خبراء: الإمارات والسعودية.. رؤية مشتركة وتكامل اقتصادي قوي
يستحوذان على 45 % من الناتج المحلي العربي
السعودية والإمارات تتصدران المشهد العربي اقتصادياً؛ حيث يستحوذ البلدان على 45.5٪ من إجمالي الناتج العربي المحلي.
الإمارات والسعودية، دولتان تتصدران المشهد العربي اقتصادياً، خاصة مع تنامي المشاريع المشتركة والاستراتيجيات التي جمعت بينهما، حيث تستحوذ الإمارات والسعودية على 45.5 % من إجمالي الناتج العربي المحلي لعام 2017، بقيمة تتجاوز تريليون دولار، ليكونا معاً القوة الاقتصادية الأكبر في الشرق الأوسط، وفق مراقبين.
وفي لقاء مع "العين الإخبارية"، قال مساعد الزياني، مدير مكتب صحيفة الشرق الأوسط في الإمارات : "جاءت الشراكة بين البلدين لتكمل مسيرة التنمية التي يعيشها البلدان، وذلك من خلال توحيد مكامن القوى، خاصة أنهما أنجح نموذجين بين نظرائهما في الدول العربية، والمثبت بالأرقام كونهما أكبر اقتصادين عربيين، حيث حقق البلدان نجاحات في قطاعات استراتيجية على مستوى العالم".
ورغبة البلدين في مواصلة النجاحات من خلال شراكة استراتيجية تحقق مكاسب في عدة اتجاهات. كما يقول الزياني، ويضيف: "كلا البلدين لديهما طموحات في الريادة على المستوى الإقليمي والعالمي.. ويؤكد ذلك النهضة التي تعيشها السعودية والإمارات في قطاعات حيوية كصناعة النفط والغاز وصناعة الطيران والطب والسياحة وغيرها".
وتابع: "من الملفت التناغم والتوافق في المساعي الاقتصادية والتنموية بين البلدين، حيث باتت استراتيجية واحدة، خاصة بعد تأسيس المجلس التنسيقي السعودي الإماراتي، وهو لبنة ضمن مشروع استراتيجي ضخم للتوافق بين الرياض وأبوظبي.. ويقول الزياني إن هذه الاستراتيجية ستجعل من هذه الشراكة نموذجا عالميا في نجاح الشراكة بين الدول".
نموذج عالمي للشراكة..
وتعد الدولتان أيضاً ضمن أهم الدول الـ 10 المُصدرة عالميا، بقيمة صادرات تقترب من 700 مليار دولار. وتلعب العلاقات التجارية المشتركة بينهما دوراً كبيراً في تعزيز اقتصاد الدولتين، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين السعودية والإمارات ما قيمته 24 مليار دولار.
وعن التبادل التجاري بين البلدين، قال محمد بن فريحان، المستشار المالي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، في لقاء مع العين الإخبارية: "حجم التبادل التجاري بين البلدين في ارتفاع سنوي مستمر.. كذلك حجم استثمارات الإمارات في السعودية تجاوز 10 مليارات دولار، حيث تتواجد أكثر من 30 شركة إماراتية كبرى في السعودية، في المقابل نجد السعودية تتصدر أيضاً الدول المستثمرة في الإمارات في مجالات عدة ".
وأضاف بن فرحان أن السعودية كذلك من أهم الشركاء التجاريين للإمارات، حيث تعد الوجهة الثالثة عالميا لصادراتها غير النفطية، في المقابل الإمارات تعد الوجهة العالمية السادسة كأهم شريك من الجانب التجاري للسعودية، واستحوذت المملكة على ما نسبته 4 % من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الإمارات حتى نهاية 2015. وتأتي السعودية في المركز الأول عربياً من حيث الاستثمارات المباشرة في الإمارات.
وفي ضوء "رؤية الإمارات 2021"، و"رؤية المملكة 2030 "، يتطور مسار التعاون بين البلدين مما أسفر عن العديد من التفاهمات لوضع رؤية مشتركة.. وشهدت العلاقات الاقتصادية الإماراتية - السعودية، تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، خاصة بعد إعلان توقيع اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين في العام 2016.. ويرأس المجلس من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومن الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء.
ويهدف المجلس إلى التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة، ويضم المجلس في عضويته 13 وزيرا من القطاعات ذات الأولوية في كلا البلدين.
وكان من العلامات الفارقة في مسار تعاون البلدين، عقد "خلوة العزم" التي شهدتها أبوظبي في فبراير من العام الماضي.. والتي أُعلن فيها عن اعتماد "استراتيجية العزم" وآلية العمل المشتركة خلال السنوات الخمس المقبلة بين البلدين من خلال مجموعة من المشاريع النوعية.. وتضم الاستراتيجية ثلاثة محاور رئيسية: المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والأمني والعسكري.
ويتضمن المحور الاقتصادي عددا من المشاريع المشتركة بين البلدين ومنها: إطلاق سياسة تمكين القطاع المصرفي.. وتبادل الخبرات في مجال التكنولوجيا المالية.. وإنشاء صندوق استثماري مشترك للاستثمار في المشاريع المتوسطة والصغيرة للقطاعات الصناعية الناشئة.. والتعاون المشترك في المجال الضريبي، بخلاف تسهيل ممارسة الأنشطة الاقتصادية وتبادل الفرص الاستثمارية.. وإنشاء شركة مشتركة للاستثمار الزراعي المسؤول في الخارج برأسمال يصل إلى 5 مليارات درهم.. وإنشاء الصندوق السعودي الإماراتي الاستثماري للطاقة المتجددة.. وإطلاق رؤية وهوية مشتركة تعنى بالسياحة والتراث الوطني للبلدين.. والتعاون في مجالات الطاقة.
الإمارات.. بيئة حاضنة لرواد الأعمال السعوديين
هذه العلاقة الراسخة تنعكس على بيئة الأعمال في البلدين، حيث يصل عدد الشركات السعودية المسجلة لدى وزارة الاقتصاد إلى 2366 شركة.. وعدد المشروعات السعودية في الإمارات إلى 206 مشاريع.. وفي المقابل يجري العمل حالياً على 114 مشروعا سعوديا إماراتيا مشتركا في السعودية.
وعن تأثير هذه العلاقة المتميزة على الأعمال، قال رجل الأعمال السعودي، رامي الثقفي، عضو مجلس إدارة مجموعة "فيرست أفنيو" للمراكز التجارية والفنادق، في لقاء للعين الإخبارية : "علاقة الأخوة المتميزة بين الشعبين تضفي ميزات هامة للمستثمرين السعوديين في الإمارات، فتراخيص ممارسة الأعمال تحتضن المستثمر السعودي وتعامله معاملة المواطن الإماراتي، وتشعرك بأنك ضيف متميز لديها وهو ما يشكل حافزاً هاماً.. كذلك نحن كسعوديين لدينا ثقة كبيرة في الحكومة الإماراتية التي تستثمر وتضخ بالسوق المحلي بشكل مستمر".
وأضاف الثقفي: "كذلك فإن الاستقرار السياسي والاقتصادي والنمو المتواصل يعد مشجعا كبيراً للاستثمار في الإمارات.. هذا عدا دعم الدولة المستمر للابتكار والتكنولوجيا الحديثة في جميع القطاعات، وهو أمر يطمئن رأس المال ويشعره بالأمان".