اكتشاف حديد نيزكي قديم في قطع أثرية ببولندا يُعيدنا إلى أسرار الفراعنة

في اكتشاف جديد يثير الاهتمام، كشفت دراسة حديثة عن وجود حديد نيزكي في قطع أثرية تعود للعصر الحديدي المبكر في بولندا وهو اكتشاف يذكرنا بخنجر الملك توت عنخ آمون المصري الشهير، الذي كان مصنوعا من حديد نيزكي.
الدراسة قادها الدكتور ألبرت جامبون من جامعة كوت دازور بفرنسا، ونُشرت في مجلة علوم الآثار، وتم خلالها تحليل مجموعة من القطع الحديدية المكتشفة في مقابر تعود إلى ثقافة لوساتيا في جنوب بولندا.
خنجر الملك توت ونيازك الحديد.. "العين الإخبارية" تنفرد بأصل الحكاية
وتتعلق القطع الأثرية التي تم تحليلها بمجموعة متنوعة من المجوهرات والأدوات المعدنية، بما في ذلك الأساور، الحلقات الساقية، السكاكين، رؤوس الرماح، والقلائد، التي تم اكتشافها في مقبرتين بالقرب من مدينة تشيستوشوفا-راكوف. ومن خلال استخدام تقنيات تحليل متطورة مثل الأشعة السينية المحمولة، والميكروسكوب الإلكتروني الماسح (SEM)، وأشعة إكس الدقيقة، تمكن الباحثون من تحديد العناصر المكونة للحديد وتركيبته المادية.
ومن بين 26 قطعة حديدية تم تحليلها، تبين أن أربع قطع على الأقل كانت تحتوي على حديد نيزكي، وتم العثور على هذه القطع في مقبرة تشيستوشوفا-راكوف (أساور وحلقة ساقية) وأخرى في مقبرة تشيستوشوفا-ميرو (دبوس). تشير النتائج إلى أن هذا النوع من الحديد ربما قد جاء من نيزك نادر يحتوي على نسبة عالية من النيكل، وهو ما يميزه عن الحديد الأرضي التقليدي.
وتقدم الدراسة فرضية مثيرة،وهي أنه " بما أن قطع الحديد النيزكي نادرة جدا، فإن احتمالية أنها قد تكون نتاجا لسقوط نيزكي مرصود من قبل السكان المحليين تبدو عالية، ما يتناقض مع فرضية العثور على الحديد النيزكي بشكل عشوائي"، وهذه النظرية تشير إلى أن القطع الحديدية تم الحصول عليها من سقوط نيزكي شهدته المنطقة، وهو ما يعكس فهما متقدما لهذه المواد من قبل الحضارات القديمة.
وفي سياق آخر، كشف التحليل أنه على الرغم من أن الحديد النيزكي يعد مادة نادرة، إلا أنه لم يكن يُنظر إليه كعنصر ثمين للغاية في العصر الحديدي المبكر، حيث كانت القطع المكتشفة مدفونة في قبور تخص أفراد من مختلف الأعمار والجنس، ما يوضح أن استخدام الحديد النيزكي لم يكن مرتبطا بالطبقات الاجتماعية أو الوضع المالي.
ويتوقع الباحثون أن يكون هذا الاكتشاف ذا أهمية كبيرة لفهم أصول الصهر الحديدي وكيفية تفاعل الناس مع المواد النادرة في العصور القديمة، كما أن النتائج توضح وجود أقدم أشكال الحديد المزين في هذه القطع الأثرية، وهو ما قد يسبق اكتشاف الفولاذ الدمشقي الذي اشتهر في العصور اللاحقة.
يذكر أنه في عام 2016، كشفت دراسة أن الحديد المستخدم في خنجر الملك توت عنخ آمون، الذي عثر عليه عند اكتشاف مقبرته كان مصدره أحد النيازك، وفي عام 2022، نشرت دراسة بدورية "علم النيازك والكواكب"، قادتها الباحثة توموكو أراي، من مركز أبحاث استكشاف الكواكب باليابان، وتوصلت إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو أن النيزك الذي جاء منه الحديد، كان من مجموعة تسمى "الأوكتاهيدريت"، وهي أكبر النيازك الحديدية المعروفة.