«الأرض المحروقة».. سياسة إسرائيلية للوصول للمنطقة العازلة بلبنان
مقاطع مصورة صادمة لتفجير قرى كاملة في جنوب لبنان، نشرها الجيش الإسرائيلي، أو سربها جنود، تعكس نهجا جديدا في تعامله مع حزب الله.
وتُظهر تلك المقاطع دمارا واسع النطاق يضرب قرى لبنانية على الحدود مع إسرائيلي في ثوان معدودة، ما اعتبره الخبير العسكري المصري اللواء دكتور سمير فرج، تطبيقا عمليا لـ "سياسة الأرض المحروقة".
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، لقطات مصورة لتفجيرات متزامنة في بلدة ميس الجبل اللبنانية الحدودية مع إسرائيل، وذلك بعد أيام من نشر مقطع مشابه قبل يومين، لتفجيرات مماثلة في قرية مطمورة، المواجهة لمستوطنة "آدميت"، في الجليل الغربي.
ووسط تهليل جنود إسرائيليين، بدت ألسنة اللهب تتصاعد من مختلف أنحاء القرية، التي غطتها في ثوان شبكة كثيفة من الدخان والأتربة، ما يعكس حجما هائلا من الدمار فيها.
والقرى الحدودية في جنوب لبنان خاوية من سكانها، إذ نزح أكثر من مليون و 200 ألف شخص، حسب وحدة إدارة الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية.
منطقتان عازلتان شمالا وجنوبا
وقال الخبير العسكري اللواء دكتور سمير فرج، لـ "العين الإخبارية"، إن إسرائيل تريد "القضاء تماما على القدرات العسكرية لحزب الله، الذي يعد أكبر قوة عسكرية موجودة في العالم خارج إطار الدولة"، مشيرا إلى أن إسرائيل اتبعت لتدمير قدرات مجموعة مُسلحة بتلك القوة، "استراتيجية الأرض المحروقة".
وأوضح فرج أن تلك الاستراتيجية، واحدة من الخطط العسكرية المتبعة في ميدان المعركة، وتطبقها إسرائيل "بكل حذافيرها"، سواء من خلال قصف قرى جنوب لبنان الحدودية بالقنابل الارتجاجية، أو تفجيرها.
وأضاف أنه: "بعدما أضعفت إسرائيل حماس كقوة عسكرية على حدودها الجنوبية في غزة، تريد تدمير حزب الله على حدودها الشمالية، لكن نظرا لاختلاف القدرات، لم تستطع التوغل بريا في جنوب لبنان، فلجأت إلى سياسة الأرض المحروقة عبر تفجير قرى بالكامل".
وأشار إلى أن "بعض التقديرات تقول إن حركة حماس الفلسطينية ستحتاج إلى نحو 10 سنوات كي تستعيد قدراتها العسكرية، وإسرائيل تريد أن تصل بحزب الله إلى نفس النقطة، وهي بذلك تضمن أيضا إقامة منطقة عازلة شمالها وجنوبها".
وأوضح فرج أن ضخامة التفجيرات وقوتها في القوى الجنوبية، قد يكون سببه في بعض الأحيان "تفجير مخازن أسلحة وذخائر لحزب الله في تلك القرى، التي تعد من أقوى مناطق نفوذه"، مضيفا: "سياسة الأرض المحروقة تعني أنه ليست هناك ضرورة لاستهداف الموقع المُراد تدميره على نحو دقيق، بل يمكن تدمير المنطقة التي يضمها هذا الهدف بأكملها، دون أي اعتبار لبقية المواقع التي ستُدمر".
دمار القرى الحدودية
وكانت وكالة "أسوشيتد برس"، قالت إن صور الأقمار الصناعية والبيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط أظهرت مدى الدمار في 11 قرية بجوار الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ما يشير إلى أن ظروف إنشاء منطقة عازلة من الجانب اللبناني باتت متاحة بالفعل.
وأوضحت أن الانفجارات أدت إلى تدمير أحياء وقرى بأكملها، وأن الضرر الأكثر شدة في الجنوب كان في القرى الأقرب إلى الحدود.
وعندما سُئل الجيش الإسرائيلي عما إذا كان ينوي إنشاء منطقة عازلة، قال إنه "ينفذ غارات محلية محدودة ومستهدفة استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة ضد أهداف لحزب الله، الذي أخفى أسلحة عمدا في المنازل والقرى".
تدمير ذاكرة بعلبك
من جهة أخرى، قالت الوكالة اللبنانية للإعلام، إن أكثر من 70 % من سكان مدينة بعلبك، في وادي البقاء، شمال شرق بيروت، نزحوا نتيجة الغارات الإسرائيلية على المدينة ومحيطها.
وأضافت الوكالة: "حتى الآثار التاريخية، وقلعة بعلبك التي صنفتها منظمة "اليونسكو" ضمن لائحة التراث العالمي لم تسلم جنباتها ومحيطها من الاستهداف"، لافتة إلى استهدف محيط القلعة والمواقع الأثرية الأخرى أكثر من مرة، ما تسبب في تدمير جزء من السور الروماني عند أطراف ثكنة "غورو" التاريخية المحاذية للقلعة ولقبة "السعيدين"، وأجزاء من الوسط التجاري على بُعد أقل من 300 متر من المعابد الرومانية.
وأضافت أن إحدى الغارات استهدفت منطقة قريبة جدا من "معلم حجر الحبلي في حي الواد، الذي يضم أكبر صخرة منحوتة في العالم، والذي كان أحد مصادر حجارة قلعة بعلبك".
aXA6IDE4LjIyMy4xNTguMTMyIA== جزيرة ام اند امز