السعودية والإمارات.. المناسبات الوطنية تعزز الأخوة التاريخية
تشارك الإمارات السعودية احتفالها باليوم الوطني الـ92، في وقت تتوثق فيها الأخوة التاريخية وتتعمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
شراكة استراتيجية أضحت معها المناسبات الوطنية في البلدين احتفالية مشتركة، تجمع قلوب الشعبين وتجسد العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر بتوجيهات من قيادتي البلدين.
ويصادف اليوم الوطني السعودي، الذي يحل الجمعة، 23 سبتمبر/أيلول من كل عام، وهو اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود توحيد البلاد تحت اسم "المملكة العربية السعودية" في شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر/أيلول 1932.
وتحتفي دولة الإمارات بتلك المناسبة الهامة، في وقت تتواصل فيه الزيارات المتبادلة وتتزايد المباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين لدعم العلاقات وتنسيق الجهود وزيادة التعاون بينهما.
دلائل مهمة
زيارات أضحت تحمل دلائل مهمة على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، حيث كانت المملكة العربية السعودية الوجهة الأولى للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات في أول زيارة خارجية له بعد توليه مقاليد الحكم 14 مايو/أيار الماضي، للمشاركة في "قمة جدة للأمن والتنمية" لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق والولايات المتحدة، في 16 يوليو/ تموز الماضي، وذلك بهدف تأكيد شراكتهما التاريخية، وتعميق تعاونهما المشترك في جميع المجالات.
وكان في استقبال ووداع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال زيارته المملكة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير دفاع المملكة العربية السعودية.
ويعد هذا هو اللقاء الثاني الذي يجمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والأمير محمد بن سلمان خلال شهرين بعد زيارة ولي العهد السعودي الإمارات 16 مايو/أيار الماضي لتقديم التعازي في وفاة رئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في زيارة عزاء قال وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، أنها تعكس "الروابط الأخوية والتاريخية بين البلدين".
وتعد تلك الزيارة الثانية لولي العهد السعودي للإمارات خلال 6 شهور بعد الزيارة التي أجراها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأجرى خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وخلال تلك الزيارة، قدم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، "وسام زايد" للأمير محمد بن سلمان تقديرا لدوره المحوري في تعزيز العلاقات والتعاون الأخوي المشترك بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية الشقيقة وتعبيراً عن الاعتزاز بعمق هذه العلاقات الراسخة وما يجمع البلدين من روابط تاريخية متجذرة.
وصدر في ختام تلك الزيارة بيان مشترك أكدت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية سعيهما إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي والتكامل الاقتصادي والتجاري والتنموي لبناء مستقبل أفضل يحقق الأمن والازدهار والتنمية الشاملة وتطلعات شعبي البلدين وذلك في إطار العلاقات الأخوية المتميزة والروابط التاريخية الراسخة التي تجمع البلدين وشعبيهما الشقيقين.
كما أكد البلدان استمرار التنسيق في مواقفهما بشأن القضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية بما يخدم مصالحهما ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وجاءت تلك الزيارة بعد زيارتين أجراهما الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمملكة 19 يوليو/ تموز، و5 مايو/أيار من العام الماضي.
وسبقت تلك القمم وتبعتها وتخللتها، زيارات متبادلة واجتماعات مكثفة توثيقا للشراكة والتعاون المتزايد بين البلدين.
وقبل يومين فقط، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، في قصر الشاطئ الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود نائب وزير دفاع المملكة العربية السعودية، في زيارة هي الثانية له لأبوظبي خلال 7 شهور بعد الزيارة التي أجراها 28 فبراير / شباط الماضي.
وتم خلال اللقاءين بحث تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية الشقيقة ومختلف أوجه التعاون الاستراتيجي والتنسيق بينهما في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وفي شهر فبراير/شباط الماضي، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مجلس قصر البحر في أبوظبي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي.
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها على جميع المستويات بما يدعم مصالحهما المشتركة.
شراكة الخندق الواحد
وظهر خلال تلك القمم المتتالية والزيارات المتبادلة متانة وقوة العلاقات التي تجمع البلدين، التي وصفها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في تصريحات سابقة، بأنها "شراكة الخندق الواحد في مواجهة التحديات المحيطة".
علاقة يدرك الجميع أهميتها في الوقوف بحزم في وجه الأطماع والمؤامرات التي تحاك ضد دول المنطقة، ومواجهة مختلف التحديات.
كما شكلت العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين نقطة ارتكاز أساسية في جهود تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم؛ حيث تعمل الدولتان على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
وتاريخ البلدين حافل بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو لدعم الدول العربية وإطلاق مبادرات مشتركة لنزع فتيل الأزمات والتوترات في المنطقة وخارجها، ظهر ذلك جليا في دعم الشرعية في اليمن، ومواجهة تدخلات إيران في المنطقة، ومبادرات نشر السلام، ومواجهة تحديات التغير المناخي، والتعاون لمكافحة جائحة "كورونا" وتداعياتها.
قطار التنسيق.. مسيرة تتواصل
وعلى صعيد العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين، في ضوء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم توقيع الاتفاق على إنشائه في 16 مايو/أيار 2016، في قصر السلام بجدة، بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، واصلت اللجان المنبثقة عن المجلس اجتماعاتها على قدم وساق لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وقبل أيام من احتفال السعودية بيومها الوطني الـ92، وتحديدا في 16 سبتمبر/إيلول الجاري، عقدت لجنة الطاقة والصناعة والبنية التحتية في مجلس التنسيق السعودي الإماراتي - اجتماعها الربعي الثالث للعام الجاري 2022 في العاصمة السعودية الرياض .
واستعرضت اللجنة في اجتماعها عددا من الموضوعات المتعلقة بتعزيز التعاون المشترك بين البلدين ومتابعة سير العمل بتنفيذ المبادرات والمشاريع الاستراتيجية وخطط العمل المستقبلية المرتبطة لقطاعات الطاقة والصناعة والبنية التحتية بما يحقق تطلعات قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين .
وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي، عقدت لجنة التنمية البشرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي اجتماعا عبر تقنية الاتصال المرئي لاستعراض المشاريع المشتركة ضمن إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية ومتابعة آخر مستجدات المشاريع القائمة بين الجانبين وإبراز أهم الإنجازات والتحديات والحلول المقترحة في مجالات التعليم والصحة والرياضة والشباب والثقافة والإعلام .
وفي الشهر نفسه، استضافت وزارة المالية الإماراتية، اجتماع لجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، بهدف مناقشة المواضيع المرتبطة بالتعاون المالي والاقتصادي بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن متابعة سير العمل في المبادرات الاستراتيجية المعتمدة في مجموعة من المحاور الرئيسية شاملة مجالات الخدمات والأسواق المالية، ودعم ريادة الأعمال، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والسياحة والتراث الوطني، وآليات تنفيذها وفق الخطط المعتمدة.
التعاون البرلماني.. تنسيق يتزايد
وعلى صعيد التعاون البرلماني المتنامي بين البلدين، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مجلس قصر البحر 6 سبتمبر/ أيلول الجاري الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي يرافقه صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي.
وتبادل الجانبان الأحاديث الودية وتطرقا إلى العلاقات الأخوية الراسخة التي تجمع دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وشعبيهما.
وفي اليوم نفسه، عقد رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي ورئيس مجلس الشورى السعودي، جلسة مباحثات رسمية في مقر المجلس بأبوظبي جرى خلالها التنسيق والتشاور بشأن توحيد الرؤى والمواقف حيال مختلف القضايا ذات الأولوية والاهتمام المشترك المطروحة على أجندة الفعاليات البرلمانية الدولية، يما يواكب العلاقات الاستراتيجية القائمة بين البلدين والتي تعد نموذجا فريدا للعلاقات التاريخية الراسخة ومثلا للتعاون والتضامن العربي.
وشدد الجانبان على أن العلاقات الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، تعززها روابط الدم والإرث والمصير والمصالح المشتركة والرؤى المتوافقة، التي حرصت قيادتا البلدين على توثيقها وترجمتها إلى مبادرات بناءة من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي يعمل وفق استراتيجية مشتركة بين البلدين، تضمن توظيف الإمكانات التجارية والاستثمارية الضخمة لدفع عجلة التنمية واستدامتها.
وجرى خلال جلسة المباحثات استعراض سبل تعزيز علاقات التعاون الاستراتيجية، خلال المشاركة في الفعاليات البرلمانية القادمة فضلا عن استعراض التطورات والمواقف الراهنة لاسيما ما يتصل بالملفات ذات الاهتمام المشترك.
وقدم صقر غباش التهنئة لرئيس مجلس الشوري السعودي باليوم الوطني السعودي الـ92، متمنيا للمملكة العربية السعودية الشقيقة المزيد من التقدم والرخاء في ظل قيادتها الحكيمة.
وتطرقت جلسة المباحثات إلى مسيرة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البرلمانين، التي شهدت نقلة نوعية بعد توقيع مشروع اتفاقية تأسيس جمعية الصداقة البرلمانية بين المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الشورى السعودي مايو / آيار 2021.
وتعد "جمعية الصداقة البرلمانية الإماراتية السعودية" أول جمعية صداقة ينشئها المجلس الوطني الاتحادي منذ تأسيسه قبل قرابة خمسة عقود مع مؤسسة برلمانية على مستوى العالم، وذلك ترسيخا لعلاقات التعاون بين البلدين لا سيما في مجال تطوير العلاقات البرلمانية، وتعبيرا عن الرغبة المتبادلة في تطوير أسس التفاهم، والحوار، وتنمية العلاقات الثنائية بينهما.
التعاون الأمني.. اتفاقية جديدة
وعلى صعيد التعاون الأمني المتواصل بين البلدين، عقدت اللجنة الأمنية المشتركة بين وزارتي الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الشقيقة اجتماعها السادس بمقر الوزارة في أبوظبي في 9 مايو / أيار الماضي لتعزيز التعاون المشترك في المجالات الأمنية كافة بين البلدين.
وخلال الاجتماع وقعت وزارة الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة مع نظيرتها في المملكة العربية السعودية على مشروع مذكرة تفاهم بشأن حماية البيانات والمعلومات المتبادلة في المشاريع الأمنية المشتركة، بهدف تعزيز التعاون في ما بينهما من خلال تنفيذ مشاريع ومبادرات مشتركة، لضمان حماية البيانات والمعلومات المتبادلة بين الجانبين.
علاقات أخوية راسخة
قمم وزيارت واجتماعات واتفاقيات جاءت تجسيدا للعلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين في جميع المجالات التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.
وتوثقت العلاقات بين البلدين بدعم من قيادتي البلدين، وتعمقت وتجذرت بإشراف ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
وتمضي العلاقات بين الإمارات والسعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي، بتوجيهات وجهود قادة البلدين، محوره التعاون والتكاتف على كافة الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مستنداً إلى الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، ومدعوماً برؤى وطموحات قيادات البلدين، وسط إدراك مشترك بأن الدولتين يجمعهما مصير واحد ورؤية متكاملة مشتركة، وأن التعاون بينهما يصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرفاهية لشعبيهما.
aXA6IDMuMTM3LjE3NS44MCA= جزيرة ام اند امز