صيادو لبنان.. "أموات على قيد الحياة"
قبل الأزمات التي عصفت بلبنان، كان الصيادون يعانون من أوضاع معيشية واجتماعية صعبة، فكيف الآن، مع عدم توفر المازوت لتشغيل مراكبهم؟!
خلف جدران كل منزل من الصيادين قصص موجعة، قلة من المقربين يعلمون بها، منهم ابن القلمون (شمال لبنان) خالد شلق الوالد لثلاث فتيات وشاب، الذي روى قصة ألمه لـ"العين الإخبارية" حيث قال: "كتب عليّ أن أكون صياداً، يومياً أغامر كما بقية الصيادين في اقتحام البحر ومواجهة الموج والبرد في الشتاء وهدوئه الغدار في الصيف، كل ذلك يهون من أجل رزق عائلتي".
وأضاف: "لكن في الأشهر الأخيرة التي تمر على لبنان نحارب من كل الجهات، فلا مازوت للعمل، وإن توفر ففي السوق السوداء أي أن سعره مرتفع، وبالتالي سيفوق ما سأجنيه من البحر، كما لا توجد أدوية في السوق، وزوجتي البالغة من العمر 54 سنة مصابة بالشلل منذ 19 سنة، نتيجة تلف في الأعصاب، تحتاج إلى عدة أدوية لاسيما ذلك الذي يمنع التقرحات، من هنا أضيف همّاً جديداّ عليّ هو كيفية تأمينه من خارج لبنان".
وتابع: "لا ضمان صحي، فقد كانت زوجتي معلمة ثانوي في مدرسة خاصة"، وعمن يخدمها أجاب: "لدي ابنة متزوجة وفتاتان تبلغان من العمر 13 و15 سنة، عندما تعودان من المدرسة تهتمان بها وتقومان بإعداد الطعام، أما أنا فأخرج بحثاً عن رزقهن لأتمكن من تأمين الحد الأدنى من حاجيات العائلة".
وأكد شلق أنه: "في ظل ارتفاع الأسعار نسينا طعم اللحم، نعيش مأساة بكل معنى الكلمة، فنحن أموات على قيد الحياة".
كذلك عبّر الصياد إسماعيل زيدان من القلمون والوالد لطفلين عن الصعوبات التي يواجهها بالقول: "الشغل قليل، لا يمكنني العمل في ظل انقطاع المازوت، وبدلاً من الصيد بالشباك وسط البحر بالمراكب، أصبحت أغطس ليلاً بحثاً عن رزقي، أي أنني أخاطر بحياتي من أجل ألا ينام طفلاي من دون طعام، فأنا يمكنني تحمّل الجوع أما ولداي فلا، لاسيما طفلي البالغ من العمر سنة وأربعة أشهر والذي ارتفعت حرارة جسده قبل أيام نتيجة التهاب في الأمعاء ما اضطرني الى الاستدانة لشراء أدوية له".
وأضاف: "وإذا أردت أن أشتري له كيس حليب عليّ أن أعمل 3 أيام في البحر، مع العلم أن نوعية الحليب التي أشتريها له ليست للأطفال ومكتوب عليها تحذير بأنها غير مخصصة للأطفال لكنها أرخص ثمناً فالمهم أن أسكت جوعه".
ولفت إلى أنه "قبل الأزمات كنت أعمل في طلاء المنازل، كون صيد السمك وحده لا يكفي، إلا أن العمل توقف في هذه المهنة فأي زبون سيعمل على طلاء منزله وهو لا يمكنه تأمين قوت يومه"، وأضاف: "كل ما أطلبه أن نتمكن من العيش، ولا أحلام لدي فهذا البلد مقبرة الأحلام".
من القلمون إلى صيدا في الجنوب الحال واحد، حيث طلب جمال بلباسي (مقعد) من الدولة تأمين المازوت للصيادين وقال: "أطلب من الجهات المختصة الاهتمام بنا، فأنا والد لـ8 أولاد كيف لي أن أطعمهم من دون أن أعمل، الأوضاع التي نمر بها لا تطاق ولا أحد من المسؤولين يضعنا حتى في أسفل قائمة الاهتمام، فهل المطلوب أن نموت على البطيء في بلد لا قيمة فيه للإنسان".
كذلك قال زميله محمد شعبان الوالد لخمسة أبناء: "نحن 350 عائلة تعمل في البحر.. أين الدولة لمحاسبة تجار السوق السوداء الذين يبيعون صفيحة المازوت بسعر خيالي ليحرمونا بذلك من العمل وبالتالي مضاعفة مآسينا".
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز