مبادرة فرنسية للتهدئة بين لبنان وإسرائيل.. خبراء يستشرفون لـ«العين الإخبارية» فرص النجاح
مبادرة فرنسية لتهدئة التوتر بين إسرائيل وحزب الله تجس إمكانية إبرام اتفاق مرحلي يفضي لتفاهمات مستقبلية أكبر من مجرد وقف إطلاق للنار.
مقترح أرسلته باريس إلى الحكومة اللبنانية في أول مبادرة مكتوبة، وتتضمن 3 خطوات رئيسية مقسمة على مدار 10 أيام بحسب وثيقة اطلعت عليها وكالة رويترز.
وتشمل الخطوة الأولى وقفاً لإطلاق النار من الجانبين، وفي غضون 3 أيام يتم الانتقال للخطوة الثانية بسحب الجماعات المسلحة اللبنانية عناصرها بالمنطقة الحدودية لنحو 10 كيلومترات، فيما تنص الخطوة الثالثة على استئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود المتنازع عليها.
وفي قراءتهم للمقترح الفرنسي، تباينت آراء خبراء بشأن إمكانية نجاح المبادرة، لا سيما أنها صيغت وفق آلية لا تقف عند حدود الوقت الراهن، وإنما تتضمن خططاً لمراحل أبعد تتعلق بطبيعة الصراع في المنطقة.
عقبات رئيسية
ويرى أحمد مرعي، نائب رئيس حزب الاتحاد اللبناني، أن "المبادرة الفرنسية تنظر بعين واحدة ولا تتعمق في طبيعة الصراع الدائر بين إسرائيل ولبنان".
ويضيف مرعي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن المبادرة "تحاول وضع شروط على لبنان" بدلا من إلزام إسرائيل بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والغجر.
واعتبر أن "تل أبيب تحاول اتخاذ علامات للنقاط البحرية الفاصلة بين لبنان وفلسطين كوسيلة لترسيم الحدود، وهذه ليست معادلة عادلة ولا تصلح لأن تنطلق منها فرنسا في رؤيتها لطبيعة الحل".
وأكد مرعي كذلك "ضرورة تطبيق القرار الدولي 1701 (حل النزاع اللبناني الإسرائيلي في 2006)، الذي تحاول إسرائيل عدم تنفيذه بخرقه يومياً عشرات المرات أجواء لبنان البحرية والجوية، بالإضافة للتعرض للمزارعين ورعاة الأغنام على طول الشريط الحدودي في الجنوب".
وطالب باريس بأن تكون "أكثر عدلاً" فيما يتعلق بحل النزاع ودعوة إسرائيل للالتزام بهذا القرار مثلما تلتزم به بيروت بينما تخترقه تل أبيب.
وتقترح المبادرة المكونة من صفحتين، انتشار 15 ألفا من عناصر الجيش اللبناني في منطقة الحدود مع إسرائيل بعد انسحاب الجماعات المسلحة وعلى رأسهم "قوة النخبة" التابعة لحزب الله.
ويتضمن الانسحاب كذلك هدم جميع المنشآت والمباني التابعة للمسلحين وسحب الأنظمة المضادة للدبابات بتلك المناطق في حدود مسافة 10 كيلومترات كمسافة توفر قدراً كبيراً من الحماية لسكان شمال إسرائيل.
ويؤكد المقترح أن مسألة ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان ستكون بطريقة تدريجية، وبمساعدة من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "يونيفيل"، كما تتضمن إنشاء منطقة خالية من أي تنظيمات مسلحة لا تتبع للمؤسسات الرسمية اللبنانية.
دور أمريكي؟
من جانبه، يعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبدالمُهدي مطاوع، أن المبادرة الفرنسية تأتي بعد زيارات عدة قام بها المبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين إلى لبنان منذ بداية حرب غزة واستطلع آراء اللبنانيين وكذلك الإسرائيليين.
وأعرب مطاوع، في حديث لـ"العين الإخبارية"، عن اعتقاده بأن المبادرة تأتي استكمالاً للدور الأمريكي الساعي لخفض التوتر منعا لاشتعال الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية.
ويرى "مطاوع" أن "ترسيم الحدود هو المكسب الذي قد يحصل عليه لبنان من تلك المبادرة، لأنه كان هناك خلاف على 7 نقاط من 13 نقطة حدودية، وبالتالي سيكون هناك ترسيم الحدود وعودة لحزب الله إلى ما وراء (نهر) الليطاني بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 1701".
وبحسب الخبير، فإن "قوات النخبة التابعة لحزب الله ابتعدت عن الحدود بالفعل ما بين 6 و8 كيلومترات لتهدئة الأجواء وخشية قيام تل أبيب بضربات ضد الحزب"، مؤكداً أن تلك الخطوة يجب أخذها في الاعتبار عند النظر إلى المبادرة الفرنسية.
وصدر قرار مجلس الأمن رقم 1701 في 11 أغسطس/آب من عام 2006، وينص على إقامة منطقة خالية من المسلحين والمعدات العسكرية في المنطقة ما بين نهر الليطاني والخط الأزرق وذلك بعد حرب بين حزب الله وإسرائيل استمرت لأكثر من 33 يوماً.
"واضحة"
في تصريحات لوكالة رويترز، قال حسن فضل الله، القيادي البارز بحزب الله، إن الحزب لن يناقش أي مقترحات قبل "وقف العدوان على غزة"، لكن التصريح كما يبدو لم يغلق الباب أمام أي جهد دبلوماسي قادم.
من جهته، يقول محمد القزاز، الكاتب الصحفي المصري المتخصص في الشأن اللبناني، إن "المبادرة الفرنسية مثل غيرها من التحركات والمبادرات، تأتي لتهدئة جبهة لبنان وإسرائيل، إلا أنها تتميز بأنها المبادرة الوحيدة المكتوبة أي أنها واضحة في بنودها".
ويضيف "القزاز"، لـ"العين الإخبارية"، أن مقترح باريس مرتبط بالتحركات الأمريكية والدولية لتهدئة جبهة لبنان وإسرائيل، مستشهدا على ذلك بالإشارة إلى أنها تأتي بعد زيارة مهمة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، تحدث خلالها بشكل واضح عن أن واشنطن تتفاوض مع طهران لكي لا ينخرط حزب الله في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
كما أشار إلى أن خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، حمل ما يمكن اعتباره ردا على المبادرة، من خلال تأكيده على أن الأمر بيد إسرائيل، معتبراً أن هذا التصريح ترجم رداً على المبادرة الفرنسية.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjE2MiA= جزيرة ام اند امز