«بايكتوسان».. سلاح كيم جونغ أون لتكريس ولاء الشباب
يتمتع كيم جونغ أون بسلطة مطلقة في كوريا الشمالية لكن أمرا واحدا يمثل تهديدا له، وهو عدم الولاء من جانب شباب بلاده.
يشعر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بقلق خاص من تسرب المعلومات من وسائل الإعلام الأجنبية إلى البلاد مما يمنح مواطنيه لمحة نادرة عن العالم الخارجي.
لذا فإن حيازة أو توزيع محتوى مثل أفلام هوليوود أو الألبومات الغنائية لمطربي كوريا الجنوبية وهو المحتوى الذي يشير إليه كيم باسم "السموم الخطيرة" يكلف صاحبه عقوبات صارمة تصل للموت.
وتعد قدرة كيم (41 عاما) على الحفاظ على فكرة أن بلاده "جنة اشتراكية" أمرا أساسيا لبقائه في السلطة، لكن هذه القدرة باتت مهددة من شباب كوريا الشمالية، وفقا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير طالعته "العين الإخبارية".
ولمواجهة هذا التهديد أسند كيم مؤخرا دورا دعائيا مركزيا إلى لواء الصدمة الشبابي الذي يحمل اسم جبل "بايكتوسان" المقدس في البلاد، الذي يضم مجموعة من المراهقين والشباب في العشرينيات من العمر.
ومؤخرا، أشاد كيم بأعضاء هذا اللواء باعتبارهم أبطالا وطنيين، لمساعدتهم في إعادة بناء منطقة الحدود الغربية التي سوتها الفيضانات الصيف الماضي، إذ أقاموا خلال 4 أشهر 15000 منزل ومدرسة ومستشفى بحسب وسائل الإعلام الرسمية في البلاد.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن أعضاء لواء بايكتوسان البالغ عددهم 300 ألف فرد حشدوا أنفسهم في لحظة وتطوعوا للذهاب، في حين أشاد كيم الذي يطلق على نفسه "الأب الخيري" بالمجموعة الشهر الماضي بعدما دعاهم في وقت سابق إلى التعبير عن ولائهم للنظام من خلال تنفيذ مشروع العمل اليدوي.
ويوم الجمعة الماضي، أشادت أعلى هيئة تشريعية في كوريا الشمالية (الجمعية الشعبية العليا)، بـ"حملة البناء الكبرى التي أظهرت روح دولتنا".
ويعد لواء "بايكتوسان" واحدا من عشرات المنظمات شبه العسكرية المكونة من كوريين شماليين تم انتقاؤهم من وظائفهم اليومية لتسريع مشاريع البناء الكبرى في ظل ظروف قاسية، حيث تعد "ألوية الصدمة" قوى عاملة تم تنظيمها في الدول الاشتراكية مثل الاتحاد السوفياتي للتغلب على نقص الآلات المتقدمة وفي حين ينضم البعض طواعية إليها، يجند الآخرون قسراً حيث يواجهون سوء التغذية على نطاق واسع.
من جانبه، قال بيتر وارد، الباحث في معهد سيجونغ للأبحاث في سول إن كيم يريد أن يشغل الشباب بالعمل لمنعهم من التجمع لمشاهدة التلفزيون الكوري الجنوبي وتطوير أفكار حول الدولة.
ويواجه كيم عددا كبيرا من التحديات، فعليه أن يتجنب ردود الفعل العنيفة داخليا وخارجيا، بسبب نشره 12 ألف جندي في روسيا، كما أن عليه دعم الاقتصاد المنهار، وعليه أن يقرر كيف يتعامل مع الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تعهد قبل أيام بالتواصل مجددا مع الزعيم الكوري الشمالي.
ومع ذلك يظل التحدي طويل الأمد الذي يجب معالجته حاليا هو الحفاظ على الشباب في كوريا الشمالية كمؤمنين حقيقيين، حيث إن غرس العقيدة في شباب البلاد يضمن بقاء نظامه لعقود، في حين أن خسارة الحملة الدعائية قد تخلق حالة من عدم الاستقرار وفقا لخبراء الأمن.
وقبل عام تخلى كيم عن آمال إعادة التوحيد السلمي مع كوريا الجنوبية التي أعلنها العدو الجديد لبلاده، وهو ما يشير إلى مدى جدية اعتباره النفوذ الأجنبي كتهديد خاصة بعدما تحرك في السنوات الأخيرة لحظر استخدام الأزياء الكورية الجنوبية مثل التنانير القصيرة أو التعبيرات المتداولة هناك.
كما فرضت بيونغ يانغ أوامر إطلاق النار على الفور عند الحدود، وأقام حواجز لمنع الكوريين الشماليين من المغادرة ومنع المعلومات الخارجية من الدخول.
وفي كوريا الشمالية يخضع الشباب للتجنيد العسكري لمدة لا تقل عن 10 سنوات، يخضعون خلالها لدروس التلقين اليومية، في حين كشف استجواب الجنود الأسرى في أوكرانيا عن ارتفاع مستوى الولاء بينهم.
وأشارت تقارير حكومية كورية جنوبية إلى أن ظروف العمل في ألوية الصدمة قد تكون خطيرة، فقبل عامين تقريبا أشادت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية بفتاة تبلغ من العمر 18 عاما، قالت إنها ماتت بسبب عملها رغم إجرائها جراحة طارئة وأضافت أن الفتاة اعتذرت في مذكراتها لكيم لفشلها في أداء مهامها اليومية.
تشو تشونغ هوي، الذي هرب من كوريا الشمالية في 2011، قال إنه تم تجنيده منذ أكثر من 4 عقود في أحد ألوية الصدمة للشباب حين كان عمره 17 عاما.
وأضاف أنه كان قادما من مرتبة اجتماعية أدنى لذا كان الانضمام للواء أحد الطرق القليلة للحصول على عضوية حزب العمال التي يمكن أن توفر له مكانة أعلى في المجتمع.
وتذكر تشو عمله قائلا إن البناء بدأ قبل شروق الشمس واستمر غالبا حتى منتصف الليل، وفي إحدى المرات وأثناء حفر نفق انهارت الجدران مما أدى إلى إصابته في ظهره، وأشار إلى وفاة بعض زملائه وإصابة آخرين بكسور.