الترهيب.. "سلاح" حزب الله لتطويق خصومه بالبقاع اللبناني

عبر الترهيب، يصعّد حزب الله ضغوطه على معارضيه في مناطق سيطرته قبل نحو أسبوعين من الانتخابات البرلمانية اللبنانية.

وبعد قطع الطرق وإطلاق النار على المعارضين في دائرة الجنوب الثانية، وتخوين مرشحي المجتمع المدني الذين توحدوا في لائحة ضده بدائرة الجنوب الثالثة، يأتي دور بعلبك-الهرمل.

ولبعلبك أهمية خاصة عند حزب الله، فهو يعتبرها خزانه البشري نظراً لعدد سكانها الكبير، وفي الوقت نفسه تعتبر خاصرة رخوة انتخابياً خصوصاً بعد اختراقها بمقعدين في الانتخابات السابقة من قبل "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل".

كما أن البيئة الشيعية بالبنية المجتمعية في هذه المحافظة تجعل من البعد العشائري عاملاً أساسياً تفتقده دوائر الجنوب، إلى جانب الطبيعة الشخصية للأفراد، ولذلك فإن كيفية التعاطي مع خصوم حزب الله من الشيعة تختلف، بحيث إن الاعتداءات الجسدية أو التهجير من البلدات كما في الجنوب غير مجدية، لأن التعاضد بين أبناء العشيرة ومتفرعاتها ما زال قوياً وتسقط أمامه الاعتبارات الأخرى.

ترهيب

أمام هذا الواقع، انتظر حزب الله حتى إغلاق باب تشكيل القوائم الانتخابية وبدأ بحملة ضغط غير مسبوقة على مرشحين من ضمن القائمة الوحيدة الجدية لمنافسته وهي قائمة "القوات اللبنانية"، ونجح بسحب ثلاثة مرشحين من الطائفة الشيعية منها بهدف إضعافها وشرذمتها بزعم أن القوات تعمل وفق أجندات مشبوهة وهدفها نزع سلاح حزب الله.

وبحسب المعلومات، فإن الضغوطات ستستمر إلى حين محاولة سحب مرشح رابع من القائمة أيضاً، وبذلك لن يضعف لائحة خصمه فحسب، وإنما يبعث برسالة إلى جميع الناخبين خصوصاً ضمن بيئته، مفادها بأن المعارضة ممنوعة وسيتم مواجهتها، خصوصاً بعد المخاوف التي تجاهر بها ماكينته عن غضب ضمن جمهوره جراء الأوضاع الاقتصادية، وعدم وفاء ممثليه في البرلمان بوعودهم وغيابهم عن الناس منذ لحظة انتخابهم.

وفي هذا السياق، أكد المسؤول الإعلامي في "القوات اللبنانية" شارل جبور، أن "الانسحابات التي تطول لائحة الحزب لا تؤثر على طبيعة المعركة الانتخابية والسياسية".

وقال جبور، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "القوات اللبنانية تضع بعين الاعتبار انسحابات من هذا القبيل، وهي في الأصل لا تخوض المعركة على أساس 10 مرشحين إنما على أساس 5 أساسيين يمتلكون حضوراً وثقلاً شعبيا".

وأشار إلى أن "المرشحين المنسحبين يمتلكون تمثيلاً رمزيا وليس شعبياً يؤثر على نتيجة الانتخابات".

ولكنه في المقابل، لفت إلى أن هذه الانسحابات تظهر حجم الضغط والترهيب الذي يمارسه حزب الله على الناخبين الشيعة، معتبرا أن هذا دليل على أن خطاب "القوات اللبنانية يفعل فعله لدى الشريحة الشيعية، خصوصاً أن رئيس الحزب سمير جعجع توجه بأكثر من مناسبة لهذه الشريحة اللبنانية من أجل كشف افتراءات حزب الله (..)".

وأضاف: "يبدو أن هذا الخطاب بدأ يفعل فعله ضمن بيئة حزب الله، فبدأ بممارسة الضغوط انطلاقا من خشيته من تحقيق اختراق مهم ونوعي داخل هذه البيئة وبالتالي يحاول مجابهة ذلك بكافة الطرق".

مخاوف 

من جانبه، يرى المرشح بلائحة "القوات اللبنانية" النائب الحالي أنطوان حبشي، أنّ "ما يحصل ليس سوى دليل خوف من نتائج الانتخابات في المنطقة، والتي ستفاجئ حزب الله بصوتها الاعتراضي".

وقال حبشي لـ"العين الإخبارية"، إن "ما يؤكّد خوفهم الكبير هو إلغاؤهم لكلّ العملية الديمقراطية من خلال ترهيب المرشّحين، لا سيّما في البيت الشيعي، وانسحاب شخصيات شيعية من اللائحة التي انضمّت إليها القوّات، فالحزب يخاف من التنوّع والرّأي الآخر حتّى داخل طائفته، واغتيال لقمان سليم أبرز مثال، وهو أمر إلغائيّ".

وتابع أن "معروف لمن سيصوت 90 بالمئة من النّاس، فما الذي يسعى حزب الله لقوله بالترهيب والتّرغيب؟ هل يقول إنه لا يريد المسيحيّين في بعلبك الهرمل؟".

ولفت حبشي إلى أن الشحن الطائفي والمذهبي الذي يمارسه حزب الله يخلق جوّاً غير ديمقراطي في المنطقة وقد يُمهّد لأعمال عنف.

ومنذ أيام، تعرض رئيس قائمة "لائحة الدولة"، رجل الدين الشيعي عباس الجوهري، لإطلاق نار في أثناء وجوده في تجمع انتخابي ببعلبك، وحوصر مع أنصاره في رسالة ترهيبية واضحة، لكن مصادر أكدت لـ"العين الإخبارية" أنه ماض في المعركة حتى إنه يسجل تزايداً في صفوف المتضامنين والداعمين له على الرغم من الضغوط التي يتعرض لها.

وكشفت المصادر عن أموال يجري دفعها بشكل كبير جداً، مستهدفة خصوصاً أنصار "تيار المستقبل" وأبناء الطائفة السنية، لحثهم على عدم الاقتراع للقائمة المناهضة لحزب الله، مستغلين انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية، لكن هذه الطريقة لا تلقى حتى الساعة تجاوباً من الناس.

وتتنافس 6 لوائح في دائرة بعلبك-الهرمل، اثنتان أساسيتان واحدة يدعمها حزب الله وحركة أمل، وأخرى حزب "القوات اللبنانية" وشخصيات شيعية معارضة أبرزهم الشيخ عباس الجوهري.

وهناك لائحتان تضمّان مرشّحين يصنّفون أنفسهم على أنهم خارج المواجهة السياسية المباشرة في المنطقة بين حزب الله و"القوات اللبنانية".