لا يحق للحوثي وأمثاله توجيه النصح للإمارات أو لدول التحالف العربي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه
لا يمكن لأي متابع لتطورات المشهد اليمني إلا أن يصاب بالدهشة والتعجب في آن واحد، حينما يطالع تصريحات زعيم الحوثيين عبد الملك بدر الدين الحوثي مؤخراً، التي وجه خلالها ما أسماه "نصيحة" لدولة الإمارات في "أن تصدق في إعلان انسحابها من اليمن لأن وضعها يشكل خطورة عليها على المستوى الاقتصادي وعلى كل المستويات"، ليس فقط لأن هذه التصريحات – كسابقاتها- تتضمن العديد من المغالطات والأكاذيب بحق دولة الإمارات، وإنما أيضاً لأنها صادرة عن الشخص الذي تآمر على اليمن وشعبه، وتحالف مع إيران في تنفيذ مشروعها الطائفي للتوسع والسيطرة، وتحويل اليمن إلى جزء من هذا المشروع التخريبي، الذي يستهدف تدمير الدولة اليمنية وتفتيتها.
لا يحق للحوثي وأمثاله توجيه النصح للإمارات أو لدول التحالف العربي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وعليه أن يدرك جيداً أن محاولاته– بالتعاون مع تحالف الغدر والخيانة– لشق الصف السعودي- الإماراتي لن يلتفت إليها أحد، وأن "نصيحته المزعومة" للإمارات، بإعلان انسحابها الصريح من اليمن، وإطلاق التهديدات بحقها، ليست سوى دليل ضعف
تصريحات المارق الحوثي أو "نصيحته"، كما يدعي، تعكس حالة اليأس والإفلاس التي تعاني منها مليشياته الإرهابية التي تتصور أنها الآن في موقف تفاوضي أقوى، يخولها توجيه النصائح للإمارات ودول التحالف العربي في اليمن، والحقيقة أنها تواجه مأزقاً حقيقياً بعدما صارت علاقتها بإيران مكشوفة للجميع، وأنها ليست سوى أداة "مارقة" في تنفيذ أجندتها في المنطقة.
لم تعلن الإمارات- كما يتوهم الحوثي- أنها ستنسحب من اليمن في أي وقت، وإنما أكدت مراراً ولا تزال، أنها ستواصل دورها التاريخي ضمن التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، لأنها تنطلق في ذلك من ثوابت راسخة تنحاز دوماً إلى مصلحة الشعب اليمني الشقيق، والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه. ولعل تصريحات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مؤخراً خلال افتتاح "حديقة شهداء حرس الرئاسة"، هي أبلغ رد على "تخاريف" الحوثي، حينما أكد سموه أن "الإمارات والسعودية شراكة الخندق الواحد في مواجهة التحديات المحيطة.. والهدف الذي يجمعنا أمن السعودية والإمارات واستقرار المنطقة، يجمعنا مصيرنا ومستقبلنا"، وهذا إنما يؤكد ليس فقط المصير الواحد الذي يجمع الدولتين، ويوحدهما في مواجهة المخاطر والتحديات، وإنما يبعث برسالة واضحة إلى أمثال الحوثي وشركائه في تحالف الغدر والخيانة أن التحالف العربي لا يمكن لأحد إحداث شرخ فيه، لأنه تحالف الضرورة الذي يرتكز على القيم والمبادئ والمصير المشترك وروابط الأخوة والدين والمصالح المشتركة والتحديات الواحدة، الذي يعمل من أجل ترسيخ أسس الأمن والاستقرار في المنطقة.
يواصل الحوثي تزييفه "الفج" للحقائق، حينما يزعم أن "استمرار الإمارات في العدوان والاحتلال لبلدنا يشكل خطورة بالغة عليها وتتحمل هي مسؤولية ذلك"، متجاهلاً في ذلك أن مليشياته الإرهابية هي التي احتلت– بأوامره وبتحريض من إيران داعمه الرئيسي- العاصمة صنعاء، وانقلبت على الشرعية الدستورية، شتان الفارق بين ما فعلته مليشيا الحوثي في اليمن من تدمير وخراب، وما قدمته الإمارات لليمن وشعبه من مبادرات إنمائية وإنسانية أسهمت في تخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق، بل ستظل دماء أبناء قواتنا المسلحة الإماراتية الذين استشهد العدد الأكبر منهم في حادث صافر في مأرب عام 2015 صفحة ناصعة في ذاكرة تاريخ المنطقة، ودليلاً على عظم التضحيات التي قدمتها الإمارات- ولا تزال- من أجل اليمن وشعبه.
لا يحق للحوثي وأمثاله توجيه النصح للإمارات أو لدول التحالف العربي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وعليه أن يدرك جيداً أن محاولاته– بالتعاون مع تحالف الغدر والخيانة– لشق الصف السعودي- الإماراتي لن يلتفت إليها أحد، وأن "نصيحته المزعومة" للإمارات، بإعلان انسحابها الصريح من اليمن، وإطلاق التهديدات بحقها، ليست سوى دليل ضعف ويأس وانكسار، لأنه يدرك جيداً مدى ثقل وتأثير القوات الإماراتية المشاركة في اليمن، وأنها تعد قوة فاعلة ورئيسية ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لهذا يُمني نفسه بانسحابها، كما أن تهديداته الجوفاء ضد الإمارات لا يمكن أن تثنيها عن التخلي عن مواقفها الثابتة، لأنها تنتصر دوماً للحق مهما كانت التكلفة والتضحيات.
إذا كان الحوثي، كما يدعي في تصريحاته وخطاباته، حريصاً على مصلحة اليمن وشعبه، فعليه قبل أن يوجه نصائحه للآخرين أن يرجع بذاكرته إلى الوراء قليلاً ليدرك أنه هو المسؤول الأول والأخير عما آلت إليه الأوضاع في اليمن، وأن عليه الآن أن ينزل من برجه العاجي الذي يعيش فيه، كي يرى حقيقة ما تقترفه مليشياته من جرائم بحق الشعب اليمني يومياً، ويتعامل بمسؤولية مع جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، وإلا فليصمت إلى الأبد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة