الكعبي: برنامج الإمارات النووي "نموذجي" ويحظى بدعم دولي كبير
السفير حمد علي الكعبي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يعدد مزايا وأهداف برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية.
أكد السفير حمد علي الكعبي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن تدشين الإمارات لأول مفاعل نووي، العام المقبل، ضمن مشروع محطة براكة في المنطقة الغربية، يحمل أهمية كبيرة على المستوى الدولي، خاصة أنه عندما بدأ التنفيذ في 2012 كان أول برنامج نووي جديد يتم تنفيذه منذ أكثر من 27 عاماً.
وقال الكعبي، في تصريحات على هامش أعمال المؤتمر العام الـ60 للوكالة الدولية للطاقة الذرية، المنعقد حالياً في العاصمة النمساوية "فيينا"، إن برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية لفت انتباه الكثير من الدول، بعد أن بذلت الإمارات جهداً كبيراً في التخطيط الإستراتيجي للبرنامج الذي لم يغفل جوانبه التي تشمل الجانب الصناعي والرقابي والحكومي، ووضعت إطاراً له يعتمد على التعاون الدولي، وأعلى المعايير بالنسبة للسلامة النووية والأمن، وحظر الانتشار والشفافية التي تعد من أهم مميزات نهج البرنامج النووي الإماراتي.
وأضاف "عندما نصف برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية بالنموذجي، فذلك لأن الإمارات اتبعت خطوات ممنهجة لتطبيق توجيهات الوكالة واستفادت من الممارسات الدولية في تطوير برنامج نووي ناجح"، مشيراً إلى أن قرار إنشاء برنامج نووي في الإمارات جاء بناءً على تقييم واسع لكل الممارسات الدولية تشمل توجيهات ومعايير الوكالة.
وقال: "نحن في دولة الإمارات عندما قمنا بتطوير نهج البرنامج النووي كان أحد أهدافنا ألا يقتصر ذلك على دولة الإمارات فقط، وإنما خلق نهج تستفيد منه دول أخرى في تطوير الطاقة النووية".
وحول تقييمه لعلاقة الإمارات بالوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال 40 سنة من العضوية، لفت السفير الكعبي -الذي يرأس وفد الدولة في أعمال مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية- إلى أن علاقة الإمارات مع الوكالة الدولية بدأت بالانضمام إلى عضوية الوكالة عام 1976، واليوم نحتفل بأربعين عاماً من التعاون والالتزام بمعايير الوكالة والعمل بشكل دؤوب ومثمر مع هذه المنظمة الدولية المهمة.
وأكد أن العلاقة بين الإمارات والوكالة الدولية تعتبر نموذجاً لكثير من الدول، مشيراً إلى أن الإمارات تتعاون مع الوكالة بشكل مباشر في الاستفادة من الخدمات التي تقدمها في مجال التعاون التقني ودعم جهود الإمارات في تطوير البنية التحتية النووية والخبرات والتدريب؛ حيث تدخل استخدامات التكنولوجيا النووية في مجالات الصحة والزراعة والتعليم ومكافحة التصحر والتي تعمل الإمارات بالتعاون مع الوكالة على تحقيقها.
ونوه في هذا الصدد إلى التزام دولة الإمارات بجميع معايير الوكالة؛ إذ تعمل معها لتنفيذ التزاماتها الدولية فيما يخص الاتفاقيات التي تشمل "الضمانات والسلامة النووية والأمن النووي"، بالإضافة إلى الانخراط معها في تقديم ومراجعة التقارير الوطنية المختصة بتنفيذ هذه الاتفاقيات.
وأوضح الكعبي أن الإمارات قدمت العديد من تقاريرها الوطنية تنفيذاً لالتزاماتها وتم عرضها على الدول الأعضاء في الوكالة وكلها كانت إيجابية من ناحية التزام الدولة بالمعايير والنصوص التي نصت عليها هذه الاتفاقيات الدولية، مشيراً إلى أن علاقة الإمارات بالوكالة أكبر من أن تتمحور حول استفادة الإمارات من دعم الوكالة فقط؛ "حيث تقدم الإمارات اليوم العديد من الخدمات للوكالة من أجل دعم عملها، وتهتم الوكالة الدولية بخبرة الإمارات في تنفيذ توجيهات ومعايير الوكالة، فيما أبدى العديد من الدول الأعضاء في الوكالة اهتماماً كبيراً بخبرة الإمارات في تطوير البنية التحتية لتطوير برنامج للطاقة النووية".
وقال إن الإمارات قدمت أيضاً، خلال الأعوام الماضية، المعلومات حول ممارساتها الوطنية إلى الوكالة وأعضائها كدعم لعمل الوكالة وتطوير معاييرها وتوجيهاتها للدول الأعضاء المهتمة بتنفيذ برنامج نووي للأغراض السلمية، لافتاً إلى أن الإمارات واصلت دعم الوكالة بالمنح المالية لتنفيذ البرامج والمشاريع الإستراتيجية المهمة.
وأوضح السفير في هذا الصدد أن الإمارات دعمت الوكالة بمليون دولار لتطوير مختبر الضمانات، وبـ10 ملايين دولار لإنشاء مشروع بنك الوقود النووي، بالإضافة إلى مشاريع أخرى قامت الإمارات بدعمها مالياً، فيما يشارك خبراء إماراتيون باستمرار في اجتماعات تقنية خاصة بالوكالة كلجان المعايير ولجان تطوير الإرشادات لبعض الدول في هذا المجال.
وعن أهمية مشاركة الإمارات في المؤتمر وهي توشك على تشغيل أول مفاعل نووي العام المقبل، قال الكعبي: "هذا العام بالإضافة إلى كونه عاماً مهماً يمثل 40 سنة مضت على التعاون المثمر مع الوكالة، فإنه يظهر للعالم جهود الإمارات الواضحة على الواقع في تطوير برنامج نووي يعتبر اليوم نموذجاً لكثير من الدول في مجال تطوير الطاقة النووية"، مؤكداً أن برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية يحظى بدعم دولي واسع إلى جانب دعم الوكالة الدولية من ناحية المبادئ وكفاءة الجهود التي قامت بها الإمارات.
وأضاف "اليوم أيضاً نحتفل بنتائج تقييم الوكالة الدولية لبرنامج الإمارات النووي؛ حيث قامت الوكالة بتقييم الإمارات في هذا المجال من خلال 6 بعثات تقييم شاملة خلال السنوات الـ5 الماضية عملت جميعها على تقييم البنية التحتية والبنية الرقابية، وأيضاً تقييم إدارة البرنامج في الإمارات، وكلها تقارير إيجابية للغاية تشير إلى نجاح الإمارات في تطوير هذا البرنامج وفقاً لمعايير وتوجهات الوكالة وافضل الممارسات الدولية".
وحول تصوره لعلاقة الإمارات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المرحلة المقبلة، قال المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن علاقة الإمارات مع الوكالة الدولية هي علاقة مستمرة، مشيراً إلى ما أبداه يوكيا أمانو، المدير العام للوكالة الدولية، من رغبة للاستمرار في دعم برنامج الإمارات النووي حتى البدء في تشغيل المفاعلات النووية وفيما بعد التشغيل.
وأوضح أن الإمارات كانت تركز في تعاونها مع الوكالة الدولية منذ بداية عملها بالبرنامج النووي على بناء البنية التحتية من خلال إصدار التشريعات والقوانين ووضع الأطر الرقابية المطلوبة ومراجعة التقدم الحاصل في المشروع ومن خلال التعاون في تطوير التشريعات الوطنية المتعلقة بالتفتيش والتراخيص في المجال النووي علاوة على تطوير الموارد البشرية.
وتوقع "الكعبي" أن يستمر التعاون مع الوكالة الدولية خلال المرحلة القادمة تبعاً لاحتياجات برنامج الإمارات النووي، مشيراً في الوقت ذاته إلى امتلاك الإمارات للعديد من القدرات التي تم تطويرها خلال الـ8 سنوات الماضية منذ إطلاق البرنامج.
وقال: "هذه الخبرات تطورت أيضاً بدعم الوكالة، فالمرحلة القادمة سوف تركز على مراحل البدء بتشغيل المفاعلات النووية وأيضاً على موضوع الاستدامة والنجاح الطويل الأمد للبرنامج"، واصفاً العلاقة مع الوكالة الدولية بأنها علاقة دعم وشراكة نظراً أيضاً لاهتمام الوكالة الدولية بخبرة الإمارات في هذا المجال لرغبة الكثير من الدول في الحصول برنامج نووي للأغراض السلمية.
وأبدى السفير الكعبي تطلعه لأن يتم مستقبلاً تطوير الإرشادات والمعايير في الوكالة بما يعكس هذه الخبرة الإيجابية "فهذا جزء من نطاق عملنا"، مؤكداً استمرار الإمارات في تنفيذ الاتفاقيات والالتزامات الدولية.
وحول المرجو من الاجتماعات الحالية بالنسبة للإمارات، قال السفير الكعبي إن المؤتمر السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية هو مؤتمر مخصص بشكل رسمي لمراجعة قرارات الوكالة سواءً تلك المتعلقة ببرامجها التقنية أو الميزانيات أو انتخاب أعضاء في مجلس المحافظين أو القرارات الخاصة بمجال الطاقة والسلامة النووية والضمانات، إلى جانب قرارات أخرى مثل إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن كل هذه المواضيع ليست بجديدة وتطرح سنوياً لمناقشتها ولاتخاذ واعتماد القرارات بشأنها ولكن أيضاً المؤتمر يستقطب الكثير من المسؤولين من الدول الأعضاء المختصين في الطاقة النووية والتكنولوجيا والقطاع النووي بشكل عام؛ حيث يعد نقطة تواصل تسمح لكثير من النقاشات الجانبية والاجتماعات وإطلاق المبادرات وفرصة لعرض تقدم الدول في قطاعاتها النووية.
وأشار إلى أن جناح الدولة المشارك في المعرض المقام على هامش المؤتمر والذي يظهر مدى التقدم الذي تم إحرازه في البرنامج النووي وجهود الإمارات في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال إن المؤتمر يشمل كذلك الكثير من النشاطات تعرض خلالها الدول الأعضاء مواضيع مختلفة تتعلق بالاستخدامات النووية إلى جانب مؤتمرات مصاحبة للمؤتمر العام مثل المنتدى العلمي الذي تعقده الوكالة كل عام والذي يناقش الكثير من المواضيع المتعلقة بالاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية في مجال الطب النووي والزراعة وفي مجالات التنمية المستدامة، حيث تشارك الإمارات هذا العام في المنتدى عبر هيئة الصحة بدبي من خلال تناول خبرة الإمارات في تطوير قطاع الطب النووي وعمل الإمارات مع الوكالة في استخدام التكنولوجيا النووية في القطاع الصحي بالإمارات.
وأكد أن نجاح الإمارات في تطوير برنامج سلمي للطاقة النووية اعتمد على أعلى المعايير الدولية المتعلقة بالسلامة النووية؛ إذ يحظى البرنامج بدعم دولي كبير ليس فقط من الوكالة الدولية ولكن من قبل المجتمع الدولي ككل.
وقال السفير: "نجاح الإمارات في تدشين المفاعل وتشغيله يعني الكثير للقطاع النووي؛ فبرنامج الإمارات هو أول برنامج يتم تنفيذه منذ أكثر من 27 عاماً بشكل ناجح ما يعطي انطباعاً إيجابياً لدى دول العالم، ولكنه يعني أيضاً إمكانية حصول الدول على الدعم الدولي في حال التزامها بالمعايير الدولية والشفافية، وهذه رسالة واضحة لأي دولة أخرى ترى أن البرامج النووية لا يمكن أن يتم تطويرها عبر الشفافية أو بالتعاون الدولي".
وأوضح أن الإمارات ببرنامجها السلمي للطاقة النووية استحدثت في الدولة قطاعاً تكنولوجياً ضخماً يعني الكثير للقطاع الصناعي في الإمارات، مشيراً إلى أن حجم البرنامج كبير ويتطلب الكثير من تطوير القدرات الصناعية داخل الإمارات.
وقال: "لاحظنا منذ تدشين هذا البرنامج الكثير من التقدم من ناحية القدرات الصناعية في الإمارات، فيما تم تطوير بعض الخدمات التجارية داخل الإمارات بناءً على متطلبات السوق نتيجة هذا القطاع الجديد".
واختتم السفير حمد علي الكعبي تصريحاته بالقول إن الإمارات اليوم تمتلك العديد من الخبراء المواطنين الذين تم تدريبهم وصقل خبراتهم خلال الأعوام الماضية، سواءً من خلال الانخراط في العمل في البرنامج أو تدريبهم خارج الدولة مع دول أخرى أو مع المنظمات الدولية، ما يعني دخول الإمارات لعصر تكنولوجي يعطي إضافة نوعية لقطاع الصناعة ولنوعية الكفاءات في الدولة والتي ستسهم ليس فقط في نجاح البرنامج، وإنما في نجاح الكثير من القطاعات المصاحبة لهذا البرنامج.
aXA6IDE4LjExOS4xMzcuMTc1IA==
جزيرة ام اند امز