دور اليونيفيل ومخاطر الحرب.. حزب الله في المشهد
قال محللون إن دور قوات اليونيفيل في لبنان تراجع مع مخاوف من اندلاع حرب قد تفوق في خطورتها الأزمة الاقتصادية الحالية التي تشهدها البلاد.
وتحدث تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عن تراجع دور قوات الأمم المتحدة في لبنان، في ظل وضع أمني سريع التدهور قد ينذر باندلاع حرب تفوق فى خطورتها ما يشهده لبنان حاليا من أزمة اقتصادية خانقة.
وقال التقرير إنه بالرغم من الاتجاهات المقلقة والحوادث التصعيدية الموصوفة في التقرير الأخير للأمم المتحدة حول "اليونيفيل"، يبدو أن مجلس الأمن الدولي عازم على الحفاظ على سياسة "فاشلة" بدلاً من اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التهديد المتزايد بالحرب.
والشهر الماضي، رفعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان تقريرها إلى مجلس الأمن الدولي في 21 يوليو/تموز.
كما قدّم السكرتير العام للأمم المتحدة تقريره الأخير حول تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي اعتُمد في عام 2006 لمراقبة وقف الأعمال العدائية بين مليشيات حزب الله اللبناني وإسرائيل بعد حربهما فى ذلك العام.
واعتبر تقرير المعهد الأمريكي أنه فى حين أوضح السكرتير العام فى إفادته بالتفصيل الكثير من التطورات الميدانية المثيرة للقلق لكنه قدم توصيات لا علاقة لها بالوضع الأمني العام الأوسع نطاقاً.
حدود متوترة
في الإحاطة الموجزة التي قدمها مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، تم التعامل مع وضع الحدود بين لبنان وإسرائيل على أنه فكرة ثانوية، ورد ذكرها في نهاية قائمة طويلة من القضايا الداخلية.
وفي غضون ذلك، أمضى حزب الله الشهر الماضي في تصعيد لهجته، فبعد أن أطلق الحزب طائرات مسيرة غير مسلحة باتجاه منشآت الغاز الطبيعي البحرية الإسرائيلية في 29 يونيو/حزيران و2 يوليو/تموز، حذر الأمين العام للحزب حسن نصرالله قائلاً: "إذا كان الهدف منع لبنان من استخراج النفط والغاز، فلن يستطيع أحد أن يستخرج غازاً ونفطاً ولا أن يبيعه... وأياً كانت العواقب".
وفي 31 يوليو/تموز نشرت مليشيات حزب الله مقطع فيديو يهدد باستهداف سفن الغاز الإسرائيلية بصواريخ مضادة للسفن.
ويثير هذا الكلام الفضفاض القلق لاسيما مع التصاعد المستمر للتوترات على طول الحدود وداخل المنطقة الجنوبية التي تراقبها "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان""اليونيفيل".
حشد واحتقان متبادل
يشير تقرير السكرتير العام للأمم المتحدة، الذي يغطي الفترة بين 19 شباط/فبراير و 20 حزيران/يونيو، إلى أن إسرائيل تواصل بناء حواجز جدارية على شكل حرف “T” على طول "الخط الأزرق" الفاصل، وقد أنفقت حوالي 900 مليون دولار لهذه البنية التحتية.
فى المقابل، شهدت "اليونيفيل"، بحسب التقرير الأممي، على تركيب حزب الله لحاويات وبنية تحتية جاهزة في 11 موقعاً تطل على "الخط الأزرق"، قرب مناطق يارون وحولا وعيتا الشعب وبليدة ورميش... وفي عدة حالات، تم تحذير جنود حفظ السلام التابعين لـ "اليونيفيل" من الدخول إلى هذه المناطق.
وأكدت السلطات المحلية أن بعض الحاويات متواجدة على أراضٍ خاصة وبعضها تعود إلى منظمة "أخضر بلا حدود"، في إشارة إلى الواجهة البيئية المستخدمة كغطاء لعدد من نقاط المراقبة العملياتية التابعة لحزب الله.
تدريبات علنية
التقرير الحالي هو أيضاً التقرير الأول الذي يشير إلى أن "حزب الله" أجرى تدريبات على إطلاق النار في ميادين الرماية في جميع أنحاء جنوب لبنان، ففى "في 2 مارس/آذار، رصدت دورية مروحية تابعة لـ "اليونيفيل" ميدان رماية بالقرب من زبقين، مع أفراد بملابس قتالية يحملون أسلحة هجومية.
وفي وقت لاحق، حددت "اليونيفيل" ثلاثة ميادين رماية مماثلة من الجو في مواقع نائية بالقرب من القنطرة ودير عامص وفرون".
ورُصدت تدريبات إضافية على الرماية في هذه المواقع في 12 مايو/أيار و 2 يونيو/حزيران و 6 يونيو/حزيران.
ومن المؤكد تقريباً أن العدد الفعلي للتدريبات بالذخيرة الحية هو أكبر بكثير نظراً للعدد المحدود للدوريات الجوية لـ "اليونيفيل" ونطاق تغطيتها المحدود.
وتشير موجة تحركاته الحالية المتمثلة بالانتقال إلى مكان تواجد جديد في مواقع قيادة عملياتية وأنشطة تدريب غير متستّرة، إلى تعزيز عسكري أوسع نطاقاً يتخطى تعبيرات السكرتير العام للأمم المتحدة عن "القلق".
تحجيم لليونيفيل
رداً على هذه الانتهاكات الصارخة، يشير التقرير إلى أن "اليونيفيل" لم تتمكن بعد من الوصول بشكل كامل" إلى الكثير من المواقع المعنية - ولا عجب في ذلك بالنظر إلى أن الطلبات السابقة لقوة الأمم المتحدة للوصول إلى النفق ومواقع الإطلاق المستخدمة منذ 2018-2019 ما زالت معلّقة.
وقال التقرير أنه منذ فبراير/شباط، تكثفت حملة حزب الله الرامية إلى عرقلة قوات "اليونيفيل" وترهيبها، وإصابة أفرادها، وإلحاق أضرار بمركباتها، وسرقة عتادها، مع الإبلاغ عما لا يقل عن 23 حادثة.
وفى حين وصف السكرتير العام للأمم المتحدة الوضع بأنه "غير مقبول"، كان اقتراحه هو "قيام السلطات اللبنانية بتوعية المجتمعات المحلية حول مهمة البعثة، من بينها حرية حركتها"، هو أنه كما لو كانت مشاكل الأمن والوصول التي تفاقمت بشكل مطرد على مدى ستة عشر عاماً مسألة وعي عام وليست استراتيجية مقصودة لحزب الله.
كما أن أجزاء أخرى من تقرير السكرتير العام توضح عدم إحراز تقدم في الإجراءات الجنائية المتعلقة بالحوادث الماضية.
الحرب أو الوضع الاقتصادي
حالياً، من المرجح أن يجدد مجلس الأمن ولاية "اليونيفيل" في وقت لاحق من هذا الشهر دون أي تغيير في حجمها أو ميزانيتها أو سلوكها أو حتى إعداد تقاريرها.
وتستمر مع ذلك ظروف التدهور المتسارع في مقاييس الأمن المحلية ما يؤشر على فشل الآلية الرئيسية للأمم المتحدة لمنع حرب أخرى (أي جعل "الجيش اللبناني" و"اليونيفيل" القوات المسلحة الوحيدة في الجنوب)، وهو السيناريو الذى سيفوق من حيث خطورته الانهيار الاقتصادي الحالي الذى يشهده لبنان.
ودعا التقرير إلى ألا تدع الأمم المتحدة للأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان أن تأخذ الأسبقية على الإجراءات التي يمكن أن تتخذها لتجنب حرب كارثية، ولا يزال إصلاح مهمة "اليونيفيل" هو الخيار الرئيسي.
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز