الكويت تحتفل بعيدي الاستقلال والتحرير.. 59 عاما من الإنجازات
الكويت تحتفل في 25 فبراير من كل عام بعيدها الوطني، وهو ذكرى استقلالها من الاستعمار البريطاني قبل 59 عاما.
وسط أجواء احتفالية، تحيي دولة الكويت الذكرى التاسعة والخمسين لاستقلالها، والتاسعة والعشرين على التحرير، في ظل ما تشهده البلاد من قفزات تنموية وإنجازات في مختلف المجالات.
إحياء الذكرى، الثلاثاء، الموافق 25 من فبراير/شباط الجاري، يأتي هذا العام دون أجواء احتفالية بعد قرار مجلس الوزراء الكويتي، الإثنين، وقف الاحتفال بالأعياد الوطنية الشعبية بسبب فيروس كورونا المستجد حتى إشعار آخر.
وتأتي ذكرى الاستقلال والتحرير في مرحلة تشهد فيها الكويت قفزات تنموية ونهضة شاملة، وتمضي قدماً نحو التقدم والازدهار في ظل قيادة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، مستندة إلى إرث كبير وتاريخ مشرف ومتطلعة إلى مستقبل مشرق واعد لكل أبنائها.
وتحتفل الكويت في 25 فبراير/شباط من كل عام بعيدها الوطني، وهو ذكرى استقلالها من الاستعمار البريطاني قبل 59 عاماً، كما تحتفي بعيد التحرير بمناسبة ذكرى تحريرها يوم 26 فبراير/شباط 1991.
والتاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت كان في 19 يونيو/حزيران عام 1961 في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، لكن في عام 1963 تقرر تغيير ذلك اليوم ودمجه مع يوم 25 فبراير/شباط، الذي يصادف ذكرى جلوس الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح؛ تكريماً له ودوره المشهود في استقلال الكويت وتكريس ديمقراطيتها، ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفل بعيد استقلالها في 25 فبراير/شباط من كل عام.
ومنذ فجر الاستقلال حتى اليوم، أنجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة، سواء على صعيد السياسة الخارجية أو الداخلية.
إنجازات تنموية عملاقة
لعل هذه الإنجازات تأتي تنفيذاً لتطلعات الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وتحقيق رؤيتها (كويت جديدة 2035) الرامية إلى تحويل البلاد لمركز مالي وتجاري إقليمي ودولي، وتسريع عجلة الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص في دعم التنمية الاقتصادية، وتحقيق الهدف المنشود للقيادة السياسية بأن تعود الكويت كما كانت "درة الخليج".
ومن أحدث تلك الإنجازات افتتاح متحف (قصر السلام) الذي يعد من أهم الصروح التاريخية والمعمارية في الكويت، إذ يعود تاريخه إلى بداية ستينيات القرن الماضي، وذلك 29 أبريل/نيسان الماضي، وافتتاح جسر الشيخ جابر الأحمد الصباح الذي يعد رابع أطول جسر بحري في العالم بطول 900ر49 كم، ويربط الكويت العاصمة بمدينة الصبية (مدينة الحرير الجديدة)، مطلع مايو/أيار الماضي، وافتتاح مركز (سلوى صباح الأحمد الصباح) للخلايا الجذعية الذي يعد الأول في منطقة الخليج.
مصفاة الزور
من المشاريع التنموية المهمة والعملاقة التي تشهدها الكويت، ويرتقب افتتاحها بشكل رسمي قريباً مشروع (مصفاة الزور)، ومشروع مدينة صباح السالم الجامعية.وقبل أيام، أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الكويتي الدكتور خالد مهدي أن نسبة الإنجاز في مشروع (مصفاة الزور) بلغت 94 في المئة، متوقعاً الانتهاء منه في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
مهدي أوضح أن (مصفاة الزور) تعتبر الأكبر في الكويت، ويتم إنشاؤها بما يتوافق مع المواصفات والمعايير البيئية العالمية؛ إذ ستسهم في تحسين جودة الهواء عبر خفض نسبة الغازات الملوثة المنبعثة من محطات توليد الكهرباء بنسبة 75 في المئة، عبر تزويدها بوقود بيئي ذي محتوى كبريتي منخفض.
كما ستوفر المصفاة إمداداً ثابتاً لمحطات الطاقة بنحو 225 ألف برميل يومياً من الوقود البيئي، فضلاً عن إنتاج نحو 340 ألف برميل يوميا من المنتجات البترولية عالية الجودة والمطابقة للمواصفات المستقبلية التي تحتاجها الأسواق العالمية.
وذكر أن المشروع يحقق ركيزة مهمة في الاقتصاد المتنوع المستدام من خلال برنامج تطوير القطاع النفطي بتكلفة إجمالية تبلغ 4.8 مليار دينار كويتي (نحو 158 مليار دولار أمريكي).
وتعتبر مصفاة الزور جزءاً أساسياً من استراتيجية مؤسسة البترول الكويتية وشركة البترول الوطنية الكويتية في زيادة القدرة التكريرية للكويت إلى 1.41 مليون برميل في اليوم.
وتبلغ الطاقة التكريرية للمصفاة 615 ألف برميل في اليوم، ومن خلالها يتم إنتاج 225 ألف برميل يومياً من زيت الوقود البيئي ذي المحتوى الكبريتي المنخفض، الذي يستخدم في محطات الطاقة الكهربائية داخل دولة الكويت واستخدامه سوف يخفف من الآثار البيئية إلى حد كبير.
خطوات مهمة في التنمية
بلغت نسبة الإنجاز في مشروع مدينة صباح السالم الجامعية 54 في المئة، وسط توقعات الانتهاء من إنجاز المشروع في سبتمبر/أيلول 2022.
ويأتي المشروع ضمن ركيزة رأسمال بشري إبداعي، وهي إحدى ركائز خطة التنمية لرفع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية للتعليم العالي بالكويت، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 2.7 مليار دينار كويتي (نحو 8.7 مليار دولار أمريكي).
وخطت الكويت خطوات مهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، مع تركيز اهتمامها بشكل كبير على البيئة والحفاظ على التزام ثابت تجاه الشراكة العالمية والتضامن الدولي.
كما طورت نظاماً صحياً شاملاً للجميع حقق انخفاضاً ملحوظاً لمعدلات الوفيات بين الرضع والأطفال والأمهات، إلى جانب تطوير خدمات واسعة النطاق في مجال توفير المياه الصالحة للشرب والاستخدام المعيشي والصرف الصحي.
على صعيد الإنجازات الاقتصادية، دخلت الكويت بقائمة الدول العشر الأكثر تحسناً بمؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2020، بحسب التقرير السنوي الـ17 لمجموعة البنك الدولي في شأن بيئة الأعمال 2020، الأمر سينعكس إيجاباً على حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية وكفاءة التنافسية الدولية وعدالة المنافسة المحلية.
ولا تقتصر أهمية هذا التحسن فقط على بيئة الأعمال، وإنما أيضاً على تحقيق كفاءة أعلى في أداء الخدمات المقدمة للمواطنين بشكل عام، وعلى نحو يسهم في تعزيز أداء الدورة الاقتصادية وزيادة التدفقات الاستثمارية وصولاً إلى تحقيق النمو المستدام والتنويع الاقتصادي والأهداف التنموية لدولة الكويت، وصولاً إلى تحقيق رؤية الكويت 2035.
إنجاز من رحم المعاناة
على الصعيد الخارجي، سعت الكويت منذ استقلالها إلى انتهاج سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذة بالانفتاح والتواصل طريقاً وبالإيمان بالصداقة والسلام مبدأ.
وحرصت الكويت أيضاً منذ استقلالها على تقديم المساعدات الإنسانية، ورفع الظلم عن ذوي الحاجة، حتى بات العمل الإنساني سمة من سماتها، وتم منح أمير الكويت لقب (قائد للعمل الإنساني) من قبل الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2014.
ونجحت الكويت ومن خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن (2018-2019) في إصدار عدة قرارات تحمل طابعاً إنسانياً بامتياز تدعو إلى تخفيف معاناة المنكوبين واللاجئين وإغاثة المحتاجين؛ خاصة الأشقاء السوريين واليمنيين وآخرها القرار الأممي حول المفقودين في النزاعات المسلحة، الذي تقدمت به الكويت منفردة وأقره مجلس الأمن بالإجماع في يونيو/حزيران الماضي.
ويسهم هذا القرار المهم بسد ثغرة في القانون الدولي والقرارات الدولية الخاصة بمسؤوليات الدول والمنظمات تجاه المفقودين في النزاعات المسلحة.
وجاء مشروع القرار بمبادرة نابعة من معاناة الكويت بفقدان أبنائها أثناء الاحتلال العراقي عام 1990، وإيماناً منها بضرورة مواجهة التحديات الناجمة عن النزاعات المسلحة وتداعياتها السلبية على المدنيين.
احتفالات ضخمة
وفي ظل تلك الإنجازات في مختلف المجالات، تحتفل الكويت هذه الأيام بأعيادها الوطنية؛ حيث اكتست واجهات المباني والمرافق الحكومية الرسمية الكويتية بعلم دولة الكويت والرموز الوطنية وبتصميمات مختلفة وبأضواء الزينة والتصميمات الاحتفالية البهيجة، مشكلة لوحة فنية جميلة منسقة وزاهية لتضفي نوراً وفرحة في قلوب الجميع.
وفيما يحتفل الكويتيون بأعيادهم الوطنية، يستذكرون محطات مهمة في تاريخ بلادهم، فلم يكن 19 يونيو/حزيران 1961 يوماً عادياً في حياة أهل الكويت، عندما تم توقيع وثيقة استقلال البلاد وإلغاء اتفاقية الحماية مع حكومة بريطانيا، إذ مثل هذا اليوم انطلاقة خلاقة في عمر الدولة، وتحولت إلى (درة الخليج) بفضل جهود حكامها وتلاحم شعبها حول قيادتهم.
وكان الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح أدرك أن اتفاقية 23 يناير/1899 التي وقّعها الشيخ مبارك الصباح مع بريطانيا في ذلك الوقت لحماية الكويت من الأطماع الخارجية لم تعد صالحة.
وفي 19 يونيو/ حزيران 1961، أعلن الشيخ عبدالله السالم انتهاء معاهدة الحماية البريطانية من خلال توقيع وثيقة استقلال البلاد مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن، نيابة عن الحكومة البريطانية.
وعقب التوقيع وجه الشيخ عبدالله السالم كلمة للشعب الكويتي، قال فيها: "شعبي العزيز.. إخواني وأولادي.. في هذا اليوم الأغر من أيام وطننا المحبوب.. في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى.. ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه لنفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة".
وشهد عام الاستقلال صدور مرسوم أميري بشأن العلم الكويتي، وهو أول علم يرفع بعد الاستقلال، وتم تحديد شكله وألوانه، وجاءت الخطوة التالية عقب الاستقلال بتقديم الكويت طلباً للانضمام لجامعة الدول العربية، وتم قبول عضويتها في 16 يوليو/تموز 1961.
وشهدت السنوات التي أعقبت الاستقلال العديد من الإنجازات، فعلى الصعيد الدبلوماسي جاءت الخطوة الأولى بإنشاء وزارة الخارجية، إذ صدر مرسوم أميري في 19 أغسطس/آب 1961 يقضي بإنشاء دائرة للخارجية تختص دون غيرها بالقيام بالشؤون الخارجية للدولة.
وبعدها بأيام، وتحديداً في 26 أغسطس/آب، صدر مرسوم أميري في شأن إجراء انتخابات للمجلس التأسيسي تحقيقاً لرغبة الشيخ عبدالله السالم بإقامة نظام حكم قائم على أسس واضحة ومتينة وإصدار دستور يستند إلى المبادئ الديمقراطية؛ حيث أنجز المجلس المنتخب مشروع الدستور الذي يتكون من 183 مادة خلال تسعة أشهر.
واتسم دستور الكويت بروح التطور التي تعطي للشعب الحلول الديمقراطية للانطلاق في درب النهضة والتقدم والازدهار، الذي مكن البلاد من انتهاج حياة ديمقراطية سليمة مستمدة من دستورها المتكامل، الذي أقر من قبل مجلس تأسيسي منتخب.
ثم في عام 1963 صدر مرسوم بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس، وهو ذكرى تسلم الشيخ عبدالله السالم مقاليد الحكم في البلاد، التي تصادف في 25 فبراير/شباط من كل عام.
وعلى المستوى الدولي بدأ مجلس الأمن الدولي النظر في طلب الكويت الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة بعد استقلالها، إلى أن نالت عضويتها في 14 مايو/أيار 1963.
وسارت الكويت بخطى ثابتة تجاه النظام العالمي الجديد والشرعية الدولية برفض العدوان وحماية حقوق الإنسان والمحافظة على خصوصية الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، كما آمنت بدور الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين.
واستضافت الكويت عدداً من المؤتمرات الدولية لدعم اللاجئين والمنكوبين، كما شارك أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في مؤتمرات عدة لدعم القضية الفلسطينية ونزع فتيل الأزمات في المنطقة، ما يشكل دليلاً واضحاً على استمرار النهج القديم الذي أسست عليه الدولة.
ومنذ فجر الاستقلال وعلى مدى 59 عاماً، أنجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة بتعاون أبنائها والتفافهم حول القيادة الحكيمة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وسط جهود كبيرة نحو تحقيق غد مشرق لأبنائها.
aXA6IDMuMTQ0LjEyMi4yMCA= جزيرة ام اند امز