"الداخلية" و"العدل" في حكومة لبنان.. الانتخابات تعثر الولادة
شكلت وزارتا الداخلية والعدل أبرز عقد تشكيل الحكومة اللبنالنية في ظل مشهد تطوقه التحديات مع بدء المفاوضات لتشكيلة جديدة.
ففي مجمل المشاورات الحكومية التي خاضها سابقا سعد الحريري مع الرئيس ميشال عون، ويخوضها في الوقت الحاضر نجيب ميقاتي، ظل تمسك عون بتولي فريقه مهام وزارتي الداخلية والعدل العقدة الأبرز التي وقفت عائقاً أمام تقدم التشكيل.
أم الوزارات
تعتبر الداخلية من أبرز الوزارات في الدولة اللبنانية خصوصاً أن الأمن الداخلي يقع تحت وصايتها إضافة إلى البلديات والمحافظين، وبالتالي وبما أن لبنان مقبل على انتخابات نيابية فستكون "أم الوزارات" في هذه المرحلة من حيث التحضير لهذا الاستحقاق سواء فيما يتعلق بالصناديق ولجان التسجيل وتوزيع الموظفين، إضافة إلى الناحية الأمنية وما يمكن أن تشكله هذه الأجهزة من أدوات ضغط على الناخبين، وأيضا عملها الاستخباراتي بتوجيه الرأي العام وكشف الخصوم.
ولا يمكن إغفال دور البلديات ورؤسائها وتأثيرهم المباشر على الناس عبر الخدمات، فجميع هذه الأمور تختزل أهمية الداخلية.
العدل والانتخابات
بالتوازي، هناك معركة لا تقل حدة عن الداخلية، وتشمل وزارة العدل التي يتمسك بها أيضا رئيس الجمهورية وهي من حصته الحالية.
والوزارة تعتبر أيضا مهمة على مستوى ملفات الفساد وملفات أخرى في مقدمتها انفجار مرفأ بيروت، وتحريك النيابات العامة والتأثير على القضاة والقضاء بشكل عام، ولا يمكن فصلها عن الانتخابات النيابية.
فلجان التسجيل الابتدائية والاستئنافية التي تصلها نتائج الانتخابات من صلاحية القضاء، ومن إشراف وزير العدل الذي يعيّن اللجان التي تعطي القضاء النهائيّ صلاحية بتّ تعداد الأصوات والمنازعات عليها.
كما هناك من يتعامل مع مسألة لجان التسجيل في لبنان على أساس أنها "منفعية"، من خلال عملية اختيار القضاة وإعطائهم تعويضات. ويمكن أن تتأثر النتائجَ في حال استند اختيار بعض القضاة على اعتبارات سياسية.
يضاف إلى ذلك، ينص الدستور اللبناني على أنه إذا حصل نزاع على أحد الصناديق الانتخابية وارتبطت القضية بفروق ضئيلة في أصوات المقترعين. يمكن لرئيس اللجنة الانتخابية أن يشرف لبتّ المنازعات الناجمة عن نزاعات انتخابية.
ممر للثلث المعطل
وفي السياق نفسه، يعتبر نائب رئيس "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش، أن "قناعته الأساسية هي أن ما يسمى عقدة وزارة الداخلية تم اختراعها من قبل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، والهدف منها كان حشر سعد الحريري ودفعه للقبول بالثلث المعطل (عدد وزراء يسمح بالتحكم في قرارات الحكومة).
وقال علوش، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "القضية بالنسبة لميشيل عون وفريقه تكمن في السيطرة على الحكومة والتحكم بها لإقالتها قبل نهاية العهد، لكن بالمقابل إذا حصلوا على الداخلية فسيسيطرون على الأمن من الجانبين، من جانب الجيش عبر التمسك بوزارة الدفاع، والقوى الأمنية الأخرى عبر وزارة الداخلية".
وتابع: "هنا يستطيعون توجيه الأمور بما يناسبهم عبر تحدي رؤساء الحكومات السابقين بالإضافة إلى التأثير الجدي في الانتخابات المقبلة، وبالتالي إذا لم يحصلوا على الثلث المعطل تكون وزارة الداخلية جائزة ترضية".
وأضاف: "أما بالنسبة للعدل، فالهدف منها هو تعطيل القضاء، كما هو حاصل اليوم عبر تعطيل التشكيلات القضائية والحفاظ على بعض القضاة على شاكلة القاضية غادة عون".
وختم: "بالنهاية، أؤكد أنه لو حصل عون على الثلث المعطل فلن يكونوا ليهتموا بالوزارات باستثناء الطاقة التي تعج بخبايا والكثير من المخالفات التي قام بها جبران باسيل".
التعويض عن التراجع
من جانبه، دعا المسؤول الإعلامي في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور، إلى التأكد مما إذا كان طلب عون وزارة الداخلية حقيقيا وليس ذريعة للتعطيل لمجرد التعطيل.
وقال جبور لـ"العين الإخبارية": "علينا التأكد إذا كان فعلاً هدف عون فقط الداخلية، ومن قال إنه إذا حصل على الداخلية فإن العقد ستنتهي عند هذا الحد ولن يفتح عقدا أخرى؟ ولماذا يصر على المداورة اليوم والآن وتجاهل المداورة في السابق؟".
وتساءل "هل يستدرج حزب الله إلى مفاوضات؟ وما هي هذه المفاوضات وعنوانها؟
وأشار جبور إلى أنه "لا شك في أن نتيجة وضعيته (عون) المتراجعة مسيحياً، هو بحاجة إلى هذه الوزارة بالذات وبهذا التوقيت، من أجل أن يدير الانتخابات النيابية من موقع وزارة الداخلية".
وفي هذا الصدد، لفت إلى أن "وزارة الداخلية هي عنوان انتخابي بامتياز، ولذلك عون بحاجة إلى هذه الوزارة لإدارة الاقتراع من هذا الموقع الذي يتحكم فيه بمجموعة أمور وتفاصيل ذات علاقة بالانتخابات".
وأوضح أن هذه الوزارة تنظم وتشرف على الانتخابات النيابية وبيدها تنفيذ قرار الحكومة وعمليات الفرز، فضلاً عن قدراتها الأمنية وما يمكن أن يؤثر على السياسة، كما أنه لا يمكن أن نغفل دور البلديات في الانتخابات.
أما بخصوص العدل، فأكد جبور أن عون يريد الاحتفاظ بهذه الوزارة ليبقى على سلطته بالتلويح من خلالها بفتح ملفات معينة وتحريك النيابات عند الطلب، وهو يفعلها في الوقت الحالي مع خصومه ويريد الاستمرار بهذا الأمر.