لبنان على شفا الهاوية.. صرخات محلية وكرة لهب فرنسية
على وقع الشغور الرئاسي الذي يعاني منه لبنان، وتعثر الفرقاء في محطة اختيار رئيس صنع في لبنان، باتت الأنظار تترقب موقف القوى الدولية من الأزمة التي طالت أشهرًا.
أزمة أضيفت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم منذ عام 1850، بحسب تقديرات البنك الدولي، مع ارتفاع حادّ في الأسعار وهبوط تاريخي في قيمة العملة الوطنية وإفقار غير مسبوق للشعب، ونقص خطير في السلع الأساسية، دقت جرس إنذار بضرورة التدخل العاجل، لوضع حد لذلك النزيف.
وفي محاولة من القوى المحلية لحث الفرقاء على التعاطي بإيجابية مع ملف الشغور الرئاسي، لانعكاساته المباشرة وغير المباشرة على الملفات الأخرى، كانت خطبة عيد الفطر حبلى بالكثير من الرسائل السياسية.
صرخات محلية
فرئيس المحكمة الشرعية السنية العليا الشيخ محمد عساف، وجه عدة رسائل للفرقاء السياسيين، قائلا، إنه على من يتعاطى مع الشأن السياسي النظر إلى مصلحة المواطن قبل مصالحه الشخصية الضيقة.
وقال الشيخ محمد عساف: "حب لبنان يكون بالأفعال وليس بالأقوال، فانتخاب رئيس للجمهورية ضرورة وطنية تؤسس لمرحلة جديدة من الأمل والثقة في مستقبل لبنان العربي الهوية والانتماء"، مشيرًا إلى أنه "لا ينبغي أن نراهن على الخارج في هذا الاستحقاق بل الاعتماد على أنفسنا".
وأضاف: "ينبغي على المسؤولين، إيجاد الحلول الفورية في شتى المجالات وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تجسد آمال اللبنانيين".
الأمر نفسه أشار إليه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، والذي قال إنه رغم أن مفتاح الحلول يبدأ بالسياسة، لكن المؤسف أن البعض يصر على القطيعة السياسية، محذرًا من أن "لبنان بأمس الحاجة للتلاقي والنجدة السياسية، لأن البديل قد لا يبقي من الدولة إلا الآثار والأطلال"".
وشدد الشيح قبلان على أن "المطلوب تسوية رئاسية سريعة تضمن شراكة وطنية، لأن مزيدا من القطيعة السياسية يأخذنا نحو المجهول، والمجهول في بلد كلبنان هاوية، وتاريخ الكوارث اللبنانية شاهد للعيان".
ووجه رسالة إلى الحكومة والقوى السياسية، قائلا: "تداركوا القطاع العام وموظفيه، لأن الدولة قطاع عام، ونهاية الدولة يعني فوضى بل حرب أهلية، يعني بلدا على شفير كارثة (..) المطلوب تضامن سياسي وطني للإنقاذ، والمؤسف أنه غير موجود الآن".
ماذا قالت القوى السياسية؟
في المقابل كانت لبعض القوى السياسية آراء مختلفة؛ فعضو تكتل "الجمهورية القوية" النائبة غادة أيوب، قالت في تصريحات لوسائل إعلام محلية: "نحن لسنا في وارد التنازل، الشارع يرفض التنازل، الرأي العام اللبناني لا يريد المساومة، ونحن أيضا نرفضها، وبالتالي يجب أن نذهب إلى بناء دولة حقيقية، وهي الوحيدة التي تخرجنا من الانهيار".
وأضافت: "إن المواجهة هي أم المعارك عبر القانون والدستور، وهي ليست معركة طائفية بل وطنية (..) لن نرضخ لخيار التسوية أم الفوضى".
وشددت على أن "ورقة سليمان فرنجية انتهت ولو (كانوا قادرين يجيبوه رئيس كانوا انتخبوه من زمان) ولا يمكنهم الوصول إلى 86 صوتا للإتيان برئيس".
في السياق نفسه، قال عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب أنطوان حبشي: "لن نؤمِّن النصاب لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية مدعوم من فريق الممانعة".
وأضاف السياسي اللبناني: "موقفنا واضح، وهو لا يمكن أن تحل المشكلة إلا باستعادة الدولة، كما أن موقفنا من التسوية مرتبط بالخطوات العملية على أرض الواقع، وما يهمنا مواصفات الرئيس وكل ما هو مخالف لهذه المواصفات لن نقبل به".
تسوية مرفوضة
وأضاف: "إذا كانت التسوية ضد مصلحة لبنان يجب ألا نتبناها، والتسوية اليوم لن تخرج عن المعايير من السيادة لضبط السلاح".
وأكد حبشي أن "حزب الله ليس لديه اسم لأي مرشح سوى فرنجية، إذ لا ثقة بأحد آخر ليدير البلد كما يريد هو ووفق استراتيجيته وخياراته"، على حد قوله.
وقال: "إننا مستعدون للحوار مع الممانعة تحت قبة البرلمان من خلال فتح الدورات لانتخاب رئيس، فلا يمكنهم دعوتنا إلى الحوار والاتفاق على اسم توافقي فيما عطلوا الاستحقاق الرئاسي ومارسوا سياسات تعطيلية لأشهر".
وتابع: "نصرالله يقول في إحدى المقابلات عندي عينتين رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وفرنجية، لكن إذا كان الثنائي الشيعي يعتمد عليهما علينا أن نسأل اليوم ماذا فعل عون خلال عهده سوى الأزمات؟ لذلك لا نأمل خيرا بفرنجية".
من جانبه، عبر رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، عن آماله في ألا يتم تسليم لبنان مرة جديدة إلى إيران أو حزب الله، قائلا: نريد عودة القرار إلى اللبنانيين وإلى قصر بعبدا والمجلس النيابي، ولا نريده أن يكون مرهونًا بيد أحد.
وقال الجميل: إن اتصالاتنا مستمرة مع عدد من الأطراف، على أمل أن نوضح وجهة نظرنا للمسؤولين في فرنسا، لأننا نعتبر أن لبنان بحاجة لدعم فرنسا له، ولسيادته واستقلاله وقراره الحر وأن تكون رافضة لأية إملاءات على النواب والشعب اللبناني، وأن يُترك اللبنانيون يقرّرون مصيرهم.
كرة لهب فرنسية
وعن تغير الموقف الفرنسي بدعم سليمان فرنجية، قال الجميل: "أعتقد أن الفرنسيين واقعيون وهم يحاولون إيجاد حل للمعضلة اللبنانية، وربما اعتبروا أن بعض الأفكار مقبولة من الجميع، لكنهم أدركوا أنها ليست مقبولة".
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قالت يوم الخميس إنّ باريس "ليس لديها أيّ مرشّح في لبنان" لرئاسة الجمهورية، بعيد حديث وسائل إعلام لبنانية عن دعم فرنسي محتمل للوزير السابق سليمان فرنجية لهذا المنصب الشاغر منذ ستة أشهر.
الجميل أضاف: "أعتقد أن الفرنسيين الحريصين على لبنان كوسيط، لا يفرضون علينا ولا يقررون عنا بل يحاولون القيام بوساطة أو مبادرة لحل المشكلة، سيدركون أن الحل لا يمر بتسليم قرار البلد لحزب الله".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر خلال مؤتمر صحافي "على اللبنانيين اختيار قادتهم" في إشارة إلى الرسالة التي بعثتها باريس في الأشهر الأخيرة.
وأكّدت المتحدّثة أنّ "على الجهات اللبنانية تحمّل مسؤولياتها وكسر الجمود السياسي لانتخاب رئيس جديد بسرعة"، مضيفة أنّ الشغور "يلقي بظلاله أولاً على الشعب اللبناني".
وأضافت "يتعلّق الأمر بانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة مع كامل الصلاحيات تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان والشعب اللبناني بشكل عاجل في مواجهة الأزمة الخطيرة التي يمرّان بها". وأشارت الوزارة إلى أنّ فرنسا تجري "اتصالات كثيرة مع الجهات السياسية اللبنانية".
aXA6IDMuMTMzLjE0Ni45NCA= جزيرة ام اند امز