حان وقت الحساب.. "جبران باسيل" رئيس الظل وحليف حزب الله
إجراء أمريكي نوعي يستهدف هذه المرة جبران باسيل، الذي يعتبره كثيرون رئيس الظل في لبنان، والحليف الأقوى لحزب الله الإرهابي بالبلاد.
الإجراء اتخذته وزارة الخزانة الأمريكية التي فرضت، الجمعة، عقوبات على باسيل رئيس التيار الوطني الحر، في قرار يختزل ارتدادات ليس على شخصه فقط، وإنما على الرئاسة اللبنانية، خصوصاً أنه صهر الرئيس ميشال عون، والرجل اللصيق به والمرشح الأبرز لخلافته.
باسيل الذي يترأس أكبر تكتل نيابي مسيحي في مجلس النواب اللبناني يعتبر من أبرز حلفاء حزب الله، ولطالما شكّل "الغطاء المسيحي" للمليشيا في الداخل اللبناني وأمام المجتمع الدولي.
- "باسيل" أكبر مناصري حزب الله بمصيدة العقوبات الأمريكية
- إسرائيل تكشف عن دور "باسيل" في ترسيم حدودها مع لبنان
كما استفاد من تحالفه معه على مختلف الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية، بما في ذلك الصفقات التي كانت تبرمها الدولة اللبنانية حين تولى وزارات ذات ثقل على رأسها الطاقة.
وخاض باسيل، الذي توّلى رئاسة التيار الوطني الحر خلفاً لعمه مؤسس التيار ميشال عون عام 2015، معارك داخلية كبيرة في هذا الحزب أبعد فيه أغلب مناضليه، وسيطر على جميع مفاصله إلى درجة أنه أصبح يختزله في شخصه، وسلم فيه المقربين منه أو أزلامه جميع المراكز الحزبية.
أما على المستوى السياسي العام، فهو من أكثر الشخصيات الجدلية في لبنان، وعرف بمعاركه مع أغلبية الفرقاء السياسيين، خصوصاً مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
ولاحقا، وتحديدا في 2016، عقد باسيل مع الحريري تسوية سياسية أدت إلى وصول عون إلى الرئاسة وأصبح من أقرب حلفائه، غير أن الخلافات بينهما عادت إلى الواجهة بعد انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019.
ولم يكن باسيل المولود عام 1970، معروفاً في مطلع شبابه إلا في أوساط ضيّقة بصفوف التيار، لكن ظهوره وموقعه الحزبي بدأ يكبر بعد اقترانه بشنتال، ابنة عون عام 1999، ليصبح منذ ذلك الصهر المدلل للرئيس.
برز قيادياً في التيار الوطني خلال التحركات التي تلت اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وممثلاً للتيار في العديد من التحركات والخطابات، وسطع نجمه مع عودة عون من المنفى عام 2005 والذي اصطفاه مستشاراً ومساعداً وقيادياً إضافة إلى كونه صهره.
خاض الانتخابات النيابية في منطقته البترون، شمالي لبنان، وفشل في 2005 وأعاد الكرة في 2009 وحصد النتيجة عينها.
رئيس الظل
بحكم موقعه اللصيق بعمه، كان باسيل من أبرز المفاوضين مع "حزب الله" لتوقيع ورقة تفاهم تعرف بـ "تفاهم مارمخايل" بعد خلاف شديد بين الفريقين أثناء نفي عون في فرنسا.
وتشير المعلومات إلى أن باسيل لعب الدور الأبرز في تقريب وجهات النظر وصولاً الى إعلان الوثيقة في 6 فبراير/شباط 2006، وهو الاتفاق الذي كان له دور حاسم في وصول عون إلى الرئاسة بعد ما عطّل حزب الله البرلمان اللبناني لعامين ونصف، ومنع وصول غيره للمنصب إلى أن تحقق هذا الأمر في 2016.
وفي أولى مشاركات "التيار" في السلطة التنفيذية، عيّن باسيل وزيراً للاتصالات في حكومة فؤاد السنيورة الثانية، وتولى هذه الحقيبة من يونيو/حزيران 2008 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009.
وبعد انتخابات 2009 وفشل باسيل في الاستحقاق التشريعي، خاض عون معركة شرسة مع الأطراف السياسية التي كانت ترفض توزير خاسرين في الانتخابات النيابية، وأوقف تشكيل الحكومة لأشهر عدة.
وحينها، قال عون عبارته الشهيرة: "لعيون صهر الجنرال ما تتألف حكومة"، حتى نجح في إعادة إدخال باسيل لحكومة سعد الحريري لكن عبر وزارة الطاقة، بعد رفض قوى 14 آذار (خصوم حزب الله) عودته إلى وزارة الاتصالات.
تولى وزارة الطاقة عام 2009 وبقيَ فيها حتى العام 2011 تاريخ إسقاط حكومة الحريري على يد تحالف 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه) الذي كان التيار عضوا أساسيا فيه على خلفية الاشتباك السياسي العميق حول المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري الأب.
في 2011، حصل باسيل على الوزارة نفسها في حكومة نجيب ميقاتي، وبقي على رأسها حتى استقالته في 22 مارس/آذار 2013.
وخلال هذه المدة، خاضَ باسيل معارك عديدة فيما يتعلق بملف الكهرباء على خلفية خطة قدمها ووعد اللبنانيين من خلالها بتأمين الكهرباء 24 ساعة في نهاية عام 2016، وقد أقرتها الحكومة بعد أخد ورد وجدال واتهامات استمرت لأشهر، لكن حتى اليوم لم تتحقق وعوده.
لم يترك باسيل موقعاً وزارياً إلا وكانت عودته إليه مدار خلاف وإشكال بين القوى السياسية، وهذا ما حدث عند البدء بمفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة تمام سلام، حيث رفضت عودته إلى وزارة الطاقة، وأيضاً بعد معركة سياسية خاضها عون وأخرت تشكيل الحكومة لأشهر، استطاع إعادته إلى جنة السلطة التنفيذية هذه المرة عبر بوابة وزارة الخارجية.
تولى وزارة الخارجية أيضاً في حكومة سعد الحريري عام 2016 عقب انتخاب عون رئيساً، واحتفظ بمنصبه في الحكومة التي شكلها الحريري أيضاً في 2018 عقب الانتخابات النيابية، قبل أن تسقط في الشارع خلال انتفاضة 17 أكتوبر، حيث كان لباسيل الحصة الأكبر من الشعارات المناهضة للطبقة السياسية.
خسر باسيل حضوره الوزاري بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة دياب، لكنه بقي المحرك الرئيسي لها عبر تسمية أغلبية وزارئها، بعد رفض إعادة تكليف الحريري واضعا معادلة "إما أنا والحريري داخل الحكومة وإما أنا وهو خارجها".
خارج الحسابات
هذه الأيام، ومع تكليف الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة حاول باسيل أن يعود للعب دوره المعتاد بالتدخل بالتأليف بشكل مباشر وغير مباشر عبر عون.
لكن الوقائع السياسية داخل لبنان وخارجه، لا سيما بعد المعلومات التي كانت قد أشارت في وقت سابق إلى وضعه على لائحة العقوبات الأمريكية، فرملت حماسته، وجعلته يخضع لعدم مشاركته في الحكومة التي يصر الحريري على أن تكون من غير الحزبيين.
وفي أكثر من مناسبة، أصدرت الرئاسة اللبنانية بيانات أكدت فيها أن باسيل لا يتدخل في المشاورات، عقب تقارير إعلامية لفتت إلى أن تأليف حكومة الحريري كان قاب قوسين من التشكيل قبل أن يتدخل باسيل ويعرقلها.