أكبر انقطاع في تاريخ التكنولوجيا.. صفحة جديدة بكتاب أحزان «سلاسل الإمداد»
منذ مطلع عام 2020، تعاني سلاسل الإمداد من صدمات متتالية، لا تكاد تستفيق من واحدة منها، حتى تعاجلها الثانية بضربة جديدة تفقدها توازنها الهش.
وحتى قبل هذا التاريخ، بدأت اضطرابات سلاسل الإمداد في الظهور على استحياء مع تقلبات أسعار النفط والحرب التجارية بين الصين وأمريكا، فضلا عن حادثة جنوح سفينة الحاويات «إيفرغيفن» في 2021 والتي أخرجت قناة السويس المصرية عن الخدمة لأيام.
- لحوم الثعابين.. حل غذائي ومناخي لا ينقصه سوى شهية البشر!
- «الفراولة».. مشروع OpenAI السري لزرع أدمغة البشر في الذكاء الاصطناعي
سلسلة الفوضى الحادة
ثم اندلعت الفوضى الحادة مع جائحة كورونا في عام 2020 والتي أغلقت مصنع العالم: "الصين"، ثم بقية مصانع العالم!
كانت جائحة 2020 صفحة غير مبشرة في كتاب من الأحزان التي واصلت ضرب قطاعات الشحن، إذ ما أن انحسر الوباء نسبيا حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في 2022 بكل ما تحمله من تداعيات ثقيلة على وسائل "تسهيل التجارة والنقل".
عزلت الحرب دول مصدرة، وحرمت دول مستوردة، وأشعلت أسعار الغذاء، وأعادت تشكيل خريطة الطاقة، وزلزلت مركز الدولار كعملة دولية متعارف عليها للتجارة، وشككت في جدوى العولمة، وسارت بممحاة على معظم ما صنعه البشر من شبكات للنقل والتوريد والإمداد.
2023.. عام جديد من الحسرة
لم يكن 2023 عاما أقل حسرة في ذكريات القطاع، إذ اندلع هجوم 7 أكتوبر في الشرق الأوسط، ليعيد القلق الرهيب إلى ساحات التجارة وميادين رصد الطاقة ومذكرات ربابين السفن والبحارة.
في هذا العام، فقد العالم جزئيا أحد أهم طرق الملاحة البحرية، قناة السويس المصرية، التي تأثرت بشدة من هجمات المليشيات الحوثية قرب باب المندب وعلى سواحل البحر الأحمر والمحيط الهندي.
صارت الطرق أطول، بعد أن اضطرت الناقلات لسلوك طريق راس الرجاء الصالح حول أفريقيا، وبالتالي زادت التكلفة وصارت المخاطر أعلى.
في تلك المرحلة، اضطرت شركات الشحن للتعامل مع موانئ غير مؤهلة، والازدحام في مناطق الخدمات البحرية الجديدة.
أكبر انقطاع تكنولوجي.. هذا ما ينقصنا؟
بعد عدة أشهر، وفي ظل ظروف شديدة الصعوبة لسلاسل الإمداد، شهد يوليو/ تموز 2024، ما استقر الخبراء على اعتباره أكبر انقطاع لتكنولوجيا المعلومات في التاريخ.
فقد تسبب خلل بتحديث لبرنامج أمني تطوره شركة الأمن السيبراني كراود سترايك CrowdStrike في تعطيل أنظمة تشغيل ويندوز التي تقدمها مايكروسوفت.
لحق بهذا شلل تام في عدد هائل من المطارات والبنوك والبورصات وقطاعات أخرى عديدة، وقد انعكس هذا بالطبع على سلاسل الإمداد.
وفقا لموقع "سي إن بي سي" تسبب الانقطاع في حدوث اضطرابات بالموانئ الأمريكية والعالمية، حيث عانت أنظمة الشحن الجوي المعقدة للغاية من ضربات هائلة، وفقًا لخبراء الخدمات اللوجستية.
وقال نيال فان دي وو، كبير مسؤولي الشحن الجوي في شركة "زينيتا" الاستشارية بقطاع سلاسل التوريد، إن تعطل الطائرات وتأخر البضائع سيستغرق أيامًا أو حتى أسابيع لحين حل المشكلة بالكامل.
وتابع: "هذا تذكير بمدى ضعف سلاسل الإمداد البحرية والجوية لدينا أمام فشل تكنولوجيا المعلومات."
وتأتي الأزمة الجديدة لسلسلة التوريد العالمية وسط ارتفاع في الطلب العالمي، مع ارتفاع الشحنات بنسبة 13٪ على أساس سنوي في يونيو/ حزيران.
وزادت إمدادات الشحن الجوي، ولكن بنسبة 3% فقط على أساس سنوي، مما تسبب بالفعل في ارتفاع تكاليف شركات الشحن بسبب القدرة المحدودة، وفقًا لزينيتا.
وقال بيت بوتيجيج، وزير النقل الأمريكي إن الرحلات الجوية تحديدا في قطاع النقل، تعمل بإحكام شديد، لذلك "حتى بعد معالجة السبب الجذري، لا يزال بإمكانك الشعور بهذه التأثيرات طوال اليوم".
وأضاف بوتيجيج: "المشكلات الصغيرة في الموانئ يمكن أن تتحول إلى مشكلة كبيرة"، مشيرًا إلى أنه حتى مع تشغيل السفن والرافعات، تأثرت البوابات، مما يعني عدم تمكن الشاحنات من الدخول أو الخروج، مما أدى إلى تأخير في موانئ معينة.
وقال ميناء هيوستن، خامس أكبر ميناء في الولايات المتحدة، إنه شهد "انقطاعات كبيرة في النظام" بين عشية وضحاها.