فقر وبطالة.. طرابلس اللبنانية على فوهة بركان
تعيش طرابلس اللبنانية، كما معظم المناطق في البلاد على فوهة بركان اجتماعي قد ينفجر في أي وقت.
وتعتبر طرابلس من أكثر المدن فقرا وحرمانا في لبنان وهو الوضع الذي يتفاقم ويزيد تأزما يوما بعد يوم مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يرزح تحتها اللبنانيون في غياب أي خطط إنقاذية جدية من الدولة.
- "وجعكم وجعنا".. قائد جيش لبنان يتضامن مع طرابلس ويحذر "العابثين"
- مسلحون يطلقون النار في طرابلس وانتشار للجيش اللبناني
وتشهد طرابلس منذ أسابيع احتجاجات على خلفية الوضع الاجتماعي والمعاناة التي يعيشها أبناؤها، كانت قد وصلت إلى حد المواجهة بين متظاهرين غاضبين والجيش اللبناني الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تحذيرات من انفجار الوضع وخروجه عن السيطرة.
وخلال الانتفاضة الشعبية عام 2019، أطلق على طرابلس شمال لبنان، لقب "عروس الثورة" لخروج أبنائها في احتجاجات متواصلة على امتداد أسابيع، مطالبين بحقوقهم.
وذلك قبل أن تهدأ الاحتجاجات في كل لبنان بفعل الخوف من انتشار فيروس كورونا لتعود وتشهد بين فترة وأخرى تحركات وصلت في شهر يناير/كانون الثاني الماضي إلى إحراق مبنى البلدية ومواجهات بين القوى الأمنية والمحتجين.
وفي الأيام الأخيرة، ومع انهيار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأزمة التي تعيشها البلاد عادت التحركات وإن بنسبة متفاوتة إلى شوارع عاصمة الشمال التي يعاني أبناؤها من الفقر والأوضاع الصعبة نتيجة افتقادهم لأدنى متطلبات الحياة من الكهرباء والماء وزيادة الفقر والبطالة في صفوف أبنائها.
والأسبوع الماضي، خرجت بعض التحركات في المدينة وصلت حد المواجهة بين مواطنين وعناصر الجيش، إثر إطلاق مسلحين النار في الهواء، وأعلن الجيش إصابة 10 جنود خلال تأدية مهمة لحفظ الأمن في المدينة.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس بلدية طرابلس، رياض يمق لـ"العين الإخبارية": "يسود الهدوء الحذر عاصمة الشمال فيما لا تزال كل عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة نتيجة غياب أدنى مقومات العيش من الكهرباء والماء وزيادة نسبة الفقر التي تجاوزت 70% مع صرف الموظفين وإقفال الشركات أبوابها وارتفاع سعر صرف الدولار بحيث انمحت الطبقة الوسطى".
ولفت يمق إلى أن "كل الحلول التي تقدم للمدينة لا تفيد أهلها ما دامت تقتصر على مبادرات فردية من بعض المغتربين والجمعيات التي تقدم مساعدات للأهالي، في حين أن المطلوب خطة واضحة وشاملة من الدولة وحل جذري ينهي معاناة الأهالي".
وفي حين لا يستبعد يمق أن يعمل "الطابور الخامس" لاستغلال الوضع في طرابلس وإشعال فتنة بين الجيش وأبناء المدينة يؤكد في الوقت عينه أن طرابلس بأكملها إلى جانب المؤسسة العسكرية ولن ينجح أحد في جر المدينة إلى الفتنة وكل المحاولات السابقة باءت بالفشل.
من جهتها، تقول مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، إن "الكل متوقع أن نصل إلى وضع اجتماعي صعب وما وصلنا إليه اليوم ليس مفاجئا".
وأضافت المصادر: "لا نريد تخويف الناس إنما الحقيقة هي أن الوضع دقيق وزيارة قائد الجيش إلى المدينة الأسبوع الماضي أتت لقطع الطريق أمام أي محاولات لتفجير الوضع في طرابلس".
وأشارت المصادر إلى أن "الزيارة تحمل أبعادا مهمة وهي نوع من طمأنة الناس أن الجيش إلى جانبهم ولن يسمح للأمن أن يتزعزع في المدينة".
وجددت المصادر التأكيد على ما قاله القائد في طرابلس، قائلة: "نحن مع المواطنين في حرية التعبير السلمي لكن لا تسمحوا لأحد أن يستغل الوضع ويدخل بينكم وبين الجيش مع تأكيده على تفهم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه أبناؤها".
وانطلاقا من هذا الواقع تؤكد المصادر على أن "المؤسسة العسكرية متأهبة تحسبا لأي تطورات وتنفذ انتشارا أمنيا واسعا في المدينة".
وفي زيارة أجراها قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى عاصمة الشمال، حيث التقى الوحدات العسكرية الموجودة في المدينة، أكد تضامنه مع الأهالي قائلا: "نحن منكم ووجعكم وجعنا، وأمنكم أمانة في أعناقنا واستقرار المدينة مسوؤليتنا جميعا".
وأضاف: "من غير المسموح لأي كان المس بأمن المدينة ولا تساهل أو تهاون مع من يعبث بالاستقرار كائنا من كان".
ورغم وجود العديد من الأثرياء في المدينة، فإنها تحتوي على أحياء فقيرة تعاني من الحرمان، لكن في انتفاضة 2019 تحول ليل طرابلس إلى مسرح كبير يصدح بالأغاني، وحلقات الرقص، ليكسر آلاف الشبان والشابات الصورة النمطية لمدينة محافظة ارتبط اسمها بالحروب والتطرف والفقر وتحولت إلى صندوق بريد سياسي.
وتضم المدينة العديد من الزعماء السياسيين بينهم رجال أعمال أبرزهم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزيران السابقان محمد الصفدي وأشرف ريفي، بجانب عدد كبير من مناصري "تيار المستقبل" الذي يرأسه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وشهدت المدينة نزاعات عدة على مدى عقود، والتحق مئات من أبنائها بالنزاع في سوريا المجاورة بعد اندلاعه عام 2011.
فيما انعكست الأحداث السورية على المدينة سياسيا وطائفيا وسجل معارك سقط فيها قتلى وجرحى بين جبل محسن (ذات الأكثرية العلوية) وباب التبانة (ذات الأكثرية السنية).
وفي احتفال في مدينة طرابلس كان قد قال رئيس بلديتها رياض يمق في كلمة له: "للأسف اليوم مناطق طرابلس الشعبية لا مياه ولا كهرباء والفقر يعشش في معظم البيوت".
وتابع: "هل المقصود إذلال شعب طرابلس، لن نرضى بتحويل طرابلس إلى صندوق بريد لأحد، ولن نرضى بالأمن الذاتي، ولا بديل عن أمن الجيش والقوى الأمنية الأخرى، فالأمن الذاتي مرفوض وكذلك نرفض وجود أي مليشيات في الشوارع".
واستطرد: "كلنا في طرابلس مع الجيش اللبناني ونحن مع الدولة العادلة والمؤسسات القضائية والوزارات والأجهزة الأمنية، لكن نطلب من الدولة والوزارات المعنية أن تكون أعينهم على طرابلس".
وأضاف: "للأسف منذ تسلمي مهام رئاسة بلدية طرابلس قبل سنة ونصف، لم أر أي مشروع إيجابي في المدينة إلا في حده الأدني، لدينا مطالب محقة رفعناها باسم الرئاسة والمجلس البلدي لم تجد الآذان الصاغية لتلبيتها، ولهذا نحن نرفع الصوت عاليا بسبب تقصير مؤسسات ووزارات الدولة وهذا يؤثر سلبا على طرابلس".
aXA6IDUyLjE1LjIyMy4yMzkg جزيرة ام اند امز