"خيار ثالث".. فرنسا تحاول إنعاش "الوظائف الحيوية" للبنان
هل بلغت فرنسا مرحلة اليقين من أن القوى السياسية اللبنانية لن تتمكن من حل أزمة الشغور الرئاسي المستمرة منذ نحو عام؟
الحيثيات والتصريحات تشي بأن هذا ما يحدث فعلا، فعلى ما يبدو فإن فرنسا التي تقود -من بين دول أخرى- حراكا عبر لقاءات ومباحثات مع قادة أحزاب فاعلة، اصطدمت بحائط مسدود.
وفي ظل التعثر المسجل يتردّد مؤخرا بوتيرة متزايدة اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، كمرشح بديل غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس؛ إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية تمكّنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى المنصب.
"خيار ثالث"
الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان دعا المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد "خيار ثالث" لحلّ أزمة الرئاسة، فيما لا يمتلك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشّحه، بعد نحو 11 شهراً من شغور المنصب.
وقال لودريان في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" بعد ثلاثة أشهر من بدء مهمته بشأن لبنان، إنه "من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث".
ونبّه من أن "المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد"، بعد قرابة عام من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون وفشل البرلمان في انتخاب بديل، في خضمّ انهيار اقتصادي متماد منذ أربعة أعوام.
لودريان سدّ الخيار الثاني والأول عندما "ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح".
ويواصل حزب الله وحلفاؤه دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، فيما صوّتت أكثرية خلال الجلسة النيابية الأخيرة للوزير السابق والمسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور.
ومنذ تعيينه في يونيو/حزيران الماضي مبعوثاً خاصاً زار لودريان لبنان ثلاث مرات، آخرها الشهر الحالي والتقى مسؤولين لبنانيين وقادة أحزاب فاعلة من دون أن تثمر جهوده.
قائد الجيش؟
ومع اصطدام المساعي بحائط مسدود يتردّد مؤخراً بوتيرة متزايدة اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، كمرشح بديل غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي.
وكان عون في عداد شخصيات عدة التقاها مسؤولون محليون وأجانب بينهم لودريان.
وفيما يبدو الملف اللبناني غائباً بشكل كبير عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، كرّر لودريان مراراً الحاجة إلى "التوصل سريعاً إلى حلّ".
ويزيد الشغور الرئاسي الوضع الاقتصادي سوءاً في وقت تشهد البلاد منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي.
وينفد صبر الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني، السعودية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة وقطر، وفق لودريان الذي قال إن "الدول الخمس موحدة تماماً، ومنزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان في وقت يتمادى المسؤولون السياسيون في عدم تحمّل المسؤولية".
وفي 19 سبتمبر/أيلول الجاري، اجتمع ممثلون عن تلك الدول على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من دون أن يصدروا بياناً حول اللقاء.
ولا يزال احتمال فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة مطروحاً، حيث قال لودريان في هذا السياق "من الواضح أنها فرضية" مطروحة، في موازاة إصراره على أن "الاستفاقة لا تزال ممكنة".