الملك تشارلز.. أول عاهل بريطاني يحضر جنازة كاثوليكية منذ 4 قرون

في خطوة غير مسبوقة منذ الإصلاح الديني في القرن السادس عشر، يستعد الملك تشارلز الثالث الأسبوع المقبل لحضور قداس جنائزي كاثوليكي في بريطانيا، ليصبح بذلك أول ملك يقوم بهذا الأمر رسميا منذ أكثر من 400 عام.
وسينضم الملك، بصفته رأس الكنيسة الإنجليزية، إلى أفراد العائلة المالكة في قداس الريكويم الذي سيقام في كاتدرائية وستمنستر، أكبر كنيسة كاثوليكية في إنجلترا وويلز، على روح دوقة كِنت التي رحلت مؤخرا عن عمر ناهز 92 عاما، وفقا لصحيفة التايمز.
وترى كاثرين بيبنستر، رئيسة تحرير سابقة لصحيفة «ذا تابلِت» الكاثوليكية، أن مشاركة الملك وولي العهد الأمير ويليام وزوجته الأميرة كيت في قداس داخل بريطانيا تمثل "خطوة كبيرة في مسار التقارب بين الكنيسة الإنجليزية والكنيسة الكاثوليكية".
وأضافت: "الملكة الراحلة، إليزابيث الثانية، التقت بالعديد من البابوات، لكنها تجنبت حضور قداس كاثوليكي داخل المملكة المتحدة، أما اليوم فالأمر مختلف تمامًا".
سيرة الدوقة وخيارها الروحي
اعتنقت الدوقة الراحلة، كاثرين كِنت، الكاثوليكية عام 1994 بعد سنوات من الصعوبات الصحية والمعاناة الشخصية، لتصبح أول فرد من العائلة المالكة يقدم على هذه الخطوة منذ اعتناق الملك تشارلز الثاني الكاثوليكية على فراش الموت عام 1685.
قرارها، الذي وصفته في مقابلة عام 1997 بـ"الاندفاعي إلى حد ما"، لم يكن مرتبطًا بالجدل حول رسامة النساء في الكنيسة الإنجليزية حينذاك، بل نابعًا ــ كما قالت ــ من "تجارب إنسانية وأشخاص التقت بهم".
وأكدت: "أحب الإرشادات، والكنيسة الكاثوليكية تمنحني ذلك. أحب أن أعرف دائما ما هو متوقع مني."
حضور ملكي واسع
إلى جانب الملك تشارلز والملكة كاميلا، سيشارك معظم أفراد العائلة المالكة في القداس المقرر في 16 سبتمبر/أيلول، بينهم ولي العهد الأمير ويليام وزوجته. ومن المقرر أن يتخذ الأمير هاري، دوق ساسكس، قراره بشأن الحضور خلال الأيام المقبلة.
زوج الراحلة، دوق كِنت ــ وهو ابن عم الملكة إليزابيث الثانية وحفيد الملك جورج الخامس ــ هو أكبر أفراد العائلة المالكة سنا اليوم، حيث يبلغ 89 عاما.
يشار إلى أن العلاقة بين التاج البريطاني والكنيسة الكاثوليكية اتسمت بالتوتر منذ القرن السادس عشر، حين رفض البابا كليمنت السابع عام 1527 طلب هنري الثامن الطلاق من كاثرين أراغون للزواج من آن بولين.
كان الرد البابوي سببا في تفجر الانقسام الديني، ومع "قانون السيادة" عام 1534 انفصلت إنجلترا رسميا عن روما. ومنذ عهد إليزابيث الأولى، كان يُتوقع من الملوك الدفاع عن الكنيسة الإنجليزية ورفض الكاثوليكية.
ورغم ذلك، شهدت العقود الأخيرة إشارات للتقارب. فقد شارك تشارلز سابقا في أكثر من قداس كاثوليكي خارج بريطانيا، مثل جنازة البابا يوحنا بولس الثاني عام 2005 وإعلان قداسة الكاردينال جون هنري نيومان في روما عام 2019، كما التقى البابا فرنسيس في الفاتيكان.
لكن حضوره قداسًا كاثوليكيا على أرض بلاده يمثل تحولا تاريخيا في العلاقة بين الملكية والكنيسة الكاثوليكية.