منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في السعودية التي تستقبل يوميا عشرات المعتمرين في هذه الأيام اتخذت الحكومة الإجراءات الصحيحة بالإيقاف المؤقت
لا شك أن وباء كورونا يستدعي القلق الدولي، فالأمر حالة مرضية يمكنها أن تنتقل إلى أي جزء من العالم وبسرعة، ولأن هذا المرض يتطلب أن تتحلى الدول بدرجة كبيرة من الشفافية حول عدد مصابيها وكيفية التعامل معهم، فإنه من هنا يأتي القلق الدولي من انتشار المرض، ومن الطبيعي أن الدول التي تتميز أجهزتها الصحية بالوضوح في قضية التعامل مع هذا المرض ستكون هي الدول الأكثر كفاءة في محاربة الوباء والتخلص منه، لأنها دول تستعد له بشكل جيد.
في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في المملكة العربية السعودية التي تستقبل يوميا عشرات المعتمرين في هذه الأيام، اتخذت الحكومة السعودية الإجراءات الصحيحة بالإيقاف المؤقت للمعتمرين وزائري المدن المقدسة، ومن المؤكد أن السعودية تصرفت بحكم موقعها الإسلامي ومكانتها الدولية الداعمة إلى محاصرة هذا الوباء، بحيث يجب أن تعمل الدول دون استثناء مع منظمة الصحة العالمية لتفادي أي انتشار محتمل لفيروس كورونا.
الوضع العالمي لن يسمح بالتهاون مع الدول التي لا تولي اهتماما بمحاربة كورونا، خصوصا تلك الدول التي تحاول أن تتهاون في محاربة انتشاره، خصوصا إذا كانت تلك الدول لديها مزارات دينية يجتمع حولها البشر من دول متعددة، فعلى سبيل المثال أثبتت الحالات التي اكتشفت في منطقة الخليج أنها كلها حملت الفيروس من مصدر واحد، وهنا تكمن الخطورة الصحية على المنطقة وبيئتها.
ما يشعر به العالم وتؤيده الأحداث أن القرن الحادي والعشرين سيكون مميزا بانتشار الأوبئة التي وإن كانت سلبية فإن لها جوانب إيجابية ستسهم في تصحيح كثير من المسارات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية
على الجانب الآخر، ينتشر في منطقة الشرق الأوسط كثير من مخيمات اللاجئين في الدول التي شهدت حروبا وثورات، ما يجعل مثل هذه المخيمات عرضة مباشرة لتفشي هذا الفيروس، وهنا مكمن الخطر الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط برمتها، وليس موقعا بعينه.
ليست هناك من مبالغات تحليلية إذا قلنا إن كورونا ليس حالة يمكنها المرور دون تأثير أو إعادة حسابات ليس في الشرق الأوسط وإنما في العالم كله، فالسياسة الدولية تتراجع كثيرا عن تقدمها في اتجاهات محددة لصالح التوقف طويلا أمام المؤثرات الفعلية الناجمة عن انتشار كورونا في العالم، خصوصا أن هذا الفيروس انطلق من الصين الدولة الأكثر سكانا في العالم.
الأوبئة إذا ما تكرر انتشارها ستكون لاعبا رئيسيا في تهديد الانفتاح العالمي الذي تحول من خلاله العالم إلى ثقافة تبدو متقاربة بشكل لا مثيل له من قبل، كما أن الاقتصاد العالمي أيضا هو الآخر متأثر كبير، وقد نشهد خلال العقود المقبلة فاصلا وبائيا يأتي كل خمس أو عشر سنوات يعيد فيه العالم حساباته وينظم صفوفه من جديد.
من الواضح أن كورونا سيرتبط وبشكل مباشر بالأجواء الشتوية كما يتوقع كثير من المراقبين، وأن انحسار هذا الفيروس سيكون مرتبطا وبتناسب طردي بارتفاع درجات الحرارة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، وما يشعر به العالم وتؤيده الأحداث أن القرن الحادي والعشرين سيكون مميزا بانتشار الأوبئة التي وإن كانت سلبية فإن لها جوانب إيجابية ستسهم في تصحيح كثير من المسارات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة