الاتحاد الأوروبي يجتمع الأربعاء المقبل.. تحاصره هواجس «اغتيال الأرشيدوق»

تبدو الانقسامات الراهنة في أوروبا عميقة لكن اللحظة الحالية تفرض إعادة تشكيل التكتل تحت ضغط التحديات.
وتتهم عدة دول أوروبية روسيا بالإقدام على استفزازات أبرزها اختراقات متكررة لأجواء عدة دول. ورغم نفي موسكو تتعامل القارة العجوز مع الظاهرة باعتبارها تحد لا يمكن التغافل عنه.
لكن إلى جانب ذلك، يثير الموقف الأمريكي من الاتحاد الأوروبي قلقا في التكتل، وهو ما يفرض عليه تغيير نفسه جذريًا وستكون القمة الأوروبية، يوم الأربعاء المقبل دليلا واضحا على أنه لم يعد كما كان في السابق.
وتحيط التهديدات الحربية بقمة كوبنهاغن، فلم يقتصر الأمر على اختراق طائرات مقاتلة روسية المجال الجوي لدول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بحسب مزاعم أوروبية تنفيها روسيا، بل شهد مطار العاصمة الدنماركية، الذي سيتوجه إليه عشرات القادة والمسؤولين، اضطرابات كبيرة الأسبوع الماضي بسبب مسيرات غامضة وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
هذه التهديدات دفعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لتجاوز المناقشات التقليدية حول التجارة والاقتصاد ووضع القدرات العسكرية للاتحاد الأوروبي كمناقشة غير مسبوقة في قمة أوروبية.
ومن بين الخيارات المطروحة على أجندة قمة كوبنهاغن إنشاء "جدار للمسيرات"، وهو نظام من شأنه كشف وتتبع وإسقاط المسيرات، بالإضافة إلى مشروعات لضمان التصدي السريع للطائرات التي تتسلل إلى الأجواء الأوروبية.
وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي "إنّ إرسال الطائرات المقاتلة هو من مهام حلف الناتو" وأوضح أن مهمة التكتل هي أن يكون على أهبة الاستعداد للاستجابة للتهديدات عند الحاجة، وأن يعزز استعداده ويمتلك الأدوات اللازمة للرد عليها، معززًا الأدوات والقدرات المشتركة في مواجهة أي تهديد مشترك.
القمة الأوروبية المرتقبة هي الأولى منذ اجتماع قادة الاتحاد في بروكسل في يونيو/حزيران الماضي حيث شهدت الأشهر الثلاثة الماضية بصيص أمل بعد قمة ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا لكن سرعان ما تعقدت الأمور مجددا في ظل الاتهامات الموجهة إلى موسكو.
ومع انعقاد قمة ثانية في بروكسل نهاية أكتوبر/تشرين الأول، يسعى الاتحاد إلى اتخاذ قرارات جادة بشأن تعزيز دفاعات أوروبا وتقديم الدعم المالي لأوكرانيا.
وقد يكون الاعتراف بخطر روسيا هو الجزء السهل، أما كيفية الرد داخل الاتحاد الأوروبي المليء بالأولويات المتنافسة فهي شيء آخر لكن النقطة الجوهرية التي يمكن الاتفاق بشأنها فهي عدم القيام بأي شيء يزيد من احتمالية نشوب حرب شاملة.
وقال رافائيل لوس، الباحث في سياسات الدفاع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "يتمثل التحدي الذي يواجه القادة الأوروبيين في كوبنهاغن في إيجاد توازن ردع مع روسيا دون أن تتفاقم إلى أزمة أو ربما إلى صراع".
وأضاف "يصبح هذا الأمر بالغ الصعوبة عندما يقول ترامب الحليف الأكبر في الناتو: لا تترددوا في إسقاط الطائرات الروسية، لكنني لا أعلم إن كنت سأدعمكم أم لا".
ومع ذلك، فإن هذه المرحلة الأكثر خطورة من السياسة الأوروبية مليئة بالكوارث المحتملة حيث أعرب مسؤولون حكوميون، سرًا، عن قلقهم من احتمال وقوع "لحظة فرانز فرديناند" بمعنى آخر وقوع تصعيد مفاجئ يجر القارة إلى صراع، مثلما حدث بعد اغتيال الأرشيدوق فرديناند ولي عهد النمسا عام 1914 والذي أشعل فتيل الحرب العالمية الأولى.
وأمس الأحد أرسلت بولندا طائرات مقاتلة وأغلقت مؤقتًا جزءا من مجالها الجوي بعد هجوم روسي على أوكرانيا استمر 12 ساعة بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي دعا أوروبا إلى تكثيف دفاعاتها محذرا من أن موسكو وضعت نصب عينيها ما هو أبعد من أوكرانيا.
وإذا حظيت أساسيات الدفاع بإجماع عام رغم الانقسام السياسي في أوروبا فإن كيفية التمويل ستثير خلافات بين القادة في حين يصر القادة العسكريون على أن القارة العجوز تواجه بالفعل حربًا منخفضة الشدة مع روسيا ويقولون إنه لم يحدث الانتصار في الحروب إلا بالدين العام.
لكن منح الاتحاد الأوروبي ميزانية أكبر للإنفاق نادرًا ما يحظى بشعبية خاصة بعد صعود القادة القوميين إلى الحكومات بخطاب مناهض لأوروبا.
وبينما رحبت دول مثل المجر وسلوفاكيا بتمويل إضافي للأسلحة والتدريب والمعدات قللت دول أخرى مثل إسبانيا من خطر الحرب في محاولتها حماية ميزانياتها المثقلة أصلًا في حين أعربت هولندا والسويد وألمانيا عن قلقها إزاء الاقتراض الإضافي لدفع تكاليف إعادة التسلح العسكري وتقديم المساعدات لأوكرانيا.
ومع ذلك، أعرب دبلوماسيون عن أملهم في أن تساعد التهديدات المتزايدة في أن يتخذ القادة قرارات كانوا يترددون في اتخاذها سابقًا.
وقال دبلوماسي مشارك في المناقشات الأوروبية "إنها مسألة توازن صعبة، لأنك لا تريد إرهاب الناس، ولكنك تريد أن يكون القادة على دراية كافية بالمخاطر لأخذها على محمل الجد".
وتواجه أوكرانيا عجزًا في الميزانية يبلغ حوالي 23 مليار دولار العام المقبل، مما يمنح الحكومات أشهرًا فقط لتقديم مبلغ كبير من المال يكفي لدعم المجهود الحربي لكييف.
وتعتقد فون دير لاين أنها وجدت الحل في "قرض تعويضات" بقيمة 140 مليار يورو، يُموّل من الأصول الروسية التي جمّدها الاتحاد الأوروبي منذ بدء الحرب عام 2022 وهي الخطة التي يرفضها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لكن بروكسل تعتقد أنها وجدت حلاً قانونيًا لإبعاد بودابست عن عملية صنع القرار.
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي "الهدف في كوبنهاغن هو حشد الدعم الكافي من الدول الأخرى لعزل أوربان.. نحن في منطقة رمادية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز