خطاب نائب أمير الكويت.. رسائل تعزز الاستقرار وتصعق "أشباح الفتن"
خطاب جامع شامل قوي واضح لنائب أمير الكويت يأتي في توقيت هام، يضع فيه الجميع أمام مسؤولياته.
في توقيت مهم في تاريخ الكويت، جاءت كلمة نائب الأمير وولي عهد الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، متضمنة عدة رسائل قوية وحازمة وواضحة لأطراف عدة، لتكون مثابة خارطة طريق للحفاظ على استقرار الدولة والمضي قدما في مسيرة البناء نحو المستقبل.
خارطة الطريق التي تضمنتها كلمة الشيخ نواف الأحمد ارتكزت على قواعد وأسس محددة أبرزها محاربة الفساد الذي أكد أنه "واجب شرعي"، وعقاب المخطئ على خلفية قضية التسريبات الأخيرة، والعدالة في العقاب "فليس هناك من هو فوق القانون" بمن فيهم أبناء الأسرة الحاكمة، والثقة في مؤسسات الدولة التي "لن يضيرها ولن ينتقص من قدرها شذوذ البعض"، والعمل بروح الفريق الواحد بين "السلطتين التنفيذية والتشريعية".
أيضا من تلك القواعد الرفض القاطع والحازم لإثارة الفتنة عبر مواقع التواصل، وكان لافتا في هذا الصدد دعوة نائب أمير الكويت إلى الإسراع بالقضاء على "أشباح الفتن"، الذين يقومون باسم "الحرية الزائفة" "بترويج افتراءات وإثارة للفتن وإشاعة روح الإحباط والتشاؤم" عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويعد هذا أول خطاب لنائب أمير الكويت منذ سفر أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح 23 يوليو/تموز الماضي لاستكمال العلاج بالولايات المتحدة الأمريكية بعد إجراء عملية جراحية ناجحة بالكويت.
قضية التسريبات .. كل مسيء سيعاقب
أحد مظاهر قوة خطاب الشيخ نواف الأحمد تأتي من شفافيته وتوصيفه الدقيق للأوضاع التي تشهدها البلاد وصراحته الشديدة وطرحه حلولا قوية وواضحة لكل مشكلة يتعرض لها في خطابه.
وتعرض في هذا الشأن لقضية التسريبات التي تشهدها البلاد مؤخرا، "وما شابها من ممارسات شاذة مرفوضة وتعد على حريات الناس وخصوصياتهم تطال بعض العاملين في مؤسساتنا الأمنية وما برز من محاولة البعض شق الصف وإثارة الفتن ".
وقدم حلولا واضحة، حدد فيها لكل طرف دوره لحل تلك الأزمة، فالأمر "برمته وكافة تفاصيله بيد قضائنا العادل النزيه"، مشددا على "ألا يفلت أي مسيء من العقاب".
وأكد "الاعتزاز بمؤسساتنا الأمنية ورجالها ونسائها المخلصين والتي لن يضيرها ولن ينتقص من قدرها شذوذ البعض الذين سينالون قصاصهم العادل جراء أفعالهم الدنيئة".
وبين أن هذا "يستوجب من الجميع التوقف عن تداول مثل هذه المواد الضارة والتي لن يستفيد منها إلا أعداء الوطن ومن يسعى لتحقيق مصالح وغايات خاصة على حساب أمن الوطن".
وبين أن كل ذلك "يحظى باهتمامه شخصيا ومتابعته لجميع إجراءاته"، وتنفيذ كل ذلك من شأنه "الحفاظ على وطنه وأمنه واستقراره".
إذن فقضية التسريبات أصبحت بيد القضاء، وخطأ أفراد في المؤسسة الأمنية، لا يعني أن تتحمل المؤسسة بكاملها مسؤولية تلك الخطأ، فالحفاظ على مؤسسات الدولة واجب، وعلى أفراد المدجتمع التوقف عن تداول تلك التسريبات التي يستغلها أعداء الوطن.
وكانت وزارة الداخلية الكويتية أعلنت قبل أيام توقيف مدير عام جهاز أمن الدولة وضباط آخرين، على خلفية تسريب مقاطع فيديو تظهر ضباطا وهم يتجسسون على مواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدت للداخلية الكويتية، في بيان لها "أن التسجيلات الخاصة بجهاز أمن الدولة التي تم تسريبها تعود إلى عام 2018، وهي قيد التحقيق من قبل لجنة مستقلة لبحث جدية إجراء التحريات".
وأعلنت إحالة واقعة التسجيلات المسربة بما تتضمنه من وقائع ومعلومات وحيثيات مرتبطة بها الى النيابة العامة.
مواقع التواصل.. القضاء على أشباح الفتن
الدور التخريبي المثير للفتنة لمواقع التواصل احتل نصيبا هام أيضا من خطاء نائب أمير الكويت.
واستدعى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في خطابه تحذير لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح "من خطورة إنحراف بعض وسائل التواصل الاجتماعي وما تشكله من معاول هدم وتخريب لبنيان مجتمعنا وقيمه الفاضلة وما تحفل به من افتراءات وإثارة للفتن وإشاعة روح الإحباط والتشاؤم واطلاق الاتهامات دون دليل".
وفي لهجة واضحة وحازمة وحاسمة، قال نائب أمير الكويت: "لن نسمح لقلة ضالة بجر بلدنا إلى الانقسام والفوضى باسم الحرية الزائفة ".
ودعا في هذا الصدد إلى "الإسراع بالقضاء على أشباح الفتن حفاظا على أمن البلاد وصيانة مجتمعنا".
وهي رسالة واضحة لمثيري الفتن عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنهم ليسوا بعيدين عن العقاب، وأن دورهم التخريبي مرصود، ولا يعني هذا بحال من الأحوال الانتقاص من حرية الرأي.
فالحرية كما أكد الشيخ نواف الأحمد في كلمته "إطارا قانونيا وأخلاقيا يراعي مسؤوليتها ويحفظ كرامات الناس وسمعتهم ويحقق الصالح العام ".
محاربة الفساد.. لا أحد فوق القانون
أيضا شدد نائب أمير الكويت في خطابة على أهمية محارية الفساد، مشيرا إلى أنه "واجب شرعي"، ولكنه رفض في الوقت نفسه ما يقوم به البعض من تصوير البلاد على أنها موطن فساد.
وقال الشيخ نواف الأحمد في هذا الصدد: "إذا كنا نشكو من الفساد فليس من المقبول أن يصور البعض الكويت بأنها أصبحت موطنا للفساد!!!".
وأردف: "ولنا وقفه جادة وحازمة لمواجهة هذا الخطر المدمر بكل عزم وقوة وأن محاربة الفساد ليست خيارا بل هي واجب شرعي واستحقاق دستوري ومسئولية أخلاقية ومشروعي وطني".
كما أكد على مبدأ العدالة في العقاب وأن الكل سواسية أمام القانون.
وقال في هذا الصدد: "يشترك الجميع في تحمل مسؤوليته ولكل من يثير التساؤل حول محاسبة أبناء الاسرة الحاكمة نؤكد بأنهم جزء من أبناء الشعب الكويتي وتسري عليهم ذات القوانين ومن يخطئ يتحمل مسؤولية خطئة فليس هناك من هو فوق القانون".
وأعاد التأكيد على تصريحات أمير البلاد بأنه "لا أحد فوق القانون ولا حماية لفاسد أيا كان أسمه أو صفته أو مكانته".
ودعا الشيخ نواف في هذا الصدد: "الحكومة ومجلس الأمة إلى اعتماد التدابير الفاعلة والتشريعات الكفيلة بردع الفاسدين والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه بكافة أشكاله.".
وتشهد الكويت حاليا، التجقيق في قضية الصندوق الماليزي المتهم فيها نجل مسؤول كبير سابق ومواطن كويتي بتهمة غسل أموال.
البناء من أجل المستقبل
شدد نائب أمير الكويت على أهمية المضي قدما للأمام من أجل استكمال مسيرة البناء والاستقرار.
ودعا في هذا الصدد السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى " تصويب مسار العمل واستشعار التحديات والمخاطر التي تحيط بنا والتصدي للقضايا الجوهرية وما يمس هموم المواطنين ومصالحهم".
وأشار إلى أن هناك "العديد من الملفات والقضايا المهمة وهي نتيجة تراكمات طويلة تحتاج لمعالجتها إلى الجدية والحكمة والفكر الخلاق كما تحتاج إلى التعاون البناء والايجابية وروح الفريق الواحد".
وأشار في هذا الصدد إلى "قضايا التعليم والشباب والإصلاح الإداري والتركيبة السكانية والخدمات والإصلاح الاقتصادي الذي يجب ان ينطلق من إصلاح الأجهزة الحكومية ومعالجة الهدر في المصروفات وضبط وتجفيف منابع الفساد وأدواته إلى جانب القضايا الأخرى المهمة".
وبين "أنها تحديات حقيقية جادة لا تحتمل ترف التسويف والإنشغال بالمماحكات السياسية وتصفية الحسابات وتسجيل النقاط والإنحراف في استخدام الأدوات الدستورية الرقابية الذي لا يحقق إصلاحا".
وبين أن هذا "يستوجب تعاونا جادا فاعلا مخلصا فالوطن يستحق والمواطنون يتطلعون إلى انجاز حقيقي ملموس يلبي طموحاتهم في حاضر آمن ومستقبل واعد".
وشدد على أن "المحافظة على أمن الكويت وتعزيز استقراراها مسؤولية الجميع".
خطاب جامع شامل قوي واضح لنائب أمير الكويت يأتي في توقيت هام، يضع فيه الجميع أمام مسؤولياته، ويشدد على أهمية التمسك بالوحدة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، ويحذر من شق الصف الوطني، ويشدد على عدم السماح لأشباح الفت بإثارة الفتنة، ورفض ممارسات تجار الأزمات بالإساءة لصورة الكويت وتصويرها على أنها موطن فساد، والتشديد على أنه لن يفلت أي مسيء من العقاب والكل سواسية أمام القانون ولا أحد فوق القانون مهما كان اسم أو مكانته.