رئيس مركز البحرين للدراسات: حكم آل خليفة جسّد مثالا للانفتاح والتعددية
الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة استعرض موجزا عن نسب آل خليفة وارتحالهم، أمام مؤتمر "حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر".
قال الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" إن حكم "آل خليفة" قد جسّد على مر العصور مثالا للانفتاح والتعددية تحت راية التوحيد.
وأشار الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، لدى مشاركته، اليوم السبت، بالعاصمة البحرينية المنامة، في فعاليات مؤتمر "حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر.. التاريخ والسيادة"، إلى أن حكم "آل خليفة" في "الزبارة" وشبه جزيرة قطر، قد أسهم في جعل هذه المنطقة حاضرة سياسية ومركزا تجاريا مزدهرا، وواجهة رئيسية في الخليج العربي.
ولفت رئيس مجلس أمناء "دراسات" إلى أن انعقاد المؤتمر يؤكد العزم المشترك على الاستثمار في المعرفة، وإثراء الجهود في صهر الأفكار لإنتاج رؤى خلاقة ومبادرات فاعلة، من أجل تعزيز رفعة وريادة مملكة البحرين، وسيادة الأمن والسلام في ربوع منطقتنا.
وقال: إن المؤتمر يتناول حقبة زمنية مهمة من تاريخ منطقة الخليج العربي، وهي حكم آل خليفة وسيادتهم على شبه جزيرة قطر، منذ بداية إنشاء دولة آل خليفة في الزبارة عام 1762م ويعتبر هذا العام، نقطة تحول محورية في تاريخ المنطقة الحديث.
وأضاف، حسبما ذكرت وكالة أنباء البحرين، أن حكام آل خليفة نهضوا بكل أعمال السيادة في تلك المنطقة في إطار حكم رشيد، وقدموا نموذجا في الإدارة وحماية التجارة، وتأمين الملاحة البحرية، إلى جانب استتباب الأمن، وتطبيق النظام والقانون، والقيام بمهام ومسؤوليات الدولة الحديثة، وتنفيذ أحكام المعاهدات الدولية على شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، ونتيجة لذلك تحولت الزبارة إلى حاضرة سياسية ومركز تجاري مزدهر، وواجهة رئيسية في الخليج العربي.
وتابع: أن "الزبارة" تحت حكم آل خليفة، هي رمز للوحدة الأزلية بين شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، وهي حقيقة أكدها الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين في الوقت الحاضر بالقول: "نحن أعرف بشعب قطر، هم أهلنا وأصدقاؤنا وهم شعبنا قبل حكم آل ثاني".
وأكد أن البحرين لم تتخل يوما عن "الزبارة"، وكانت ضمن المطالب الرئيسية أمام محكمة العدل الدولية، باعتبارها والمناطق الأخرى، تشكل جزءا أصيلا من أراضي مملكة البحرين، وهي حقوق تاريخية وشرعية موثقة من كيان البحرين السيادي، حيث رسمت الحدود الجديدة جبرًا بقوة إسناد أجنبية، للاستحواذ على منابع الطاقة، مشيرا إلى أن البحرين تعرضت لسلسلة متواصلة من الأطماع والمؤامرات، وتحملت الكثير من أجل النأي بمجلس التعاون الخليجي عن الخلافات.
وقال، حسبما ذكرت وكالة أنباء البحرين: "في المقابل، شكّل حكام آل ثاني على الدوام، عنوانا للتمرد والتآمر، ومصدرا للفتن والفرقة، لتحقيق أغراض السيطرة والتوسع، وبكل الوسائل غير المشروعة، ومنها اللجوء إلى القوة المسلحة الغاشمة والتهجير القسري، كما حدث في العدوان العسكري على إقليم الزبارة في عام 1937م، وتكرر في الديبل عام 1986م، وصولا إلى التدخلات القطرية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين عبر دعم جماعات الإرهاب، والتحريض الإعلامي، وتجنيس فئات معينة، بشكل غير قانوني، بغرض التأثير على النسيج الاجتماعي".
وأضاف أن هناك العديد من الأضرار البالغة، تمثلت في شهداء الواجب الأبرار، وتأثر البنى التحتية، والنهب المنظم لثروات البحرين في أراضيها التاريخية، فضلا عن معارضة حكام الدوحة للإصلاحات الرائدة والكبيرة في المملكة، والتي يقودها بحكمة واقتدار عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لافتا إلى أن هذه القضايا والحقائق، جرى استعراض وتوثيق جانب مهم منها، خلال منتدى "دراسات" السنوي في دورته الأولى خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، والذي جاء بعنوان "قطر: عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط"، وكذلك كتاب المركز الجديد "العدوان القطري على الديبل عام 1986".
واستعرض رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة موجزا عن نسب آل خليفة وارتحالهم، قائلا: "يذكر الشيخ عبدالله بن خالد بن علي آل خليفة رحمه الله فيما كتب عن العتوب: أن العتوب تحالف قبلي يضم أفخاذًا وعشائر عدة تنتمي لعدة قبائل، تصاهرت فيما بينها وكونت هذا التحالف الذي تشير إليه كثير من المصادر والمراجع ببني عتبة، كما يرد عند عثمان بن سند حين يذكر: والذي يظهر أن بني عتبة متباينو النسب لم تجمعهم في شجرة أم وأب، ولكنهم تقاربوا فنُسب بعضهم لبعض، وما قارب الشيء يعطى حكمه على الفرض".
وتابع: "التحالفات القبلية معروفة في شبه الجزيرة العربية منذ ما قبل الإسلام.. ومن عشائر العتوب من ينتمي لقبيلة عنزة كآل خليفة والصباح والجلاهمة والفاضل، وهم ينتمون لجميلة بن وائل.. ومنهم ينتمي لقبيلتي تميم وسُليم كآل بن علي.. وكانت عزوتهم واحدة وهي أولاد سالم، وظلت كذلك إلى أن سكنوا الكويت فزالت هذه العزوة أو الشهرة، وصار كل منهم يلقب باسم عشيرته".
وذكرت وكالة أنباء البحرين "بنا" أن الوثائق والمصادر تؤكد تسلسل نسب آل خليفة في القرن الثامن عشر الميلادي/الثاني عشر الهجري الذي يعود إلى خليفة الكبير، وهو الشيخ خليفة بن محمد بن فيصل العتبي المؤسس لهذه العشيرة في الهدار بالأفلاج في جنوب شرقي نجد بشبه الجزيرة العربية.. وهذا النسب لشيخ بني عتبة من آل خليفة هو الذي تواتر عند المؤرخين بعد ذلك سواء عن شيوخهم وشخصياتهم في الكويت أو في الزبارة والبحرين، سواء في المصادر العربية كابن لعبون النجدي أو عبدالجليل الطبطبائي؛ أو في المصادر الأجنبية كالفرنسي أوتر (1750م/ 1164هـ) والهولندي كنبهاوزن (1756م/1170هـ) والدنماركي نيبور (1765م/1179هـ)، مما لا يدع مجالًا للشك في أنَّ لقب العتبي هو الأساس الذي كانوا يرجعون إليه.. وقد دخلت بعض البيوتات في هذا النسب كنتيجةً للتقارب، الذي يكون بسب المجاورة في السكنى والتي يتبعها مصاهرة أو تحالف يمتد بهما النسب، فيلتحق الأصهار والأحلاف بالنسب السائد ذي العزوة.
وأضافت أن عشائر تحالف العتوب هاجرت في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي/القرن الحادي عشر الهجري أي نحو عام 1671م/ 1082هـ من موطنها في الهدار بالأفلاج في جنوب شرقي نجد واستقرت في المبرز بالأحساء في شرقي الجزيرة العربية في إقليم البحرين الذي كانت تحكمه قبيلة بني خالد. ويُستدل على ذلك التاريخ بما أقطعه براك بن عريعر شيخ بني خالد للعتوب من نخل في القطيف بعد مشاركتهم له في فتحها في ذلك العام. وهو النخل الذي أوقفه الشيخ خليفة بن محمد بن فيصل العتبي الجد الأكبر لآل خليفة على المسجد الذي بناه في الكويت عند وصولهم إليها.
وقال الشيخ الدكتور عبدالله بن أحمد آل خليفة: "هناك العديد من الدروس والعبر التي يمكن الاستفادة منها، وأيضا الكثير من الحقائق الغائبة أو تلك التي لم تنل حقها من البحث والاهتمام. ويحدونا الأمل، بأن يقود النقاش والتفاعل بين الآراء إلى تطوير الرؤى وتحفيز الجهود، للإسهام في مواجهة كل من يريد الشر والسوء بأمننا ومقدراتنا وسيادتنا".
من جانبه قال الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، إن اشتهار شبه جزيرة قطر جاء مقترنا بازدهار "الزبارة" كمدينة علمية تجارية إبان عهد آل خليفة وحكمهم في قطر.
واستعرض الشيخ خالد بن خليفة، لدى مشاركته في المؤتمر، عدداً من الخرائط والوثائق التاريخية التي تثبت حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر.
وفي ورقته المعنونة بـ"تأسيس الدولة: نشأة الزبارة وتوسع الدولة لتشمل فتح البحرين"، التي قدمها في المؤتمر، استعرض الشيخ خالد بن خليفة مخطوطة تثبت نشأة الزبارة في عهد الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة، بالإضافة إلى عدد من العلماء والأدباء الذين استقروا في الزبارة، مبيناً فيها انتماءاتهم العقائدية والمناطقية وتنوع معارفهم ومهاراتهم.
وأكد الدكتور خالد بن خليفة أن سياسات آل خليفة في الزبارة اعتمدت بشكل رئيسي على الانفتاح والتسامح المذهبي والقبول والتعددية، مشيرا إلى أن ذلك أسهم في استقطاب علماء وأعيان المنطقة وازدهار التجارة والاستقرار السياسي والاجتماعي، وحوّلها إلى مركز إقليمي علمي حضاري.
ويناقش المؤتمر الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، حقبة زمنية مهمة من تاريخ منطقة الخليج العربي، وهي حكم آل خليفة وسيادتهم على شبه جزيرة قطر، منذ بداية إنشاء دولة آل خليفة في الزبارة عام 1762م.
واستعرض المؤتمر أقدم وثيقة بخصوص "الزبارة" والتي تمثل دليلاً على حكم آل خليفة لها، وتشير إلى أن البحرين لم تتخل أبداً عن الزبارة، وهي موثقة تاريخياً وتعتبر حقا من حقوق المملكة سواء تاريخيا أو شرعياً، إلا أنها حرصت منذ البدايات على وحدة الصف الخليجي ولم تصعد الموقف.
وتتوزع مناقشات المؤتمر على 3 جلسات متخصصة، لمناقشة محاور رئيسية، "الزبارة عاصمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر وجُزر البحرين"، و"التمرد على شرعية آل خليفة في شبه جزيرة قطر"، بالإضافة لمحور "العُدوان القطري على الديبل في عام 1986م".