لبنان بين حربين.. تطورت الأسلحة وانهارت قواعد الاشتباك و«تراجعت» إيران
«لو علمنا أن عملية الأسر ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعاً» تصريح للأمين العام لحزب الله بعد انتهاء حرب يوليو/تموز عام 2006.
لبنانيون أعادوا إلى الذاكرة هذا التصريح، بعد نذر الحرب الشاملة التي تلوح في الأفق بين الحزب وإسرائيل، في ظل تكثيف إسرائيل استهدافها لمناطق في لبنان، ما أدى إلى مقتل أكثر من 630 شخصا، وأطلق حركة نزوح واسعة النطاق من مناطق جنوب لبنان خصوصا.
- صواريخ حزب الله تستهدف تل أبيب للمرة الأولى منذ أكتوبر الماضي
- حزب الله «استنجد» بإيران لمهاجمة إسرائيل.. وهكذا ردت
حرب يوليو/تموز التي حرك شرارتها أسر حزب الله جنديين إسرائيليين، استمرت 34 يوما، أما الحرب الحالية فمهدت لها اشتباكات متقطعة على مدار عام تقريبا، وأطلقتها بالأساس الحرب في غزة، إذ أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن الجبهة اللبنانية ستظل "جبهة إسناد" لغزة، لحين وقف إطلاق النار في القطاع.
لبنان ما بين الحربين، يعاني النتيجة نفسها، قتلى ودمار نتيجة استخدام إسرائيل قوة نيرانية عالية، ونزوح عشرات الآلاف، لكن المتغير هو انهيار قواعد الاشتباك التي طالما حكمت الصراع بين إسرائيل وحزب الله، وتطور الأسلحة المستخدمة في الحربين، وأيضا موقف إيران منهما، وفيما يلي ترصد "العين الإخبارية" أبرز تلك المتغيرات.
قواعد الاشتباك
السمة الأبرز للحرب الحالية هي انهيار قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله. هذا الانهيار بدأ باغتيال قيادات حزب الله واحدا تلو الآخر، بغارات استهدفتهم في الضاحية الجنوبية، ثم ضربة "بيجر" وأجهزة اللاسلكي النوعية، التي قُتل فيها عشرات من عناصر الحزب، وجُرح الآلاف، في مناطق متفرقة، حسب بعض التقارير.
أما حزب الله، الذي قصف في عام 2006 مستوطنات الجليل، ووصلت صواريخه إلى عكا وحيفا وصفد وطبرية وبيسان والخضيرة، فباتت تل أبيب ومستوطنات الضفة الغربية الآن تحت مرمى نيرانه، بعدما قصفها في الأيام الماضية للمرة الأولى منذ بدء التصعيد الحالي.
واستهدف حزب الله بصاروخ باليستي مبنى الموساد في تل أبيب، للمرة الأولى في تاريخ الصراع بين الحزب وإسرائيل، ما أدخل نوعية جديدة من الصواريخ ومناطق جديدة في نطاق معادلة الصراع.
تطور نوعي في الأسلحة
لم تخرج الأسلحة التي استخدمها حزب الله في عام 2006، عن المألوف، إذ قصف إسرائيل بصواريخ فجر ورعد، وتسلح مقاتلوه بقذائف الكاتيوشا والـ"آر بي جي كورنيت" المضادة للمدرعات، ولجأ إلى الجيل الأول من مسيرات "المرصاد" التي يمتلكها.
أما في الحرب الحالية، أدخل حزب الله على المعادلة مسيرات متطورة من طراز "مرصاد"، كما استخدم صواريخ "قادر 1"، وهو صاروخ باليستي يعمل بالوقود السائل طورته إيران. وكذلك صاروخ "فادي 3" متوسط المدى، و"فاتح 110"، و"فجر 5"، وكلها صواريخ قادرة على الوصول إلى تل أبيب.
أما إسرائيل فالسمة الأبرز لديها في تلك الحرب هي اعتمادها على الوسائل التجسسية بشكل رئيسي. وبالإضافة إلى ترسانة أسلحتها التقليدية من مقاتلات جوية، اعتمدت إسرائيل سياسة "جز الرؤوس الكبيرة"، ونجحت بالفعل في استهداف هرم القيادة العسكرية لحزب الله، واحدا تلو الآخر، ما يؤكد وجود خرق استخباراتي لحزب الله.
واعتمدت إسرائيل أيضا المعلومات الاستخباراتية في ضربتها النوعية الأهم في تلك الحرب، عبر تفجير أجهزة اتصالات حزب الله، وهي الضربة التي أقر الأمين العام حسن نصر الله بأنها "غير مسبوقة".
موقف إيران
في مقابل دعم إيراني سياسي لحزب الله في عام 2006، بدا أن طهران تراجعت خطوة في الحرب الحالية، على الأقل فيما يخص المواقف المعلنة، وفق مراقبين.
ففي عام 2006، عدّ الرئيس الإيراني حينها محمود أحمدي نجاد، أن حزب الله أفشل خطط الولايات المتحدة للسيطرة على الشرق الأوسط، أما الرئيس الحالي مسعود بزشكيان، فيرى أن حزب الله "لا يمكنه البقاء بمفرده" في مواجهة إسرائيل.
كما ذكرت تقارير أن حزب الله طلب من إيران مهاجمة إسرائيل لكنها رفضت، إذ نقل موقع «أكسيوس» الأمريكي عن مصادر لم يسمها، قولها، إن حزب الله حث إيران على شن هجوم ضد إسرائيل مع تصاعد القتال مع الجيش الإسرائيلي بالأيام الأخيرة، لكن إيران امتنعت حتى الآن.