كازاخستان.. ملامح السياسة والتاريخ للبلد الثري
نور سلطان نزارباييف رئيس كازاخستان يعلن تنحيه عن منصبه وهو الرئيس الذي لم تعرف البلاد غيره منذ استقلالها عام 1991.
ظهر في كلمة متلفزة، معلنا بشكل مفاجئ تخليه عن سلطاته كرئيس لكازاخستان، في قرار صوّب الاهتمام نحو رجل تماهى تاريخه السياسي بتاريخ بلده الحديث.
- عاصمة كازاخستان تحمل اسم الرئيس السابق وابنته تتزعم مجلس الشيوخ
- رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف يعلن استقالته
إنه نور سلطان نزارباييف؛ رئيس كازاخستان الذي أعلن تنحيه عن منصبه ،الثلاثاء، وهو الرئيس الذي لم تعرف البلاد غيره منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عقب انهياره عام 1991.
ونظرا للتماهي الحاصل بين المسار السياسي لـ"نزارباييف" والتاريخ المعاصر لبلاده، تستعرض "العين الإخبارية" في ما يلي، مقتطفات من ملامح البلد الغني بالنفط والغاز:
بإعلان تنحيه عن الرئاسة، يتبادر إلى الأذهان مباشرة أن نزارباييف سيغادر السلطة بشكل نهائي، لكن ما يحدث فعلا هو أن الرجل استقال بالفعل من منصب الرئاسة، لكنه سيحتفظ برئاسة كل من مجلس الدفاع الأعلى، وحزب "نور أوتان" (نور الوطن)، وهو أكبر حزب سياسي بالبلاد.
وسيحتفظ أيضا، بمقتضى دستور البلاد، بعضوية الجمعية الوطنية، والتي تجمع كافة الأعراق والإثنيات.
ووفق الدستور أيضا، سيشغل رئيس مجلس الشيوخ، قاسم جومارت توكاييف، منصب الرئيس مؤقتا، إلى حين انتخاب رئيس جديد في اقتراع مقرر عام 2020.
معطيات منحت مراقبين قناعة شبه تامة بأن الاستقالة في مجملها تأتي ضمن أولى خطوات تحوّل سياسي محكم، يرنو لتشكيل ملامح مشهد سياسي جديد في ظاهره، مع احتفاظ الرئيس المستقيل بنفوذ كبير فيه.
فما هو السر الكامن في محطات هذا الرجل وهذا البلد، حتى يتقاطع مسارهما بهذا الشكل المصر على التماهي رغم انسياب الزمن؟
كازاخستان هي بلد عابر للقارات يقع بشكل رئيسي في شمال آسيا الوسطى، وجزئيا في أوروبا الشرقية، غرب نهر الأورال.
كانت جزءا من الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفيتي، قبل أن تحصل على استقلالها عام 1991.
تتبنى كازاخستان نظام الحكم الرئاسي، ويعتبر الرئيس رأس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وقد تولى نزارباييف الرئاسة منذ الأول من ديسمبر كانون أول من العام المذكور، فيما جرت آخر انتخابات بالبلاد في 2005.
ومع أنه غالبا ما كان نزارباييف يحصل على أكثر من 90 بالمائة من أصوات الناخبين، إلا أن الدستور الصادر في 30 أغسطس/ آب 1995، و يصف كازاخستان على أنها "دولة ديمقراطية"، وأن الشعب هو "مصدر السلطات".
وبصفته رئيساً للدولة، تولى نزارباييف الإشراف على الحكومة، وهو مفوض بتعيين وعزل أعضاء الوزارة ورؤساء أعضاء المحكمة الدستورية والمحكمة العليا ومحكمة التحكيم العليا والنائب العام ورئيس البنك المركزي .
ووفق تعديلات دستورية في 2007، خفضت فترة الولاية الرئاسية من سبع إلى خمس سنوات، في اجراء لم يدخل حيز التفعيل إلا اعتبارا من 2012.
كازاخستان في عهد نزارباييف
يحسب لـ "نزارباييف" (78 عاما) القيام بإصلاحات اقتصادية حيوية حققت نموا كبيرا، على مدار 30 عاما، في بلد غني بالثروات، وتعادل مساحته مساحة دول أوروبا الغربية مجتمعة (أكثر من 2.7 مليون كيلومتر مربع).
وفي بلد يتقاسم حدودا له مع كل من روسيا والصين، ويعد نحو 18 مليون نسمة، لعب نزارباييف دورا بارزا في تاريخه، حتى بات يُلقب بـ"مؤسس كازاخستان الحديثة".
محللون يقرون أن الحفاظ على التماسك الداخلي في بلد يزخر بالتنوع الإثني والعرقي مثل كازاخستان، يشكل تحديا جسيما في حد ذاته، ورهانا كسبه الرئيس المستقيل بشهادة إحداثيات الوضع بهذا البلد.
فلقد بذل الرجل جهودا مكثفة قادت إلى الحفاظ على هذا التماسك المجتمعي، وقاد إصلاحات اقتصادية واسعة، جعلت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي يتضاعف بـ15 مرة خلال فترة حكمه.
وفي عهده، دخلت كازاخستان قائمة أكثر 50 دولة نموا في العالم، وتحولت إلى مركز للعبور بين للقارات، كما ارتفع نصيب الفرد من الدخل بـ9 مرات، وتراجع عدد سكان البلاد ممن كانوا مصنفين تحت خط الفقر.
ودوليا، استطاعت كازاخستان استقطاب الأضواء إليها، عبر مشاركة فعالة في منظمات إقليمية ودولية، كما تحولت إلى مركز سلام عقب قرار نزارباييف إغلاق موقع استخدمه الاتحاد السوفيتي، لسنوات، لإجراء اختبارات نووية روعت العالم.