يعرف سكان آسيا الكثير من أدب العالم عبر الترجمات من اللغات الأوروبية، لكن المفارقة أنهم لا يعرفون، بما يكفي، الأدب المنتج بلغات قارتهم.
توجهنا، نحن مجموعة من الكتاب من مختلف البلدان العربية الواقعة في القارة الآسيوية، للمشاركة في «المنتدى الأول لكتاب آسيا» الذي تستضيفه عاصمة كازاخستان.
يعرف سكان آسيا الكثير من أدب العالم عبر الترجمات من اللغات الأوروبية خاصة الإنجليزية والفرنسية، لكن المفارقة أنهم لا يعرفون، بما يكفي، الأدب المنتج بلغات قارتهم لضعف حركة الترجمة منها وإليها، ما يتطلب وضع استراتيجيات ثقافية مشتركة تكون الترجمة مرتكزاً أساسياً فيها.
لدى كتّاب العالم ما يتحدثون حوله حتى لو كانوا من قارات مختلفة. العالم بات واحداً لجهة القضايا التي تشغل بال الساكنين على كوكب الأرض، بيتهم المشترك، فالبشر إزاء تحديات واحدة. لقد كانوا ذلك في الماضي أيضاً ولكنهم اليوم معنيون أكثر بمواجهة الأسئلة الكبرى الناجمة عن تلك التحديات، ومعنيون، أكثر من السابق، ببناء جسور التفاهم والحوار بينهم في قاراتهم المختلفة.
لذا يبدو منطقياً أكثر أن كتّاب كل قارة لديهم أيضاً الكثير مما يمكن أن يتحدثوا حوله حين يلتقون.
فالتناقضات الكونية تجدّ لها تجليات في كل قارة من قارات الكوكب، وإذا كانت الفروقات والاختلافات كثيرة فإن المؤكد هو أن المشتركات بين أبناء كل قارة ليست قليلة، فما يوحدّ البشر أكثر مما يفرقهم، أو هذا هو المفترض.
ترتدي هذه المشتركات أهمية خاصة عند الحديث عن الحاجة لنظام ثقافي جديد، لا يكتفي بتوطيدها وإنما، أيضاً، بإبراز ما للتنوع الثقافي من آثار إيجابية في إثراء المنجز الثقافي الإنساني، لجهة نبذ الانغلاق، وإثراء الثقافات القومية بالتفاعل مع الثقافات الأخرى.
حين يدور الحديث عن آسيا، فنحن إزاء القارة الأكبر في العالم، التي تغطي ما نسبته 30% من مساحة أراضي كوكبنا، وفي بلدانها يعيش نحو 60% من سكان العالم، وتستوعب آسيا أمماً كبيرة، تعدّ من أقدم الأمم وأكثرها عراقة، ولها ما لها من إرث حضاري وثقافي ولغوي، ففي آسيا يعيش العرب والكرد والهنود والصينيون واليابانيون والإندونسيون والكوريون والترك والمغول والفرس والآذريون والكازاخيون والأوزبكيون والقرغيز والطاجاك وأعداد ليست قليلة من الروس وغيرهم.
هذا التعدد الكبير في الأقوام والأمم الآسيوية ليس عامل فرقة، فعنه ينجم تعدد في اللغات والثقافات والفنون والتعبيرات الرمزية، ولا يمكن إغفال حقيقة أن الكثير من الفلسفات القديمة إنما نشأت في الشرق الآسيوي، في الهند والصين وسواهما. وفي آسيا أيضاً نشأت الفلسفة العربية الإسلامية، التي شكلت إضافة خلاقة للتراث الفلسفي العالمي، فسرعان ما بلغت إفريقيا عبر بوابة المغرب العربي وصولاً إلى الأندلس في أوروبا.
يعرف سكان آسيا الكثير من أدب العالم عبر الترجمات من اللغات الأوروبية خاصة الإنجليزية والفرنسية، لكن المفارقة أنهم لا يعرفون، بما يكفي، الأدب المنتج بلغات قارتهم لضعف حركة الترجمة منها وإليها، ما يتطلب وضع استراتيجيات ثقافية مشتركة تكون الترجمة مرتكزاً أساسياً فيها.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة