أزمة لبنان تضرب وتر اللاجئين السوريين.. دعوات بالترحيل مغلفة بالتحذيرات
مع استمرار الأزمات التي يعانيها لبنان ذلك البلد المنكوب سياسيًا واقتصاديًا، تعالت الأصوات مجددًا المطالبة بترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
إلا أن تلك المطالبات والتي ارتفع صداها حتى وصل أروقة الحكومة اللبنانية، حملت إلى جانبها نداءات أخرى ناشدت بعدم الاستعجال وضرورة توفير الضمانات اللازمة لعودتهم.
تلك المناشدات التي حملها الطرفان في جعبته، جاءت بالتزامن مع ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان في 26 أبريل/نيسان 2005، والتي تحل اليوم الأربعاء.
وكانت القوات السورية غادرت لبنان في 26 إبريل/نيسان عام 2005، منهية تواجدًا استمر قرابة ثلاثة عقود في أرض الأرز، بعد ضغوط دولية قوية ومعارضة لبنانية، تزايدت في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في 14 فبراير/شباط 2005.
وفي محاولة من الحكومة لحلحلة أزمة اللاجئين السوريين التي تصاعدت بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الصعبة التي ضربت لبنان، مع فشل القوى السياسية في انتخاب رئيس جديد للبلاد منذ 6 أشهر، عقدت اليوم الأربعاء، في السراي الحكومي، اجتماعا وزاريا برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي؛ لبحث التطورات الميدانية لملف النازحين السوريين في لبنان.
مصدر وزاري شارك في الاجتماع قال إنه جرى تشكيل لجنة مؤلفة من وزيري العمل والشؤون الاجتماعية والمدير العام للأمن العام للتنسيق مع الدولة السورية في ملف النازحين من أجل "تنظيم العودة الطوعية والآمنة".
وقال ميقاتي، خلال الاجتماع إن "هناك عصابات تدخل السوريين بطريقة غير شرعية عبر البقاع أو عكار إلى لبنان مقابل مبالغ مالية ضخمة، فيما البلد لم يعد يتحمل أعباء النزوح".
واستغرب ميقاتي عندما يسأل البعض: "لماذا أوقفت الحكومة طلبات تسجيل النازحين؟، ولماذا يتم ترحيل من دخل خلسة، أو بطريقة غير شرعية؟".
سياسة النزوح
وعقب الاجتماع، شدد وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار على قراري مجلس الوزراء، الأول رقم 38 تاريخ 23/10/2014 المتعلق بورقة سياسة النزوح السوري إلى لبنان والثاني رقم 2 تاريخ 14/7/2020 المتعلق بعرض وزارة الشؤون الاجتماعية لورقة السياسة العامة لعودة النازحين.
وقال: "نؤكد على التدابير والإجراءات المتخذة تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للدفاع تاريخ 24/4/2019 من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين خاصةً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية".
وأضاف حجّار: "سنطلب من المفوضية العليا لشؤون النازحين، ضمن مهلة أقصاها أسبوع من تاريخه، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالمعلومات الخاصة بالنازحين السوريين، على أن تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية".
من جهته، كشف وزير العمل مصطفى بيرم من السراي الحكومي، عن أن 37 ألف سوري دخلوا سوريا خلال فترة عيد الفطر، ثم عادوا الى لبنان بعد انقضاء عطلة الأعياد، بما ينفي عنهم صفة النازح.
وإلى ذلك، قال النائب هادي أبو الحسن عضو اللقاء الديمقراطي (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي)، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "اللاجئين السوريين تم تهجيرهم من بلادهم ظلما وقهرا، تحت عنوان الأحداث الداخلية والحرب في سوريا، فيما تحتاج عودتهم لبلادهم إلى قرار وضمانات دولية .
ضمانات وتحذيرات
وأوضح البرلماني اللبناني، أنه بات مطلوبًا من السلطات السورية والمجتمع الدولي، توفير الضمانات المطلوبة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، مضيفًا: "نحن كلبنانيين غير متمسكين ببقاء اللاجئ السوري في بلادنا، ونعرف أن هناك أعباء كبيرة تترتب على ذلك، لكن يجب الفصل بين هذه المسألة، والمواقف العنصرية التي تصدر من هنا وهناك".
وأضاف: "مطلوب تطبيق القوانين على اللاجئ السوري، وإيجاد الضوابط الضرورية اللازمة، وتوفير العودة الآمنة، لكننا لا نوافق على الإبعاد القسري كما يطالب به البعض".
وطالب البرلماني اللبناني بـ"تصحيح الواقع، الذي يتطلب عودة آمنة، مشروطة بضمانات"، مضيفًا: "الحكومة اللبنانية تحاول قدر المستطاع تنظيم هذا الوجود، ونحن معها في هذا الأمر، شريطة الابتعاد عن الطرح الذي يحمل عنصرية".
فيما أكد رئيس حزب "الكتائب اللبنانية"، النائب سامي الجميل، بعد لقائه منسّقة الأمم المتّحدة، يوانا فرونتسكا، أمس، أن لبنان لم يعد يحتمل وجود اللاجئين، داعياً لتغيير طريقة تعاطي لبنان مع هذا الملف.
عودة طوعية
وقال الجميل: "لبنان استقبل أكثر من مليون و800 ألف نازح، وتعامل معهم بأفضل الطرق الإنسانية، لكنّنا اليوم أمام مرحلة جديدة؛ لأن الأعمال القتالية في سوريا انتهت، ولم تعد هناك معارك مفتوحة، وباتت هناك إمكانية لعودتهم إلى بلادهم".
وتابع: "نحن نشجع على العودة الطوعية إلى سوريا، وبدل إعطاء المساعدات في لبنان يجب دفعها في سوريا، شرط عودة اللاجئين إلى بلادهم".
ولم يختلف كثيرا موقف حزب القوات اللبنانية، فرئيس الحزب سمير جعجع، قال خلال لقائه المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان السفيرة يوانا فرونتسكا، اليوم، إنه بات من الواجب والضروري على المعنيين إعادة النظر بشكل جديّ في موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، والاستفادة من التطورات الإقليميّة للوصول إلى حل جذري في موضوع العودة.
وأكد جعجع، ضرورة معالجة مسألة اللجوء في لبنان، باعتبار أنها تحولت من قضية إنسانية إلى مسألة سيادية، تتطلب من جميع المعنيين، بدءاً من الحكومة اللبنانية، وصولاً إلى الدول والمنظمات المانحة، إيلاءها الجدية المطلوبة، وإعطاءها طابع العجلة والطوارئ منعاً من تفاقمها ووصولها إلى ما لا تحمد عقباه.
كانت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، آية مجذوب قد دعت في بيان لها أمس، إلى "حماية اللاجئين الذين يعيشون في لبنان من المداهمات التعسفية والترحيل غير القانوني إلى مكان تتعرض فيه حياتهم للخطر".
وأضافت: "بينما لا يوجد عذر لانتهاك لبنان التزاماته القانونية، يجب على المجتمع الدولي زيادة مساعدته، ولا سيما برامج إعادة التوطين والمسارات البديلة، لمساعدة لبنان على التأقلم مع وجود ما يقدّر بنحو 1.5 مليون لاجئ في البلاد".
دعوات الاحتجاج
في غضون ذلك، طلب وزير الداخلية بسام مولوي من قوى الأمن الداخلي منع التظاهر أمام مقر مفوضية شؤون اللاجئين في بيروت، من قبل النازحين السوريين أو المظاهرات المضادة، قائلا إن الدعوة لهذه المظاهرات قد تؤدي إلى إشكالات أمنية بين المتظاهرين في المناطق التي ستقام فيها.
وبرزت دعوة للتظاهر اليوم الأربعاء من مجموعة أطلقت على نفسها اسم "الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديمغرافي السوري"، والتي جاءت رداً على دعوة من النازحين السوريين للتظاهر أمام المفوضية رفضاً لعمليات الترحيل التي تجري بحقهم.
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أنه على المستوى الديموغرافي، هناك مليونان و80 ألف نازح سوري في لبنان، في حين يبلغ عدد المسجَّلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين825,081 نازحاً، فيما وضع الأمن العام اللبناني 17 مركز تسجيل للعودة الطوعية.
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg جزيرة ام اند امز