مشروع "كلمة" يترجم كتاب "النفايات" للاسكتلندي جون سكانلان
الترجمة تصدر بالتزامن مع معرض أبوظبي الدولي للكتاب، واحتفاء بمرور 10 سنوات على انطلاقة مشروع "كلمة" للترجمة.
بالتزامن مع معرض أبوظبي الدولي للكتاب، واحتفاء بمرور 10 سنوات على انطلاقة مشروع «كلمة» للترجمة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، أصدر مشروع "كلمة" الترجمة العربية لكتاب "النفايات" للباحث الاسكتلندي جون سكانلان، ونقله للعربية الدكتور محمد زياد كبة.
جاء في بيان صحفي يعرِّف بالكتاب وأهميته: «ربما لا يدرك قارئ كتاب (النفايات) للوهلة الأولى عمق الأفكار التي يحملها بين ثناياه ولا تظهر في عنوانه البسيط. إنه كتاب امتزجت فيه لحمة الفلسفة بسدى الفن الحديث، فنسجت حبكة متماسكة تروي قصة الوجود والعدم، والإنسان والخليقة، ليتبين القارئ أن كل ما في الوجود - بما في ذلك الإنسان بالطبع - مآله إلى القمامة! فالوجود مرهون بالفائدة، وكل شيء موجود طالما يستفاد منه، لكنه ما يلبث أن يتحول إلى نفايات حين تقطف ثماره وتخبو جذوته. كل شيء -حتى الإنسان- ينتهي إلى خردة ترمى في النفايات، ولا بد من التخلص منها بطريقة أو بأخرى».
ويوضح المؤلف سكانلان أن الاعتقاد بأن القمامة نهاية المادة بصفة عامة، والكائنات الحية بصفة خاصة، لا يخلو من قصر، فلا شيء في هذا العالم يفنى، ولا شيء يولد من لا شيء. كل ما على الأرض يفنى في ظاهره، لكنه يعود بشكل آخر في عملية تدوير تصنع بوساطتها أشياء جديدة تخرج للوجود المرة تلو أخرى.
ويؤكد الكتاب أن النفايات تفشي أسرار أصحابها، وأن من الممكن معرفة الكثير عن حياة الناس من البحث في نفاياتهم المنزلية. وفي هذا المجال يروي المؤلف قصة المغني البريطاني بوب ديلون مع «باحث النفايات» ويبرمان الذي سبب له كثيراً من الإزعاج والإحراج. من هنا كانت فكرة دورة المادة في الحياة، وكيف تنتقل النفايات من حالة عدم التميز إلى حالة التميز حين تصبح مادة جديدة يستفاد منها مرة أخرى، فالنفايات إذن ليست سوى مرحلة انتقال بين وجودين مختلفين - بين ما هو كائن حالياً وما سيكون مستقبلاً. وفي هذا السياق يقتبس المؤلف من فلسفة كانت Kant وفتغنشتاين Wittgenstein ولوك Locke وكثيرين غيرهم، ويروي كيف تمكنت هذه الفلسفات من إنتاج مدارس فنية تنتمي إلى عصر ما بعد الحداثة وتعتمد على «ابتكار» أعمال فنية هي في الحقيقة تكوينات من النفايات كان أبرز أعلامها: مارسيل دوشان وروبرت راوشنبيرغ وكورنيليا باركر وغيرهم، حيث كوّن هؤلاء أعمالهم من أكوام من نفايات جمعوها من الشارع أو من حاويات الزبالة ثم قدموها أعمالاً فنية بأشكال مختلفة، وبذلك نهضت القمامة إلى الحياة من جديد بعد أن كانت مجرد أشياء انتهت صلاحيتها وصارت أنقاضاً لا فائدة منها.
ويعرض الكتاب مسألة الوجود الجمالي والفائدة العقلانية، حيث يؤكد أن عالم المظاهر في الفيزياء الحديثة يتحلل نظرياً من خلال الصقل إلى عالم من دقائق خفية تتحرك على انفراد. وفي القرن العشرين، أدت عقلنة النفايات إلى إخفاء التعفن الذي يطال كل الفضلات والمخلفات، ويوضح الكتاب أن التطورات التقنية في القواعد الصحية حدثت بتأثير ردود الأفعال المتمثلة بالإجراءات الضرورية لمواجهة التأثير الكاسح للفضلات، وليس نتيجة أي تخطيط رسمي مدروس.
إن كتاب النفايات يستأثر بالدرجة الأولى باهتمام المثقف العربي الواعي الذي يؤْثر الدراسات الفلسفية المعمقة، والاطلاع على قضايا تتطلب التفكير والمناقشة العقلية، فقراءته واستيعاب ما يطفو على سطحه وما يتوارى في ثناياه، يستحق من القارئ دون شك الصبر والأناة، فما بين السطور أكثر بكثير مما يبدو في السطور.