لبنان يودّع القبطان علي شمعوني.. آخر بحّارة القرن الـ20
واجه البحّار اللبناني، ابن مدينة صور، علي شمعوني أمواج البحر والعواصف على مدى 80 عاماً، جال العالم في مركبه، قبل أن يفارق الحياة، الإثنين، تاركاً بصمة لا يمكن أن يمحوها الزمان في عالم البحار.
صديقه الباحث منير بدوي قال لموقع "العين الإخبارية": "هو آخر البحّارة الصوريين في القرن الـ20، وربما يكون آخر رجل من أصل جيل لبناني- فينيقي بعد أن قضى نصف قرن خائضاً غمار البحار والمحيطات، إمّا بمركب شراعي تجاري أو مع باخرة شحن للنقل البحري، وكذلك أيضاً قضى 20 عاماً مرشداً لإرساء السفن في مرفأ مدينته صور".
وأضاف: "عام 1938 تولّد لديه عشقاً غريباً لركوب عباب البحر، أي منذ طفولته، وكان عمره لم يتجاوز السنوات السبع فقد أخذته رياح القدر، على مركب شراعي لنقل البضائع ما بين ميناء صور ومينائي دمياط وبورسعيد في مصر وإلى فلسطين وقبرص وتركيا، ناقلاً هذا المركب محاصيل قرى "جبل عامل" من التين المجفف والخرنوب والزعتر، وبالتالي الآتي من موانئ مصر محملاً إلى صور: الرز، السكر، الحصر، الزجاج، والمواد الأولية للتنجيد".
حفيد آخر البحارين الصوريين قال لـ"العين الإخبارية": "جال جدي العالم في البحر، عمل حتى عام 2014، ومع هذا كان يومياً يتوجه إلى ميناء صور، إذ كان يحب رؤية الصياديين والبحر"، مضيفاً: "رُزق جدي بـ4 شبان و4 فتيات، كما لديه عدد كبير من الأحفاد".
عاش البحّار شمعوني -كما قال الباحث بدوي- "الرحلات البحرية بكل تفاصيلها وأزماتها وأيامها الصعبة والتي كانت تنظّم سنوياً ما بين أبريل/نيسان ونوفمبر/تشرين الثاني، أما بقيّة أشهر السنة فكان يعمل يومياً دون توقف "صياداً للسمك" سارحاً مع "فلوكة" والده، لم يستكن يوماً، بل اندمج حباً بعالم البحار الواسع حتى أصبح عالمه الخاص به".
وأضاف بدوي: "عام 1953 نال وسام الاستحقاق اللبناني من قبل رئيس الجمهورية اللبنانية كميل نمر شمعون نظراً لكفاءته وجدارته وجرأته في إنقاذ 8 بحارة مصريين كانوا على متن مركب مصري محملاً 300 طن ملح متجهاً من دمياط إلى بيروت وفاجأتهم عاصفة بحرية".
وأشار إلى أنه "عام 1967 وبسبب "حرب النكسة" توقفت الملاحة البحرية، وبالتالي توقف عمل المركب مما اضطر شمعوني للسفر مهاجراً قسرياً للعمل في مهنته كبحّار رئيسي في بواخر شحن يونانية تتنقل بين مرافئ بلاد البحر المتوسط ومرافئ فرنسا وإنجلترا وغيرها".
وأضاف: "في عام 1975 قام بإحضار "بابور" اسمه حسناء من ميناء بيروت لأجل نقل البضائع من وإلى صور ـ مصر، وهكذا عادت رحلاته البحرية"، بعدها لعب البحّار شمعوني -كما قال بدوي- "كمرشد متمرّس في كيفية إرساء السفن والبواخر قرب سنسول الميناء".