم الوثائق والمؤيدات وتهديده لقاضي التحقيق لم تتخذ في شأنه أي إجراءات"، وتابع ساخرا "هنيئا لنا بسلطة قضائية مستقلة نزيهة".
كما قال المدون والناشط التونسي الصحبي العمري عبر فيسبوك إن إطلاق سراح السجين النهضوي مصطفى خذر بعد انتهاء مدة حكمه، يعني رفع القيود عن الجهاز السري للمعبد الأزرق أمام تراكم ملفاته العدلية وسبات جهاز القضاء.
ونور الدين البحيري يقبع حاليا منذ نهاية شهر ديسمبر الماضي في الإقامة الجبرية بتهم إرهابية تتعلق بتسفير إرهابيين إلى بؤر التوتر، وتولى منصب وزير عدل في حكومة حمادي الجبالي بين عامي 2011 و2013، ما جعله يسيطر بيد من حديد على جزء من القضاء ، ثم أصبح وزيرا معتمدا لدى رئيس الحكومة في حكومة علي العريض بين عامي 2013 و2014.
وينتمي البحيري لحركة النهضة منذ عام 1977، وشغل فيها عدة مناصب، خاصة إدارة الجناح الطلابي للحركة في الجامعة، قبل أن يصبح عضوا بمكتبها السياسي والمكتب التنفيذي ومجلس الشورى منذ 1981.
كما كان الرجل مسؤولا عن القسم السياسي في حركة النهضة في وقت لاحق، وتعرض للسجن لانتمائه للحركة بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 1987.
والبحيري معروف بلقب "العقل المدبر" للإخوان، ويواجه اتهامات بمحاولة إتلاف ملفات تثبت علاقة حزب النهضة الإخواني بالاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس في السنوات الماضية.