يعكس فوز الإمارات بمقعد غير دائم بمجلس الأمن الدولي مكانة دبلوماسية الإمارات التي يقودها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.
أسس تلك الدبلوماسية القائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، وابتكار دبلوماسية مبدعة قائمة على التوازن ومراعاة المصالح المتبادلة، وضع دعائمها، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة.
وجاء انتخاب الجمعية العامة للأمم المتحدة، دولة الإمارات عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، تتويجا لمسار الدولة البارز في العمل الإنساني ودعم السلم الدولي والتشبث بمبادئ الأمم المتحدة.
وساهمت الدبلوماسية الناعمة لدولة الإمارات في احتواء الأزمات والخلافات الناشئة بين دول العالم، وسعت بشكل دؤوب على تعزيز تواجدها عن طريق أدواتها الناعمة التي تبلورت في برامج مساعداتها الإنسانية والإغاثية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة والإنمائية، بالإضافة إلى مساهمتها الفاعلة في عمليات حفظ السلام لحماية المدنيين.
وتحث الإمارات بقوة على تغليب لغة الحوار في التعامل مع القضايا والأزمات كافة، ففي ساحات العطاء والاستجابة الإنسانية، تضطلع الإمارات بدور ريادي، إقليميا ودوليا.
فوز عن جدارة.. الإمارات عضو غير دائم في مجلس الأمن
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان يعد نموذجاً مغايراً للدبلوماسي العربي بجمعه العديد من الصفات فهو الشاب في نشاطه وطموحه وأحلامه، والخبير في حكمته، والمستشرف للمستقبل في رؤيته، والمتميز في سماته الأخلاقية لأنه تربى بمدرسة زايد في سماتها الإنسانية التي يشهد بها القاصي والداني، والمبدع في أفكاره في إدارة سياسة الخارجية الإماراتية، التي تأتي دائماً خارج الأفكار التقليدية، لذلك لم يكن غريباً وصفه بــ"فارس الدبلوماسية الإماراتية"، فهو ثاني اثنين غيرا وجه المنطقة.
وعلى خطى السادات صنع الشيخ عبدالله بن زايد سلاماً أعاد ترتيب المنطقة، ورسم مستقبلها على أسس واقعية جديدة؛ بعد أن هدم الأصنام والأساطير القديمة التي تغذت عليها قوى التطرف والإرهاب لمدة تجاوزت نصف القرن، ووضع القضية الفلسطينية من جديد في بؤرة الاهتمام العالمي بعدما كادت تدخل غياهب المجهول تحت الاستثمار والتوظيف المؤدلج للفلسطينيين، وقضيتهم العادلة من قوى إقليمية بعضها كان يطعن القضية الفلسطينية ليلا وسرا، وينصرها نهارا وجهرا، وبعضها ظل يرفع شعارات زاعقة وزائفة من دون إجراءات عملية على الأرض.
نجاحات مهندس الدبلوماسية الإماراتية في بناء سلام عادل في المنطقة لم تكن جديدة، فقد لعب منذ فترة طويلة دورا كبيرا في إرساء السلام وإنهاء الصراعات في مناطق عدة حول العالم، حيث لعب دوراً محوريا في فض النزاع التاريخي بين إريتريا وإثيوبيا العام 2018، والذي دام نحو عقدين من الزمان، كما قاد في نفس العام جهوداً دبلوماسية غير مسبوقة للوساطة في تسويه النزاع الأفغاني، وأسفرت جهوده عن اختراق للأزمة، بعد مباحثات شفافة وصريحة كانت الأولى من نوعها بين الفرقاء الأفغان.
البواردي: فوز الإمارات بعضوية مجلس الأمن اعتراف برسالتها
النجاحات الدبلوماسية للإمارات تحت قيادة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، امتدت إلى محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة؛ ففي خضم تطورات الأزمة السورية قدمت الخارجية الإماراتية نموذجاً دبلوماسياً فريدا في إدارة الصراع السوري، فبرغم رفض أبوظبي في بداية الأزمة السورية سلوك وممارسات بعض الأطراف السورية الفاعلة، لكنها لم تغفل دبلوماسيتها الإنسانية التي أصبحت عنواناً بارزاً للسياسة الخارجية الإماراتية، فقد بلغ إجمالي المساعدات الإماراتية التي تم تقديمها إلى سوريا منذ عام 2012 حتى العام الحالي 2020، 3.81 مليار درهم إماراتي (1.04 مليار دولار أمريكي)، شاملة عدداً من القطاعات الإنسانية والتنموية، وغيرها من الأنشطة.
ومع تنامي التغيير الحادث في سلوك الحكومة السورية، وجنوحها إلى تسوية حقيقية للأزمة، كان الشيخ عبدالله بن زايد أول من بادر بضرورة احتضان سوريا، وعودتها مجدداً للبيت العربي، فأعادت أبوظبي في خطوة جريئة افتتاح سفارتها في دمشق العام 2018.
تحركات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نحو مسارات السلام والتنمية والاستقرار في المنطقة العربية، لم تركن عند حدود أو طموح، فالسمة الأبرز فيها التجدد والإبداع.