ستنتهي أزمة قرار الحكومة التونسية وقف تشغيل طيران الإمارات من وإلى تونس على خلفية منع الإمارات المؤقت للأخوات التونسيات من دخول الدولة.
ستنتهي أزمة قرار الحكومة التونسية وقف تشغيل طيران الإمارات من وإلى تونس على خلفية منع الإمارات المؤقت -والذي استمر ساعات معدودة- للأخوات التونسيات من دخول الدولة بناء على تحذيرات مخابراتية ومعلومات أمنية، تفيد بإمكانية تنفيذ عمليات إرهابية من طرف نساء تونسيات أو نساء حاملات لجواز سفر تونسي.
ولكن هذه الأزمة لها دروس يجب أن نقف أمامها جميعاً؛ لندرك بوضوح من يفجّر الأزمات في عالمنا العربي، ومن يحاول استغلال أي فرصة للهجوم على دولة الإمارات.
الدرس الأول أن هذه الأزمة تشير بوضوح إلى أولويات الحكومة الإماراتية، وهي توفير الأمن والأمان لمواطنيها وللمقيمين على أرضها، فقرار منع التونسيات لم يأتِ في سياق أزمة سياسية مع الحكومة التونسية، ولكن على خلفية تحذيرات أمنية واضحة بشأن وجود خلايا نشطة من "الداعشيات" في تونس، قد تعتزم شن عمليات إرهابية؛ في ظل سعي التنظيم الإرهابي للبقاء في المشهد، بعد هزائمه في العراق وسوريا وليبيا.
كما أن القرار الإماراتي لم يكن تعبيراً عن رد فعل أو قراراً انفعالياً، بل قرار اتخذته السلطات بناءً على معلومات محددة، فهناك أكثر من 8000 تونسي يقاتلون مع "داعش" الإرهابي ترافقهم نحو 200 امرأة تونسية. ووجود تحذير واضح بشأن "داعشيات" يحملن جواز سفر تونسياً يفرض على السلطات الإماراتية اتخاذ كل الاحتياطات لمواجهة هذا الخطر المحتمل.
علاوة على أن هذا القرار يندرج ضمن الإجراءات الوقائية التي تقوم بها العديد من الدول في حال وصول تحذير أمني، ولعلنا نذكّر إخوتنا التونسيين بغلق الحدود مع ليبيا عندما كانت هذه الحدود تمثل خطراً على الأمن في تونس.
كان الأولى بالحكومة التونسية أن تتعاون مع السلطات الإماراتية من أجل محاربة الإرهاب وتبادل المعلومات بدلاً من القرارات الانفعالية تحت ضغط الإخونجية
الدرس الثاني من الأزمة يتعلق بالموقف الأخلاقي الإماراتي، حيث لم ينخرط أغلب الإماراتيين في التلاسن المؤقت، والذي سعى البعض وخاصة من الإخونجية والمغردين المأجورين إلى محاولة تصوير الأزمة على أنها موقف ضد المرأة التونسية، فكان الرد الشعبي الإماراتي بأن المرأة هي الأم والأخت والزوجة، ولها كل الاحترام والتقدير، وغير مسموح بالإساءة لها بأي شكل، أو استغلال الإجراء الأمني المؤقت للإساءة.
الدرس الثالث أن القرار الإماراتي كان محدداً وفق التحذير الأمني، فلم يشمل كل التونسيين، ولم يشمل أيا من الأشقاء التوانسة الذين يعيشون بيننا في الإمارات، والذين يزيد عددهم على 16 ألفاً يقيمون بين أهلهم بكل احترام وتقدير، في المقابل جاء القرار التونسي بوقف تشغيل رحالات الطيران مخيباً لآمال وطموحات هؤلاء التوانسة الذي يعملون أو يتنقلون بين الإمارات وتونس بشكل مستمر.
وهنا ننتقل إلى تحديد من قام بمحاولة إشعال الفتنة، وهذا هو الدرس الرابع في هذه الأزمة، والذي أثبت لنا أن الإخونجية وعملاء قطر في كل الدول العربية هم المحرضون الرئيسيون على الأزمات في عالمنا العربي، فقد قام إخونجية تونس في حركة "النهضة" بشن هجوم غير مبرر ويائس على الإجراء الإماراتي الاحترازي، وحاولوا بكل الطرق صب الزيت على النار والهجوم على دولة الإمارات عبر "هاشتاقات" مأجورة يدار أغلبها من الدوحة.
الدرس الخامس هو أن رضوخ الحكومات لابتزاز الإخونجية يمثل خطرا حقيقيا يجب تداركه، فقيام وزارة النقل التونسية تحت ضغط وابتزاز حزب النهضة الإخواني بوقف تشغيل رحلات طيران الإمارات دون دراسة الأسباب الإماراتية والتحذيرات الأمنية، يعد مؤشرا خطيرا، يتوجب من الحكومة التونسية أن تدرسه وتتداركه، حيث بدا لنا أن الإخونجية وعملاءهم ما زالوا يمارسون نفوذا في الأجهزة التنفيذية التونسية، وهو ما سيجر على الشقيقة تونس الكثير من الأزمات في علاقاتها بالدول العربية ودول العالم، ولم يكن من قبيل المصادفة أن حزب "النهضة" الذي يقف في صفوف المعارضة، ويهاجم الحكومة التونسية ليل نهار، سارع لتأييد قرار وقف رحلات الطيران.
الدرس السادس يتعلق بأولويات الحكومات في العالم العربي اليوم، فإن تحديد الأولويات، ووضع محاربة الإرهاب في الصدارة، يمثل الأهمية القصوى، فعلى الحكومة التونسية أن تدرك أن مكافحة التطرف والإرهاب هي الأولوية اليوم، خاصة أن تونس مستهدفة لعدة أسباب؛ من أهمها أن حكم "النهضة" سمح بانتشار الأفكار المتطرفة بين الشباب التونسي، مما جعل الجنسية التونسية تحتل المركز السادس من حيث عدد المقاتلين في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي"، وقاد إلى أن تتعرض تونس لهجمات إرهابية، فكان الأولى بالحكومة التونسية أن تتعاون مع السلطات الإماراتية من أجل محاربة الإرهاب وتبادل المعلومات، بدلاً من اتخاذ القرارات الانفعالية تحت ضغط الإخونجية.
في النهاية فإن هذه الأزمة العابرة ستنتهي، وكما قالت المتحدثة باسم الحكومة التونسية فإن الإمارات كان لديها بالفعل تحذيرات أمنية، وأن القرار سيادي خاص بالإمارات، وليس تعبيراً عن أزمة ثقة أو رغبة في الإساءة لأي طرف أو جهة، وما حصل لن يؤثر على العلاقات بين الإمارات وتونس، ولكن علينا أن نقف أمامها لنتعلم دروسها، ودرسها الأهم هو أن ما يحكم قرارات السلطات الإماراتية هو أمن وأمان المواطن والمقيم على أرض دولة الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة