تهديدات الحوثي التي جاءت مبطنة مدسوسة لدولة الإمارات، وهي بالنسبة لنا لا تساوي قيمة ما طبعت به من حبر، ليست سوى جعجة بلا طحن.
تعيدُ الظاهرة التي تعتبر مولودة حديثا في الساحة العربية زعيم الحوثيين في اليمن "عبدالملك الحوثي" إلى الأذهان أحيانا، صورةَ زعيم ميليشا حزب الله الإرهابية في لبنان حسن نصر الله، وهو -أي الحوثي- الذي بدأ إطلالاته المصورة والمسجلة على طريقة ظهور وتعابير وحركات ونظرات نصر الله، في تقليد يعكس في مضمونه حجم التشابه والشراكة بينهما في التعليمات والتدريبات والتوجهات والأهداف، انطلاقا من الراعي الرسمي لهما وهو الولي الفقيه الإيراني، ولم تخل أي من تصريحات الطرفين الأخيرة من إظهار حجم التكامل التام والعلاقة الوثيقة وتوزيع أدوار الإرهاب والتخريب بينهما في المنطقة العربية.
ما قاله "الحوثي" فعليا لا يعكس إلا حجم معاناة مليشياته الإرهابية من الضربات التي توجهها القوات المسلحة الإماراتية ضمن التحالف العربي في اليمن له، ولا يظهر من تصريحاته إلا توق غير محدود إلى التخلص من الدور الإماراتي ذي الأثر المدمر لوجوده على رأس سلطة اختطفها من الشعب اليمني
عبد الملك الحوثي هذه الفترة أخذ يتطاول كثيرا ويتمادى في توجيه خطاباته وانتقاء كلماتٍ تُلَقن له ليقولها أو يكتبها، يسلكُ من خلالها ذات المسار ونفس السياق الذي بدأه منذ فترة حسن نصر الله من خلال ظهوره المتلفز الأخير، وهو استهداف العلاقات السعودية الإماراتية، وفي محاولة ليست الأولى له، وجه بالأمس ما أسماها "نصيحة" إلى دولة الإمارات يدعوها في المضمون إلى الخروج من التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، مدعيا خطورة الموقف وتأثيره السلبي على الأمن والاقتصاد الإماراتي، وهو الذي يعيشُ حالة من الوهم بأن أحدا يستمع إليه أو ينتظر رأيه في هذا الشأن!
حقيقةً، ما قاله "الحوثي" فعليا لا يعكس إلا حجم معاناة مليشياته الإرهابية من الضربات التي توجهها القوات المسلحة الإماراتية ضمن التحالف العربي في اليمن له، ولا يظهر من تصريحاته إلا توق غير محدود إلى التخلص من الدور الإماراتي ذي الأثر المدمر لوجوده على رأس سلطة اختطفها من الشعب اليمني عنوة وقهرا، وليس لحديثه هذا إلا تفسير واحد نفهمه جيدا ضمن التحالف العربي، هو أنه ومن معه يتألمون حد الصراخ مما يتلقونه يوما بعد يوم من ضربات موجعة تلتهم نفوذ الحوثي وتقضي على أحلام طهران في السيطرة على اليمن.
إن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية وتشارك فيه دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن، ليس شيئا قابلا للنقاش أو الجدل، أو أمرا طارئا لحظيا يحتملُ تغيير المواقف والمخططات، إنما هي علاقة مستمرة وشراكة استراتيجية متكاملة بعيدة المدى، جمعت البلدين الشقيقين في كل المستويات وجميع المجالات وشتى السبل، ولا تقل عن كونها علاقة تكامل شعبي ورسمي، أولى أبرز نتاجها التحالف في اليمن، الذي يقف بالمرصاد سدا منيعا وجبلا شامخا أمام أيادي التمدد الإيراني والعبث الإخونجي ليقطعها من جذورها، والذي لن يتوقف حتى يحقق جميع ما بدأ لأجله من أهداف استراتيجية تضمن أمن وسلام واستقرار المنطقة.
أما تهديدات الحوثي التي جاءت مبطنة مدسوسة لدولة الإمارات، فهي بالنسبة لنا لا تساوي قيمة ما طبعت به من حبر، ليست سوى جعجة بلا طحن، ونعلم أنها صرخات ألم يتجرعه ليلا ونهارا هو وأنصاره ومن يقودهم ويوجههم ويدعمهم، على يد رجال التحالف العربي، ورسالتي هي أن طبيعة العلاقات السعودية الإماراتية وحجمها ليسا ضمن مدى فهم أو استيعاب كل من يحاول العبث فيها، وأننا قومٌ نفعل على الأرض، نتقدم وننفذ، ونحرك الأمور كما نشاء معا، وللحوثي أن ينتظر ويرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة