مباراة شطرنج «صعبة» بـ«انتخابات فرنسا».. لوبان تستهدف الملك
أزمة صعبة تنتظر فرنسا في حال فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المبكرة، قد تضيق خيارات الرئيس إيمانويل ماكرون.
إذ اعتبرت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، الجمعة، أنه لن يبقى أمام الرئيس سوى خيار "الاستقالة للخروج المحتمل من أزمة سياسية" أثارها حل الجمعية الوطنية (البرلمان) والدعوة لإجراء انتخابات تشريعية قد تأتي بحزبها إلى السلطة في يوليو/ تموز.
وصرحت لوبان أثناء جولتها في إقليم بادو كاليه في إطار الحملة الانتخابية "أنا لا أدعو إيمانويل ماكرون إلى الاستقالة. أنا أحترم المؤسسات".
لكنها قالت إنه "عندما يكون هناك جمود سياسي، وعندما يكون هناك أزمة سياسية، فثمة احتمالات ثلاثة، هي التعديل (الوزاري) أو حل البرلمان أو الاستقالة".
وأضافت أن التعديل الوزاري "لا يبدو لي في هذا الظرف مفيدا جدا، وحل البرلمان حصل بالفعل هذا العام. لذلك لن يبقى للرئيس سوى خيار الاستقالة" للخروج من الأزمة السياسية.
وأشارت لوبان إلى أن ماكرون "سيفعل بالضبط ما يريده وما يمنحه الدستور الحرية لفعله".
تقدم.. ولكن
وأظهر أحدث استطلاع للرأي نشر الجمعة أن التجمع الوطني بزعامة لوبان سيحصل على 250 إلى 300 مقعد في الجمعية الوطنية المقبلة.
وكان ماكرون قد أشار الأسبوع الماضي إلى أنه يستبعد الاستقالة، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات التشريعية المقررة على مرحلتين في 30 يونيو/حزيران و7 يوليو/ تموز.
ورغم توقعات استطلاعات الرأي، قال الباحث المتخصص في الشأن الفرنسي، بيير ألكسندر بالاند، "على الأرجح، لن يفوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية الفرنسية".
وتابع "عبر قرار إجراء انتخابات مبكرة، هدف ماكرون إلى إظهار أن نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة لا تعكس المشاعر السياسية الأوسع في فرنسا".
وأضاف "يمكن لهذه الخطوة أيضًا أن تحشد أولئك القلقين من صعود اليمين المتطرف. كما يمكن أن تؤدي إلى كبح زخم اليمين المتطرف بشكل كبير في الاتحاد الأوروبي والعالم".
معضلة تاريخية
وحصل التجمع الوطني، بالفعل على المركز الأول في انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2019 وقبل ذلك في عام 2014. ولكن تاريخيًا، يكافح اليمين المتطرف ليعكس نجاحه الأوروبي في الانتخابات الوطنية الفرنسية.
على سبيل المثال، في الانتخابات الأوروبية لعام 2019، حصل التجمع الوطني على ما مجموعه 5,286,939 صوتًا. وبعد ثلاث سنوات فقط، وبالتحديد خلال الانتخابات التشريعية الفرنسية، حصل الحزب على 3,589,269 صوتًا فقط، ما يعكس انخفاضا بنسبة 32.1%.
وباستخدام نفس المعدل، سيتقلص عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب في انتخابات البرلمان الأوروبي في 9 يونيو/حزيران الجاري، وتقدر بـ7,765,944 صوتًا، إلى 5,272,250 صوتًا في الانتخابات التشريعية المنتظرة، وفق بالاند.
بالاند كتبت أيضا في مقال بمركز أبحاث "CEPS" الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، "النظام الانتخابي الفرنسي القائم على جولتين في الانتخابات التشريعية، يشكل عائقًا كبيرًا أمام الأحزاب اليمينية المتطرفة. فبينما قد تحقق هذه الأحزاب أداءً جيدًا في الجولة الأولى عندما تنقسم الأحزاب التقليدية، تشهد الجولة الثانية تحولاً".
موضحا "في الجولة الثانية، غالبًا ما يتحد الناخبون من اليسار واليمين على حد سواء وراء مرشحين أكثر اعتدالًا لمنع فوز اليمين المتطرف، وهي استراتيجية تُعرف باسم الجبهة الجمهورية".
ومضى قائلا: "هناك أسباب أخرى تجعل الناخبين الفرنسيين يميلون إلى اليمين المتطرف في انتخابات الاتحاد الأوروبي ولكنهم يختارون الاعتدال على المستوى الوطني. فالقضايا الاقتصادية، حيث يُظهر حزب ماكرون قوة، تهيمن على الانتخابات الوطنية وتؤثر على الناخبين المترددين".
وتابع "بالإضافة إلى ذلك، فإن التأثير المنخفض المتصور للبرلمان الأوروبي على الحياة اليومية يجعل من انتخابات الاتحاد الأوروبي مكانًا آمنًا للتصويت العقابي ضد الأحزاب التقليدية".
حركة رائعة
وفي النهاية، قال الباحث المتخصص في الشؤون الفرنسية، "قد تكون استراتيجية ماكرون رابحة، وحركة شطرنج رائعة. لكن سواء نجحت أم لا، فإنها ستصنع التاريخ"، قبل أن يضيف "خطوة ماكرون محسوبة أكثر بكثير مما تبدو عليه".
وأسفرت انتخابات البرلمان الأوروبي عن فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي تتزعمه لوبان بعد حصوله على 31.5% من أصوات الفرنسيين وهو ما يزيد عن ضعف الأصوات التي فاز بها حزب النهضة الذي يقوده ماكرون والتي بلغت 15.2%.
وفور الكشف عن النتائج دعا الرئيس الفرنسي إلى إجراء انتخابات مبكرة في الفترة من 30 يونيو/حزيران وحتى 7 يوليو/تموز المقبل.