عبدالعزيز حسين.. رائد المؤسسات الثقافية في الكويت
خلال توليه الحقيبة الوزارية استدعى عبدالعزيز حسين كبار المثقفين العرب للعمل معه ضمن هيئات استشارية كانت لها صلاحيات كبيرة
يعتبر عبدالعزيز حسين الأب المؤسس للمؤسسات الثقافية في الكويت، قبل الاستقلال الوطني وبعده، إذ راهن منذ بداياته أواسط القرن الماضي على أن التعليم هو جسر نهضة الأمم والعبور بها إلى المستقبل.
بدأ حسين نشاطه منذ سنوات دراسته الأولى بالقاهرة انطلاقا من بيت الكويت الذي افتتحه الرئيس المصري جمال عبدالناصر عام 1954، وكان يختص بمتابعة المبعوثين كويتيين الذين يدرسون في العاصمة المصرية، ثم تحول إلى سفارة دولة الكويت بعد الاستقلال ويتشابه دوره كويتيا مع دور المفكر المصري رفاعة الطهطاوي الذي ابتعثه محمد علي، حاكم مصر قديما، إلى باريس.
ولا تختلف سيرة حسين (1920 – 1996) عن غيره من التنويريين العرب الذين ارتبط وعيهم الثقافي بصعود تيار القومية العربية، إذ راهن أغلب هؤلاء على أن التعليم هو جسر النهضة الذي تعبره الشعوب من ماضيها إلى مستقبلها، وشأن مثقفي جيله نشأ في بيئة تقدس التراث الديني فتلقى تعليمه الأولي في المدارس التقليدية، ودرس في المدرسة المباركية في عام 1927، وفي عام 1937 أنهى دراسته في المدرسة الأحمدية، وأرسل في أول بعثة كويتية إلى مصر للدراسة في عام 1939.
أظهر حسين كفاءة كبيرة خلال سنوات دراسته الجامعية في مصر فأنشأ "مجلة البعثة" في عام 1946 بالقاهرة، ورأس تحريرها، وكانت المجلة تتكلم عن أحوال الطلبة الكويتيين بالقاهرة، وعملت المجلة في ذلك الوقت على إفراد صفحات للكاتبات مثل غنيمة المرزوق، وبدرية الغانم، وبثينة محمد جعفر بأسمائهن الصريحة.
وكان معه أحمد مشاري العدواني ويوسف عبد اللطيف العمر ويوسف المشاري البدر، وتحمل هؤلاء فيما بعد المهام الرئيسية في تحديث الكويت عقب استقلالها عام 1961 و حصل عبدالعزيز حسين على الشهادة العالمية من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر في عام 1943، ثم شهادة تخصص التدريس من كلية التربية في الجامعة نفسها في عام 1945، ودبلوم المعهد العالي للمعلمين التابع لجامعة القاهرة في نفس العام، أرسل لدراسة التربية وعلم النفس في جامعة لندن عام 1950، وحصل علي دبلومين منها، الأولى في التربية المقارنة والأخرى كانت دبلوم زمالة في مجال التربية.
لدى عودته إلى الكويت عُين حسين مديرا للقسم الفني في دائرة المعارف (وزارة التربية حاليا) وتحمّل مهمة الدعوة لتعليم المرأة الكويتية. ولعل دوره يقارب الدور الذي لعبه رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين في الثقافة المصرية حيث نجح في إقناع المسؤولين بأن يتم تعليم المرأة. ثم لعب دورا كبيرا في الدفاع عن حق دولة الكويت في الانتساب إلى هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، كما عُيّن سفيرا للكويت لدى الجمهور العربية المتحدة (مصر وسوريا) من 2 ديسمبر 1961 حتى 1 يناير 1963، حيث تم استدعاؤه للكويت لكي يشارك في ثاني وزارة بها، وتوالى تنصيبه وزيرا في 11 حكومة متتالية.
وإذا كان الناقد المصري الراحل رجاء النقاش وصف الوزير المصري ثروت عكاشة بأنه رجل إنجازات الصوت والصورة في مصر، في إشارة لدوره في تأسيس فرق الأوبرا والباليه ومعهد السينما في مصر، فإن دور عبدالعزيز حسين في الثقافة الكويتية يتشابه مع دور ثروت عكاشة إلى حد كبير لأنه دور تأسيسي ارتبطت بإضفاء طابع مؤسسي على الثقافة الكويتية التي جعل لها أذرع عربية. إذ كان يقول: "نعمل على أن نقطع في نهضتنا هذه خلال ربع قرن ما قطعه غيرنا في 10 قرون" .
وخلال توليه الحقيبة الوزارية، استدعى عبدالعزيز حسين كبار المثقفين العرب من المفكرين والفلاسفة للعمل معه ضمن هيئات استشارية كانت لها صلاحيات كبيرة، إذ عمل إلى جواره الدكاترة فؤاد زكريا وأحمد أبوزيد وعلي الراعي وزكي نجيب محمود وعبدالرحمن بدوي والمفكري السوري شاكر مصطفى وغيرهم من كبار الأساتذة، وأنشأ المرسم الحر بعد أن تبنى فكرة وجود كيان فني يهدف إلى تعليم الفن وترسيخ مبادئ فن النحت والخزف والتصوير ، وفي 1973 أنشأ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي ظل يرأسه حتى عام 1985، وارتبط اسمه بتأسيس عدد من الصروح الثقافية، مثل جامعة الكويت، ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، والهيئة العامة للجنوب والخليج العربي، وكلية العلوم والتكنولوجيا بالقدس، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والخطة الشاملة للثقافة العربية ومشروع مكتبة الإسكندرية العالمية، ومعهد تاريخ العلوم العربية الإسلامية في جامعة فرانكفورت، ومعهد العالم العربي في باريس.
aXA6IDE4LjExNi40MC41MyA= جزيرة ام اند امز